أكتوبر 23, 2025

Lalish Media Network

صحيفة إلكترونية يومية تصدر باشراف الهيئة العليا لمركز لالش الثقافي والاجتماعي في دهوك - كوردستان العراق

مأساة إيزيدية تركيا قبل قرن في مذكرات (ميرازي) / الحلقة (5)

مأساة إيزيدية تركيا قبل قرن في مذكرات (ميرازي)
إعداد وترجمة: الباحث/ داود مراد ختاري
الحلقة (5)
انتعشت وازدهرت الحياة في منطقة (تووتك) بعد مجيء عسكر الروس في (1914)
تبين مصداقية قول (حسن سليم) حينما قال: (اقدام الروس بالخير والبركة، انه شعب يمتلك الرحمة)، في الحقيقة أصبحت المعيشة منتعشة وارتاحوا نفسياً، لهذا كان الجماعة يقولون:-
(صخور الترك مزودة بحلقة)، (سطوحهم تتوسع)، (ليذهبوا ولن يعودوا أبداً) (لم نرَ منهم لذة الحياة).
كنا في قرية توتك (ستين إلى سبعين) عائلة من الكرد، نصفهم من الكرد المسلمين، والنصف الاخر من الكرد الايزيديين، كنا نعيش سوية، بحسن الجيرة، كاولاد أعمام، لم تكن هناك فرقة بيننا، كنا متحابين كأخوة، سوية في الحياة والموت، كنا نقول لبعضنا البعض (خالي، عمي، عمة، خالة، ابن العمة، ابن الاخت) كان في سنجق بايزيد خمس قرى ايزدية كانت نصفهم من المسلمين ايضاً.
منذ القدم كان يفرق بيننا الشيوخ والملالي والحكام، الدين كان سبباً لتأخرنا، مع ذلك لم يكن هناك فرق بيننا غير الاختلاف في الدين، أما اعياد الإيزيدية الجميع كانوا يهنئوننا بالعيد، وفي عيد رمضان كنا جميعاً نُهنئهم بعيدهم ايضاً، وكذلك في جميع الاعياد والمناسبات، خلاصة القول: قيافتنا واحدة، لهجتنا واحدة، عاداتنا واحدة، أود ان أقول، لولا الفرق في الدين لم يكن هناك أية فوارق تذكر، لاننا كنا اولاد العم وابناء الاب الواحد.
في وطن الترك الحكومة لم تهتم بالكرد ولا بلغتهم الكردية، وكذلك الاغوات والشيوخ لم يكونوا مبالين للتدريس، لم تكن هناك مدارس في كافة القرى (الصغيرة والكبيرة) الاٌ في المدن فقط، وكانوا يسمونه (مكتوب)، أغاوات الكرد كانوا يرأسون العشائر في القرى، لكل قرية يرأسها أغا وبعض الوجهاء، الجميع كانوا أميين، في منطقة بحيرة (أدمادا) كان هناك ما بين (50 – 60) بك وأغا، و(محمد بك عمر أغا) هو الوحيد من بينهم يجيد القراءة والكتابة، لقد درس في استنبول، شخصية معروفة ورزنة، ونال رتبة (بينباشي)، كان عضداً لشعبه، وساعد الارمن.
كان كل شيخ او أغا يمتلك كاتباً او ملا، يجيدُ القليل من التركية، الكتاب كانوا من الترك او نصف تركي، وبقية الجماعة أميين في ظلام دامس، ولم يكن هناك حتى الاقلام والورق، وحينما تصل الينا رسالة مكتوبة على الورق، ليس الاطفال لوحدهم بل حتى النساء يلتفون حولنا وينظرون إلى كتابة الرسالة، وعندما كنا نضعها بين ايدينا، نحس بان ايدينا ترتجف، وان الرسالة تتأرجح يميناً ويساراً، قالت النساء: (ابيض واسود، انظروا انها كيف ترتعش) انهن ادركن بان المعجزة في هذه الرسالة لهذا يقولن: انها من الخطيئة ادراجها في ماء جاري) إذن، فتأملوا، ان الجماعة كانوا في غاية التخلف والأمية، الفقراء البائسون نسبتهم كانت عالية، لعدم توفر العمل، والعمل فقط عند الاغوات والاثرياء في رعي الاغنام والمواشي، كانت هناك نوع من الغلاء، مهنة الرعاة لا تكفي لإطعام الجميع.
الكرد لم يكونوا يودون الترك، لكن هناك طبقة من البكوات والشيوخ الكرد، قد طمعوا ببعض القروش من الترك، لذا كانت الحكومة التركية تمارس بزيادة الضرائب على الكرد، الموضوع ببساطة: كان باستطاعة البك او اغا القرية ان ينهب القرية، وبامكانه طرد أي شخص من القرية، واي شخص لم يعمل حسب اهواء الاغا كان يُضرب بالعصا، بالاضافة إلى ظلم الترك كان هناك ظلم الاغوات على الاهالي أيضاً.
من اجل توسيع الحدود واملاك العشيرة كانت تدور المعارك الطاحنة، يقتل الرجال بعضهم البعض، والضحايا كانوا من الفقراء، لم يكن هناك من يقول الحق ومن هو المسبب، من اجل توسيع اراضي البكوات نتقاتل فيما بيننا؟
الترك ايضاً كانوا يودون باستمرار القتال بين العشائر الكردية، والبكوات الكرد كانوا ينظرون إلى انفسهم بالعظمة ويقولون:-
(ترك ايادينا، لا عمل لنا).
الكرد كانوا يهربون من الجيش التركي، ويفضلون الانتحار، ولا يقال لهم ( تعالوا واخدموا في الجيش)، حينما كانت تطلق عيارتين ناريتين، الكرد يهربون وينتشرون، لا يودون ان تسيل دمائهم من اجل الترك، وحينما تسنح لهم الفرصة يوجهون فوهات بنادقهم إلى الترك، الروس كانوا يمدون الكرد بالمساعدات، في حرب (1914)، الفرسان الحميدية لم يحاربوا الروس من بايزيد إلى ارض الترك، انتشروا وذهبوا إلى الحدود الايرانية، وكذلك في وادي (كوتوري) لم يحاربوا الروس، بل فسحوا لهم المجال.
الكرد كانوا يدركون بان المساعدات التركية ضعيفة، ويعلمون انهم السبب في عدم منحهم الامن والاستقرار والحرية والاستقلال.
 

تُتاح هذه الصورة أيضا في: العربية

مقالات ذات صله

الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Copyright © 2021 by Lalish Media Network .   Developed by Ayman qaidi