أغسطس 04, 2025

Lalish Media Network

صحيفة إلكترونية يومية تصدر باشراف الهيئة العليا لمركز لالش الثقافي والاجتماعي في دهوك - كوردستان العراق

صور وإفادات الأيام الأولى لهجوم الدواعش على الإيزديين في سنجار

صور وإفادات الأيام الأولى لهجوم الدواعش على الإيزديين في سنجار

معد فياض/ قبل 11 عاماً، بالضبط في مثل هذا اليوم من عام 2014، عندما هاجم الدواعش الهمج، القتلة، المرضى النفسيون، الإرهابيون، مدينة سنجار (شنكال) لسبي آلاف الإيزيديات وقتل المئات من الرجال، في حادثة أعادتنا إلى الغزوات البربرية عبر التاريخ لخطف النساء والسرقة والقتل.. أنا كنت هناك، في بيت كبير على أطراف مدينة دهوك، يعود لشخص إيزدي فتحه أمام أبناء ملّته الهاربين من براثن الاعتداء والاغتصاب والقتل الوحشي على أيدي الإرهابيين.

هذه إفادات ليست كاملة لشاهد عيان على الصور والحالات المبكرة لرصد بدايات الفاجعة.. أولى الناجيات والناجين من النساء، الأمهات، الأطفال، البنات، الصبايا، الشيوخ، الجدود، الآباء، والفتية من الأولاد، وصلوا مع الفجر، حيث سار أغلبهم على أقدامهم مسافة تزيد على 200 كيلومتر بلا ماء أو طعام، كان التراب يغطي وجوههم، والهلع، الهلع وليس الخوف، يحكم تصرفاتهم، بينهن من تصرخ.. تصرخ بملء صوتها وروحها، وبعضهن من بقيت صامتة لم تنطق بكلمة لساعات طويلة، والبعض الآخر كن يعبرن عمّا فيهن ببكاءٍ مرّ لفداحة ما تعرّضن له من اغتصاب وضرب وسحل، ولِما رأين بأمّ أعينهن من مشاهد يندى لها جبين الإنسانية.

نور، كان عمرها 12 عاماً، تحدّثت وهي ترتجف، كل ما فيها كان يرتجف، تحدثت لي كيف أن الدواعش سحبوا ابنة عمها من ضفيرتها، من شعرها إلى وسط الحوش، تعاون ثلاثة أشرار على سحبها والاعتداء عليها وهي تصرخ، كان عمرها 13 عاماً عندما فعلوا هذا بها وسبوها، بينما نور كانت تختبئ بعيداً عن أنظارهم وتسمع صراخ ابنة عمها.. قالت: “الذين هاجمونا كانوا جيراننا من العرب المسلمين، كانت أمي تخبز وتبعث لهم الخبز ونزورهم ويزوروننا.. لماذا فعلوا هذا بنا؟ نحن جيران”. ثم باغتتني بسؤال: “عمو، أنت عربي؟”، شعرت بالخجل وكأنني أتحمل مسؤولية ما جرى لهم من فظائع على أيدي العرب، أجبت: كلا.. لا أنا “مو عربي وتعلمت اللغة العربية لكنني مو عربي”، قلت وأنا أُداري حرجي أمام هذه الطفلة التي لا تستطيع براءتها أن تفسّر لماذا هاجمهم جيرانهم العرب واختطفوا بنات عمها وقتلوا والدها وشقيقها.

أم إيزدية كانت تحتضن طفليها وتتّكئ في زاوية القاعة مستغرقةً بتفكيرها، سألتها إن كانت عائلتها قد نجت من هجوم الدواعش؟ أجابتني بدموع عينيها قبل أن تتكلم، قالت: “ابنتي عمرها 11 سنة، وابني 15 سنة، وزوجي لم ينجُ بعد، أتمنى أن يكونوا قد تخلّصوا من أيادي المجرمين، وأنا في انتظار أن يصلوا إلى هنا”. بعد يومين عدت إلى البيت الذي استضافهم وسألتها عن عائلتها، كانت حزينة جداً وأجابتني بإيماءة من رأسها تنفي وصولهم.

