الباحث/ داود مراد ختاري
رفض زوجي التخلي عن ديانته فنحروه بالساطور.
تحدثت الينا الناجية (غ. خ) من حي القادسية / مركز مدينة شنكال قائلةُ:
خرجنا من شنكال مع عائلة جارنا الكردي المسلم، القي القبض علينا في نقطة سيطرة (ام الشبابيط)، انهالت علينا الشتائم وشهروا المسدس بوجه زوجي وطلبوا منه أن يلعن دينه ويدخل الديانة الإسلامية مع عائلته ، وتم حجزنا في غرفة (كرفان)، أمهلونا نصف ساعة كي ندخل الى الديانة الاسلامية، كان زوجي يعمل سائق سيارة الأجرة بين دهوك وشنكال ومتديناً ، طلبت منه أن ننطق بما يريدون ثم نعود الى ديننا فنحن مجبرون تحت تهديد السلاح، لماذا نعرض أنفسنا الى الموت، لكنه رفض رفضاً قاطعاً وقال: لو قتلوني سأصبح شهيداً لديانتي.
طلب منا تسليم الذهب والمال والمستمسكات، فقلت لهم ما تريدون منا في السيارة، نهبوا ما نمتلك، وطلبت من زوجي تسلميهم الحلقة الذهبية التي في أصبعه كي نتخلص منهم، بعدها عادوا الينا بكلمات بذيئة وطلب مجدداً من زوجي الدخول الى الديانة الاسلامية وفي حالة الرفض سيتم قتله، لكن زوجي رفض أوامرهم، فجلبوا ساطور (سكينة كبيرة) ونحروه خلف الكرفان، وكنت أرتجف خوفاً فقالوا لزوجة ابني لماذا ترتجف هذه المرأة فردت عليهم قائلاً: إنها مريضة ، وفي الحقيقة كنت ارتجف خوفاً وأدركت انهم نحروا زوجي خلف الكرفان ولا نستطع معارضتهم، والجميع كانوا يتحدثون باللغة التركمانية ومعهم المدعو (خالد سعيد الحرداني).
حملونا الى مدرسة في تلعفر ، وفي الطريق سألت الحارس عن مصير زوجي هل حقاً نحرتهموه، فرد غاضباً : لا تسألني عن مصير هذا الكافر، فسكتُ.
وحينما وصلنا الى المدرسة المكتظة بالإيزيدية، لا مكان تضع فيه قدمك ، وبمعيتي (حماتي) إمرأة عجوز كانت مريضة وعلمت بان ابنها قد نحر ، لذا لم تستطع السير ، بعد ثلاثة أيام حولونا الى سجن بادوش، وبعد أيام أخذوا منا (زوجة إبني و ابنتي) سحبت يد ابنتي منهم عمرها (16) سنة لكن أحدهم ضربني بالعصا بكل قوة على يدي فصرخت من الألم وأخذوها، بكيت يوماً كاملاً عليهن لكن هؤلاء لا رحمة في قلوبهم.
بعد أن أخذوا الكثير من الفتيات والنساء ذوات الأعمار الصغيرة، حملونا نحن النساء بخمس سيارات الى تلعفر كان الوقت مساءاً نمنا في المدرسة بلا عشاء.
بعدها بأيام قالوا بان الطائرات قصفت سجن بادوش فنقلوا جميع الفتيات الى مدرستنا، وقفت في الباب أنتظر (ابنتي وزوجة ابني) ولكني كنت أخاف من الحراس لان وجوههم مليئة بالشعر وملامحهم كالوحوش الكاسرة، يا لهم من وحوش البشر، وأخيراً جاءت زوجة ابني مع أطفالها وقالت : انهم أخذوا ابنتك (فلانة) الى جهة مجهولة.
بقينا (28) يوماً في هذه المدرسة ، كان طعامنا قليل والاطفال يتباكون من الجوع ونوح العجائز لا يتوقف، ولطم النساء متواصلة ليل نهار، في أكثر الأحيان الكثير من العوائل لا تحصل على صمونة واحدة ، فكنت امنح حصتي من الأكل الى أطفالهم وأبقى جائعة، وابلل صمونة حماتي بالماء كي تستطيع هضمها ، وفي يوم جاء الدواعش وأخذوا الفتيات والنساء صغيرات العمر فأخذوا زوجة إبني مع أطفالها ، توسلت بهم كثيراً لكن دون فائدة.
بعد فترة جاء مجموعة من الرجال قالوا هؤلاء قد أسلموا وسيأخذون عوائلهم الى قرية شيعية في (كسر المحراب)، ثم بقينا نحن العوائل الذين لا رجال لهم، فحملونا الى قرية كسر المحراب أيضاً، وكان الوقت صيفاً والحرارة في أشد درجاتها، نزلنا بالقرب من جدار لدار ومعي العجوز، بكيت كثيراً جاءت الينا مجموعة من نساء قرية كوجو (في السابق كنا نعيش في قرية كوجو لمدة 17 عاماً ثم تحولنا الى مركز قضاء شنكال لذا كانت بمعرفتي بأهل كوجو طبيعية لاني واحدة منهن) فأخذونا الى أحد الدور، كان الحراس يتعاملون معنا كالأعداء لهم وكنا نخاف من ملامحهم وتصرفاتهم ، كنا النساء فقط من أهل كوجو، لقلة الرجال من أهل القرية، كانوا أربعة وذهبوا لرعي الاغنام خارج القرية ، وتوفيت حماتي في القرية ودفناه في مقبرتهم .
بعد فترة نقلونا الى تلعفر وذهبت الى إحدى عائلة أقرباءنا،
في احد الأيام ذهبت الى شخص من معارفنا في المراعي كي يزودنا بالحليب، فقال لي كل فترة تعالي وأخذ كفايتك من الحليب، في هذه الاثناء جاء المدعو (خالد سعيد الحرداني) كان حاملاً الحزام الناسف، وتحدث عن مشاركاته في الحرب ضد البيشمركة، وسألته عن سبب نحرهم لزوجي في اليوم الأول عند سيطرة أم الشبابيط ، وهل فعلاً نحرتهموه وما مصير الجثة، رفض الإجابة، وبعدها بيومين سمعنا بأنه قتل نتيجة قصف طائرات التحالف، فإلى جهنم وبأس المصير.
واما عن كيفية نجاتها ونجاة زوجة إبنها (التي نجت قبلها بأشهر) فلكل واحدة منهن رحلة مأساوية عند النجاة لا أستطيع نشرها حالياً لدواعي أمنية .
تُتاح هذه الصورة أيضا في: العربية