نيجيرفان بارزاني: مسؤولية الحكومة العراقية تحتم عليها ألا تسمح بأن تكون سنجار ساحة للصراع
أعرب رئيس إقليم كوردستان عن الأسف لكون نصف المكون الإيزدي الأصيل لا يزال رغم مرور 11 سنة على الإبادة الجماعية التي استهدفته، يقطن مخيمات النزوح في ظل ظروف صعبة وقاسية، و”لا يمكن أن تبقى سنجار ساحة لصراعات الفصائل المسلحة وحسم الأجندات الإقليمية”.
شهدت مدينة أربيل اليوم (28 تموز 2025) فعالية لمنظمة (يزدا) الإيزدية إحياء للذكرى 11 للإبادة الجماعية للإيزديين، حضرها القنصل العام الأمريكية وعدد من المسؤولين، وألقى خلالها المتحدث باسم رئاسة إقليم كوردستان، دلشاد شهاب، كلمة رئيس إقليم كوردستان، نيجيرفان بارزاني.
في كلمته، أكد نيجيرفان بارزاني على الاستمرار في مساعي تحرير المختطفين الإيزديين والكشف عن مصائرهم، وتعهد بعدم التوقف عن هذه المساعي لحين الكشف عن مصير آخر مختطف أو تحريره.
وفي جانب آخر من الكلمة، حمل رئيس إقليم كوردستان الحكومة الاتحادية العراقية مسؤولية عدم السماح باستخدام سنجار والمناطق الإيزدية من قبل الفصائل المسلحة والميليشيات كميدان لها،وقال إن على الحكومة الاتحادية إعادة الأمان والأمن والخدمات لسنجار وأطرافها لطمأنة الإيزديين ومساعدتهم في العودة إلى ديارهم وإعمارها واستئناف الحياة فيها.
وأدناه نص كلمة رئيس إقليم كوردستان، نيجيرفان بارزاني:
الحضور الكرام
طاب نهاركم،
أهلاً وسهلاً بكم جميعاً في هذه المراسم.
خلال الأيام القليلة القادمة سنحيي الذكرى الأليمة لمرور 11 سنة على الإبادة الجماعية للإيزديين. في كل عام، يحيي إقليم كوردستان بجميع مكوناته، إلى جانب ذكريات مؤلمة أخرى، هذه الذكرى بحزن عميق وبإجلال ووفاء، مستذكراً جميع ضحايا جريمة القرن النكراء تلك. الجريمة والإبادة الجماعية المنقطعة النظير عبر التاريخ والتي ارتكبها تنظيم داعش الإرهابي في سنجار (سنجار) والمناطق الإيزدية ضد أهلنا المدنيين الأبرياء من الإيزديين.
نثني على هذا النشاط الذي نظمته منظمة (يزدا) بدعم من منظمة (جيرمان كوبريشن)، لإحياء هذه الذكرى. إن من دواعي التقدير والإشادة أن الناجيات والناجين الإيزديين الذين تم تحريرهم من قبضة داعش، لهم دور أساس في إعداد وتنظيم وإدارة هذا النشاط. هذا دليل على القوة وعدم الاستسلام والإرادة القوية في النهوض والاستمرار.
أبارك أيضاً لهؤلاء الذين أكملوا بنجاح برنامج (اعرف حقوقك) التدريبي، وأعرب عن تأييدي الكلي لجميع الملاحظات والتعليقات والاقتراحات والمطالب التي طرحها الناجون بخصوص (قانون الناجين الإيزديين) في العراق.
إن من واجبنا أن نكون هنا اليوم. نحن هنا لنؤكد استعدادنا والتزامنا بتقديم كامل الدعم وكل المساندة لمواطنينا الإيزديين. لنقول لهم: أنتم لستم وحدكم، نحن معكم كما كنا دائماً وسنبقى معكم في كل حين.
رغم جميع آلام الماضي، فإننا ننظر إلى المستقبل بأمل. سنكون معاً يداً بيد ونعمل معاً لمداواة جراحكم التي نعلم أنها عميقة جداً ولا تُشفى بسهولة. لقد شهد شعب كوردستان على مدار تاريخه كوارث وإبادات جماعية كثيرة، لكنه نهض دائماً أقوى. لن ننسى الضحايا والآلام، وواثقون من أننا سنتجاوز هذا أيضاً معاً.
الحضور الكرام..
إن من دواعي الأسف والقلق العميقين أن تمر 11 سنة على الإبادة الجماعية للإيزديين، ولا يزال نحو نصف هذا المكون الأصيل والأساس لمجتمعنا يعيش حياة النزوح القاسية في المخيمات. يعيشون في ظروف اقتصادية واجتماعية ونفسية صعبة. لم تجر إعادة إعمار لمناطقهم التي ليس فيها من الأمن والاستقرار ما يكفي لطمأنتهم للعودة إلى ديارهم، والأصعب من كل هذا: عدم تحقيق العدالة للمجتمع الإيزدي.
