الباحث / داود مراد ختاري
تحدثت لنا الناجية (ن م ب 1994) قائلةً:
تجمعنا في مدرسة كوجو قبل الظهيرة من يوم 15 -8-2014 ، وضعوا الحقائب في باب المدرسة وطلبوا منا أن نضع فيها الموبايلات والنقود والذهب، نهبوا ما نمتلك، ثم أخذوا الرجال بالسيارات وقال أحد من أبناءنا لقد سمعت صوت العيارات النارية ورأيت من الشباك في الطابق العلوي أنهم يقتلون رجالنا، ولحين مفرق تل قصب كنا نتصور انهم سيأخذونا إلى الجبل، لكن أخرجونا إلى معهد سولاخ – لم يكتمل بناءه بعد – مع الأطفال والنساء وفصلوا بعضنا عن البعض – ( النساء الطاعنات في السن في الحديقة، المتزوجات في الطابق العلوي، الفتيات الباكرات في الحديقة الخلفية)، أخذوا (150) فتاة في الساعة الحادية عشر ليلاً تحت إضاءة المصابيح اليدوية بأربعة منشآت نقل من سنجار إلى الموصل، وفي الطريق كان داعشي أسمه (ابو بتّات) يتجول في السيارة ويتحرش بالبنات، فصرخت في وجهه عدة مرات ولكن دون جدوى فشهر المسدس بوجهي.
نزلنا في دار كبير في الموصل وفيها أعداد كبيرة من الفتيات جميعهن من أهل شنكال، وحينها سألني المسؤول أسمه (نافع عفري) لماذا كنتِ تصرخين في الطريق؟ فصفعني لذلك ثلاث مرات.
دعتني مجموعة من البنات من أهل قرية (حردان) لشرب الشاي لكني رفضت وسألتهن عن الوضع في السجن وعمل الدواعش القذر؟.
قائلات : التعامل سيء جداً، وبأفعال قذرة خارج حدود الله والإنسانية.
أما بالنسبة إلى عائلتي، فقد بقيت شقيقاتي ووالدتي في تلعفر، وكان معي أربعة من قريباتي، حولونا نحن الباقيات وكان عددنا (63) فتاة إلى منزل آخر، فتفرقنا عن عائلاتنا.
وفي كل يوم كان الأمراء يأتوننا ويختارون الجميلات – حسب رغبتهم- ويأخذونهن رغما عنهن.
في أحد الأيام جاء شخص وأراد أن يأخذني، فتناولت نوعاً من الحبوب، انهارت قواي وفقدت الوعي لذا تركني.
وبعدها بأيام جاء الأمير (حجي شاكر) واختارني مع أربع فتيات أخريات وقال للحراس : سأرجع بعد أيام هذه الفتيات الأربع محجوزات لي وأدخلهن إلى غرفة خاصة.
قلت للفتيات بعد ثلاثة أيام: هذه ليلة الأربعاء سنصوم غداً لـ (شيخ مند) لعله ينقذنا من هذه المصيبة، بقينا تلك الليلة هناك، وفي الصباح جاء أميرهم (مسؤول السجن) وأدخلونا إلى القاعة مع بقية الفتيات ودخلوا الدواعش الذين يودون شراءنا وبدءوا يختارون الجميلات لهم.
جاء داعشي من أهل تلعفر (سمين جداً) واختارني وقال: قم أنتِ فلم أستجب له، ثم كرر كلامه فصرخت في وجهه وقلت له: لالالالا……………
فنادَ على مدير السجن (نافع عفري) وتحدث معه باللغة التركمانية، فرفعني من شعري وقال: يا سبية…… !!! هل تعادين مقاتلي الدولة الإسلامية ؟ فصرخت عدة صرخات أيضاً وزميلاتي جميعهن يتباكون علي، وأصر العفري السمين أن يأخذني، لكني لم أقوم من مكاني ، قال لن أذهب من هنا حتى آخذ هذه الفتاة، وأصر على موقفه وكل ساعة يتردد علي ويطلب مني أن أستجب لأمره.
