مأساة إيزيدية تركيا قبل قرن في مذكرات (ميرازي)
إعداد وترجمة: الباحث/ داود مراد ختاري
الحلقة (15)
أمي وأهل البيت تجمعوا حولي، وبدأوا بسيل من الأسئلة، قالت أمي لأخي
قيمز:-
– الآغا كتب إلى عمر بك تلك الرسالة.
– سألت أمي: من الذي كتبها؟.
– أجابها قيمز، لقد كتبها أحمد،- وقد فرحت هي أيضا وديوان الآغا كان
قد تفرق، وأبي وأخي تيمور قد عادا إلى البيت.
– أحمد يعرف كتابة الرسائل؟- لقد سألت أمي.
– قال أخي تيمور:- يكتبها، ويكتبها بصورة جيدة، ولهذا الآغا سعيد
بارك أبي،- وقد جلس بجانبي،ومد يده على كتفي، وأحتضنني.
البيت كله كان فرحا، لأنني كنت أعرف بطلاقة كتابة الرسائل.
في تلك الليلة ما عدا الأطفال الصغار لم ينم أحد، كنا نتحدث طوال الوقت.
أخي تيمور كان كبيرنا نحن الأخوة الثلاثة، كان جريئا وصاحب معرفة، وكذلك راجح العقل، كانت لديه خاصية كالخادم، كان يقف أمام أبيه، حتى ينام أبي ومثل صاحبة البيت يقوم بتغطية أبي باللحاف، ويضع المخدات حوله وقرب ظهره، وبعدها يقول له “ليلة سعيدة، الله يعطيك العافية”. وبعدها يذهب لينام، وفي تلك الليلة أيضا ذهب تيمور لينوم أبي مثل كل الليالي، وذهب هو أيضا ليرتاح وينام، ولكن أبي نادى عليه، وقام من الفراش،وجلس، تيمورعاد وغطى كتف أبي باللحاف كي لا يبرد.
– قال تيمور: نعم، تفضل أنا أسمعك، .
لقد أخرج أبي علبة الدخان من تحت الفراش، وبدأ بلف سيجارته، وبعدها قدم له تيمور النار ليشعلها، لقد أشعلها وقال:-
– تيمور أبني، أنت تعلم بأن في ديننا تعلم الكتابة والقراءة حرام، الشيوخ والبيرة يقولون (بأنه ذنب كبير)، ويصبح الشخص بلا دين وبلا إيمان، وسيذهب مع أبيه وأمه إلى جهنم، ولن يدخلوا تحت طائلة شفاعة الملك طاوس، والذي لا يدخل تحت شفاعة الملك طاوس، لا مكان له لا في السماوات ولا في الأرض، الملا سوف يصبح (تاتا) ضد ديننا”.
والآن بدءوا يرسلون الينا الردود، يقولون “أ ليس عارا، الذي أرسل أبنه للدراسة، لماذا يصنعون الأعداء لديننا، ألا يخاف على إبنه؟” والى الآن لم نستمع إلى أحد منهم، ولكن كلما يمضي الوقت يزدادون.
– سأل تيمور: من هم، الذين أرسلوا الردود؟.
– ألا تعرف.- ممو الحكيم،- عمرخوديدا، جمشيد سمو، شيخ دوريش، بير زاده والكثيرين.
– لا تستمعوا إليهم،
– قالت أمي- فلينهي ابني دراسته.
– قالها أبي- كوزى، – مشكلتنا ليست هذه، كي يضع مهام قاسم على كتفه، مشكلتنا هي، أن يتعلم ويمد العون لشعبنا الغير متعلم- والمتأخر وينافس أمثال الآغا قاسم. فعندما أعمل بحسب كلام الكبار منا، الشيوخ والوجهاء لن يقبلوا. فماذا تقول، ابني أريد أن أعرف وجهة نظرك في هذا.
– أجاب تيمور- أبي، حسبما أرى، علينا أن لانذهب باتجاه الهموم، وان لا نهدم حظه،-.
– اليوم الرسالة التي كتبها لعمو، كانت بالنسبة لنا تساوي الكثير؟- أخي قيمز قال هذا،- شخص مثل سعيد آغا أعطاه القيمة، وبارك أبي. ليدرس، علينا أن لا نجرح مراده، أبي العزيز،أنا خادمك، – أن وجد وأن لم يوجد، فالكلمة هي كلمتك في النهاية، ولساننا لا يستطيع أن ينطق بما لا تريده، وحسبما أرى بأن حظه الجيد بدأ للتو، تعالوا لا نتعس حظه، المرء لا يأكل بفم الآخرين، فليدرس الولد، وليقولوا ما يقولون.
– نعم،يا بني، الكلمة الصحيحة هي كلمتك، وأنا أيضا على هذه القناعة، كنت فقط أريد أن أعرف رأيك ورأي أخيك وأمك، حسناً ماقلتم، ما دمتم على هذه القناعة، فعندما لا ندع الولد يدرس، فسنكسب الذنوب لأنفسنا، كالرجل الذي يذهب إلى المزار، ويمسكه الآخرين بيده لحفزه على التراجع من أداء الفريضة، وكي لا يقول البعض (لماذا تخرجون الولد من المدرسة مادمتم أرسلتموه إليها) لا يا بني،عليه أن يدرس،وأن لا يتخلف مثلنا،بدله حلال عليه، وسيفيد شعبه،والخير الذي يأتي من هذه الأقاويل، ليذهب من حيث أتى. وقد قرروا أن أستمر بالدراسة.
كانوا يتحدثون وأنا كنت أستمع، لماذا كنت أريد أن أدرس، كي أصبح مثل الأستاذ عالما بكل شيء. لقد قلت:-
– سأستمر بالدراسة، لكن يجب أن تضعوني في بيت أخر، لن أبقَ في بيت سوسن أفندي بعد الآن، جواهر خاتون ليست حسنة معي…
أبي مع أخي تيمور أفهموني، بأنه (سيكون عار على سوسن أفندي وأولاده، في اليوم الواحد يضيفون المئات من الأشخاص، فماذا سيقول العالم علينا، حين ننقلك من بيتهم؟ سيكون مصدرا للقلق بالنسبة لهم، لا يجوز، لا يجوز!
– لا يا بني، لقد بقى بعض الأشهر على العطلة المدرسية، في الخريف سوف نضعك في بيت أخر.
في اليوم التالي عدت إلى مدرستي في (ديادين)، ووجه جواهرخانم لم يبدو عليه الراحة.
تُتاح هذه الصورة أيضا في: العربية