في سنة 2014 وما بعدها، عندما كان داعش على بعد كيلومترات قليلة منا، وكانت بغداد قد قطعت عنا حصتنا من الموازنة، وكان إقليم كوردستان في وضع اقتصادي وأمني صعب وقاسٍ للغاية، لكنه مع ذلك فتح أبوابه مرحباً بجميع مكونات العراق الفارين إلى كوردستان هرباً من بطش الإرهاب والتطرف والعنف.
في تلك الأيام، أظهر أهالي بهدينان خاصة وكوردستان عامة أقصى درجات الكرم وفتحوا احضانهم وبيوتهم ومدارسهم ومساجدهم وكنائسهم للنازحين، وهذا مدعاة فخر وتقدير كبيرين وهو أمر لا يمكن أن يُنسى أبداً. منذ ذلك الحين وحتى الآن، بذل إقليم كوردستان كل ما في وسعه ولم يدخر جهداً في خدمة النازحين، وخاصة الإيزديين منهم، لكن بصراحة، هذا ليس كافياً!
نحن مطلعون عن كثب ويؤلمنا ضميرنا عندما نرى طفلاً إيزدياً ولد في المخيمات، ويبلغ عمره الآن 11 عاماً وهو لا يزال مضطراً لتحمل بيئة وحياة ومعيشة صعبة. حياة المخيمات هي استمرار للمعاناة التي بدأت منذ 11 سنة. ليس من العدل أن يقضي مواطن عراقي، من هذا البلد الثري الذي يمتلك كل هذه الإمكانيات والثروات، حياة بائسة لمدة 11 سنة في المخيمات! المساعدات الإنسانية للإيزديين ليست كافية أبداً والمسألة أكبر من ذلك بكثير.
من واجب الحكومة العراقية أن تعتني بمواطنيها الإيزديين بشكل أفضل وأن تولي اهتماماً أكثر جدية بهم. مسؤولية الحكومة العراقية بالدرجة الأولى تحتم عليها أن لا تسمح بعد الآن بأن تكون سنجار والمناطق الإيزدية ساحة صراع للفصائل المسلحة والميليشيات. عليها أن تعيد الأمن والأمان والخدمات إلى سنجار ومناطقهم الأخرى، لتمنح للإيزديين الثقة بأنهم يستطيعون العودة وإعمار ديارهم.
من هنا، نؤكد مرة أخرى مطالبتنا بتنفيذ اتفاقية حكومة إقليم كوردستان والحكومة الاتحادية العراقية لتطبيع الوضع في سنجار، كما نطالب بجعلها محافظة. لا يمكن أن تبقى سنجار إلى الأبد ساحة صراع للجماعات المسلحة ولتنفيذ الأجندات الإقليمية. إن استمرار هذا الوضع في سنجار وأطرافها ظلم كبير يُرتكب بحق الإيزديين، في الوقت الذي يجب مساعدتهم ودعمهم للنهوض وإعادة بناء الحياة.
كذلك، من واجب المجتمع الدولي أن يكون أكثر اهتماماً بالإيزديين، ويساعدهم في إعادة إعمار مناطقهم المدمرة، ويدعمهم من أجل تحقيق العدالة ومعاقبة المجرمين. نشكر جميع الدول التي أقرت الإبادة الجماعية للإيزديين كجريمة إبادة جماعية. سنستمر في عملنا وجهودنا على المستوى الدولي لتوسيع الاعتراف بالإبادة الجماعية للإيزديين. إن حماية مكون أصيل في المنطقة واجبة علينا في إقليم كوردستان والعراق وواجبة على الإنسانية جمعاء، وعلى الجميع أن يؤدوا واجبهم تجاه الإيزديين.
نؤكد لجميع أخواتنا وإخواننا الإيزديين أننا سندافع عنهم ونحميهم في كل وقت وفي كل مكان عندما تدعو الحاجة لذلك. كما أؤكد مرة أخرى أن مكتبنا لإنقاذ المختطفين الإيزديين سيستمر في عمله وطالما بقيت إيزدية او إيزدي واحد مختطف، سيفعل كل ما يلزم لإنقاذهم أو الكشف عن مصيرهم.
نحن نعلم جيداً أنه لم يتغير شيء خلال أحدى عشرة سنة لكثير من العائلات الإيزدية التي لا تعلم شيئاً عن المفقودين من أفرادها، ولا تزال تعيش في نفس المعاناة. قلوبنا معهم ونقول لهم: لن نتخلى عنكم حتى نحصل على أخبار نهائية عن مصير أحبائكم.
تحية لذكرى وأرواح ضحايا الإيزديين ولإرادة وصمود الإيزديين القوي. تحية لذكرى وأرواح جميع البيشمركة الأبطال الذين ضحوا بأرواحهم تحت قيادة الرئيس مسعود بارزاني لتحرير سنجار وحماية جميع مكونات كوردستان والعراق.
شكراً جزيلاً.
نيجيرفان بارزاني
رئيس إقليم كوردستان
28 تموز 2025
تُتاح هذه الصورة أيضا في: العربية