وهنا بدأت مهزلة الاختيار بينهم في السجن كأنما سوق الغنم، الشراء الأكثر من صغيرات السن وذوات الوجه الحسن، وقالوا إنهم سيبيعونهن إلى أشخاص آخرين بعد عدة أيام وسعر الفتاة الواحدة من (500-1000) دولار.
وعباراتهم كانت “هذه جميلة ولكن هذه أجمل” ، “هذه صغيرة ولكن تلك أحسن منها لم ثمر صدرها بعد”
ومن يرى المشهد وتصرفاتهم مع ملامح وجوههم باللحى المكتظة وشعرهم الطويل كأنما يعيش في العصور الحجرية البدائية للبشر، أختار أحدهم إحدى قريباتي أخذها رغماً عنها بعد ان منعناهم فانهالوا علينا (انا وثلاثة من قريباتي) بالضرب المبرح من كل صوب من قبل الحراس، فقلت له لن أتركها سآتي معها فرد قائلاً: لا أمانع ذلك .
قبل صعدونا بالسيارة جاء وراءنا هذا السمين العفري وقال: هذه الفتاة محجوزة لي.
كان شخص نحيف واقفاً أمام السيارة فترجيت منه بان ينقذني من هذا السمين.
فقال للسمين: هذه الفتاة حجزتها لي منذ يوم أمس فلا يحق لك أن تأخذها فتركني .
أخذ الكثير منا في هذا اليوم ما يقارب 80%من مجموع (63) فتاة.
دخلنا أنا وقريبتي إلى الدار ورأينا (200) داعشي يصلون فيها، أصابنا خوف شديد، جلبوا لنا الأكل…. لم نستطيع أن نتناوله…..أخذوا قريبتي إلى جهة مجهولة….في اليوم الثاني بقيت وحيدةً أخذني الداعشي (سلمان) إلى بيت أخر فيه مجموعة من الحراس فقط .
بعد أيام خرجت من الدار فالقي القبض علي ، تم عقابي بالضرب المبرح وبعذاب شديد ،وأعادني إلى السجن فرأيت مجاميع من الفتيات فيه، بينما قريباتي أخذوهن ولم أراهن بعد، جاءني (سلمان) وأخذني معه وكان له ستة حراس وسائق، شتمتني والدته وقالت : انتم الإيزيدية كفار ويحق للمجاهدين من أمثال ابني أن يفعل بكن ما يشاء، أنتن سبايا، بدأت بالسب والشتم وضربتني بحذائها.
وفي اليوم الثاني حولني إلى دار آخر، حاول التعدي عليّ لكني رفضت.
وبعد تسعة أيام رأيت الحراس الستة غير منضبطين في واجباتهم وخاصة بعد منتصف الليل ينامون، فهربت في الساعة الثانية عشر ليلاً، بعد التجوال في الأحياء، دخلت أحد الدور في حي (الزنجيلي) بعد إبعادي عن منطقة السجن، فقدموا لي المساعدة، واتصلنا بقائم مقام شنكال وكان صديقه في الخدمة العسكرية، وزودوني بهوية مزورة تثبت إني من أهل الموصل وأوصلوني إلى المنطقة الآمنة.
وفي الطريق أتصل أهل السائق به وطلبوا منه العودة وتبين ان الدواعش قد علموا بأنه سيوصل إحدى الفتيات الإيزيديات فقفل السائق هاتفه النقال، وتبين أنهم اعتقلوا والده ، عاد إلى البيت في الموصل بعد وصولي ، لذا أطلق سراح والده، لكنهم صادروا سيارته، وأعلمه احد الدواعش بأنك متهم وعقوبتك هي الإعدام، فهرب مع عائلته من الموصل خوفاً من العقوبة وقبل أيام اتصلوا بنا وهم الآن في طريقهم إلى ألمانيا.
ومازال مصير والدتي مجهولاً وستة من إخوتي وإحدى عشر زوجة من زوجاتهم مع الأطفال ومجموع أفراد عائلتي يبلغ عددهم أربع وأربعين شخص ولا أعلم عنهم شيئاً..
تُتاح هذه الصورة أيضا في: العربية