ايزيديون ناجون من تنظيم داعش/ تصوير.. معد فياض)

“ما غزر الملح والزاد معهم”، هكذا بدأ أحد الشيوخ حديثه معي، لم أضف شيئاً إذا قلت إن حالته كانت بالفعل مزرية وتعبّر عمّا عاشه خلال الـ 12 ساعة الماضية، استرسل قائلاً: “لا أعرف أين أبنائي وحفيدتي وابني وزوجته.. كنا قد هربنا محاولين صعود التل لكنهم لحقوا بنا، لا أدري كيف نجوت، لكن صراخ حفيدتي وزوجة ابني باقٍ في أذني”. وأضاف: “الذين هجموا علينا وقتلوا أولادنا وإخواننا وسبوا بناتنا كنا نستضيفهم في مضايفنا (ديوخانة) ويأكلون من طعامنا، فكيف أصبحنا بنظرهم كفرة وطعامنا حرام؟ العرب يقولون الزاد والملح يغزر في العلاقات ويقويها، لكن لم يغزر زادنا وملحنا فيهم”.

القصص التي كانوا يتبادلونها فيما بينهم عن هروب فلانة ونجاة فلان وبالأسماء، وخطف كذا بنت وصبية وشابة.. قصص كأنها وردت في حكايات من الخيال الأسود، الخيال الدموي، وردت في روايات تاريخية عن غزوات ومذابح، حيث تم سبي الآلاف من البنات والنساء وقتل المئات من الشباب والشيوخ.

وحسب ديندار زيباري، منسق التوصيات الدولية في حكومة إقليم كوردستان، فإن عناصر داعش أقدموا على اختطاف 6.417 مواطناً إيزدياً، “وتم حتى الآن إنقاذ 3.590 شخصاً منهم”، فيما لا يزال 290 ألف نازح إيزدي يتواجدون في مخيمات إقليم كوردستان وخارجها، كما تم إرسال أكثر من (1.100) من النساء الناجيات إلى ألمانيا لتلقي العلاج”.

مجموعة من الفتيات الناجيات من الدواعش/ تصوير.. معد فياض)
وفي إحصائية رسمية، فإن هجوم تنظيم داعش الإرهابي على الإيزيديين في سنجار (شنكال) خلّف 5 آلاف شهيد، و2.745 يتيماً، و83 مقبرة جماعية، وفجّر التنظيم الإرهابي 68 مزاراً ومرقداً إيزدياً.

ولكن يبقى السؤال الأهم هو: هل سينجو الجناة من العقاب؟ وهل سيطوي التاريخ أبشع جريمة في التاريخ الحديث؟

زيباري، منسق التوصيات الدولية في حكومة إقليم كوردستان، أشار إلى تشكيل الحكومة “اللجنة الوزارية العليا للاعتراف بجرائم داعش كإبادة جماعية في عام 2020، بهدف محاكمة الجناة محاكمة عادلة”. وتابع: “في 28 نيسان 2021، صادق مجلس الوزراء على مشروع قانون المحكمة الجنائية المختصة بجرائم داعش في إقليم كوردستان، بهدف محاكمة إرهابيي داعش على ارتكابهم جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية والإبادة الجماعية، وأُرسل إلى برلمان كوردستان، لكنه رُفض من قبل المحكمة الاتحادية”.

وبالتعاون بين حكومة إقليم كوردستان والفريق الأممي (يونيتاد)، “وُثّق أكثر من (42.000) ملف، أي ما يعادل (408.540) صفحة من وثائق جرائم داعش رقمياً”، بحسب المسؤول الكوردي.

يُشار إلى أن 18 برلمانياً ومؤسسة من مختلف دول العالم اعترفوا بالإبادة الجماعية للإيزديين حتى الآن.

تُتاح هذه الصورة أيضا في: العربية

مقالات ذات صله

الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Copyright © 2021 by Lalish Media Network .   Developed by Ayman qaidi