يونيو 02, 2023

Lalish Media Network

صحيفة إلكترونية يومية تصدر باشراف الهيئة العليا لمركز لالش الثقافي والاجتماعي في دهوك - كوردستان العراق

تقرير: ضغوط إقليمية على حكومة الكاظمي لوقف عمليات الجيش في شنگال

تقرير: ضغوط إقليمية على حكومة الكاظمي لوقف عمليات الجيش في شنگال

نجحت قوات الجيش العراقي بالسيطرة على مناطق عدة في ضواحي مدينة شنگال (سنجار) في الأيام الأخيرة، على حساب ميليشيات تابعة لحزب العمال الكوردستاني، قبل أن تبرز مؤشرات على توقف عملية التقدم في المنطقة.

وتتباين تفسيرات هذا التوقف، بين من يتحدث عن تحقيق الجيش هدفه بطرد الميليشيات من مركز مدينة شنگال، وبين حديث مصادر سياسية عن تعرّض حكومة مصطفى الكاظمي لضغوط لوقف تحرك الجيش. إلا أن الأخير ينفي ذلك، مؤكداً استمرار عمليات فرض القانون في المدينة.

وبدأت الاشتباكات في شنگال (115 كيلومتراً غربي الموصل)، في 2 مايو/ أيار الحالي، مع إطلاق الجيش العراقي خطة انتشار جديدة في ناحية سنوني شمالي المدينة، التي تخضع لنفوذ فصائل مسلحة مرتبطة بحزب العمال الكوردستاني، وترفض وجود قوات الجيش أو الشرطة فيها.

وسبّبت الاشتباكات موجة نزوح جديدة لمئات العوائل إلى مخيمات النزوح في إقليم كوردستان، هرباً من الأوضاع غير المستقرة. وأسفرت المواجهات التي جرت بين 2 و4 من الشهر الحالي عن مقتل جندي بالجيش وجرح 11 آخرين مقابل ثلاثة قتلى ونحو 20 مصاباً من أفراد ميليشيا «وحدات حماية شنگال»، الذراع المحلية لحزب العمال.
الجيش العراقي يسيطر على مناطق عدة بضواحي شنگال

ونجحت قوات الجيش، فجر أول من أمس الجمعة، في فرض سيطرتها العسكرية على مناطق عدة في ضواحي شنگال، بما فيها بلدة سنوني ومجمع حطين وعدد من الطرق الرابطة بين هذه المناطق وبين مركز مدينة شنگال.

كما استعادت قوات الجيش السيطرة على عدة مبانٍ ومقرات حكومية كانت تخضع لسيطرة الميليشيات التابعة لحزب العمال الكوردستاني PKK، وذلك عقب اشتباكات متقطعة أوقعت خسائر من كلا الطرفين.

وأصدرت قيادة العمليات العراقية المشتركة يومي الخميس والجمعة الماضيين عدة بيانات عسكرية موجهة لأهالي شنگال، تطالبهم بعدم النزوح والبقاء في منازلهم، وتذكّرهم بأن مهمة الجيش الحفاظ على أمن المدينة وسيادة القانون فيها، مع وعود بإعادة الإعمار والبناء وتأهيل الخدمات ضمن مرحلة ثانية مقبلة تأتي لاحقاً.

إلا أن مسؤولين محليين في محافظتي دهوك وأربيل في إقليم كوردستان يؤكدون استمرار عمليات النزوح حتى مع انتهاء الاشتباكات. وقد وصل نحو 10 آلاف شخص من أهالي شنگال إلى مخيمات ومعسكرات نزوح جنوبي دهوك وغرب أربيل، بحسب تصريح مدير دائرة الهجرة في دهوك، بير جعفر.

وفي السياق، نقل موقع ‹العربي الجديد› في تقرير له، عن مصدر عسكري في قيادة عمليات نينوى قوله، إن «قوات الفرقتين العشرين والخامسة عشرة، والفرقة المدرعة التاسعة، نجحت خلال الأيام الثلاثة الأولى من عمليات الانتشار (2 و3 و4 مايو الحالي) في السيطرة على مناطق حيوية ومهمة وطرد المسلحين التابعين لحزب العمال منها، مثل مجمع حطين ومنطقة دوكري ومحلات عبد الله، وعمارة آوات علي، وشرق منطقة خانصور».

وأكد المصدر أن «القوات العراقية تفرض سيطرتها حالياً على مناطق الأحياء السكنية ومراكز شنگال وسنوني بالكامل، إلى جانب قرى مختلفة حققت فيها وجوداً في الأيام الأولى من عملية فرض القانون».

لكنه لفت إلى أن «العملية العسكرية لم تحقق كل أهدافها»، لأسباب قال إنها «ترتبط بتوجيهات القيادة العسكرية في بغداد، وكذلك صعوبات تتعلق بتحصن الميليشيات بالمدنيين وعمليات النزوح التي أخذت بالازدياد، لكن الجيش حقق جزءاً كبيراً منها».

وأقر المتحدث نفسه بأن «مناطق خانصور وبيشخابور وجبل شنگال ما زالت معاقل رئيسية لحزب العمال والتشكيلات المرتبطة به، وهناك مقرات كاملة ومخابئ سلاح داخل كهوف وأنفاق حفرها الحزب بمساعدة سوريين متخصصين بعمليات الحفر تم استقدامهم في الأشهر الماضية من الحسكة المجاورة، داخل جبل شنگال غربي المدينة».

هل هناك ضغوط سياسية وراء وقف تقدم الجيش العراقي في شنگال؟

لكن نائباً مستقلاً في البرلمان العراقي تحدث عن ضغوط سياسية وأخرى لفصائل مسلحة، كانت سبباً في وقف تقدّم الجيش العراقي في شنگال.

وقال النائب الذي طلب عدم ذكر اسمه، إن «أطرافاً سياسية وفصائل مسلحة اتهمت رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي بأنه أطلق العملية في شنگال في هذا التوقيت، تجاوباً مع المطالب التركية بمكافحة حزب العمال وأذرعه في شنگال».

ولفت إلى أن «مهمة الجيش العراقي الجديدة كانت تنفيذ أوامر قبض بحق متورطين بعمليات استهداف الجيش وإعاقة عودة الدوائر الحكومية والقضائية للمدينة، وكذلك بعمليات تهريب مخدرات وأسلحة بين العراق وسوريا، عبر منطقة بيشخابور، إلى جانب فرض سلطة الدولة ووقف ظاهرة ما يعرف بالمواقع الخاصة، وهي مناطق ترفض الفصائل المسلحة دخول الجيش أو الشرطة إليها».

وأشار إلى أن «الضغوط أدت إلى وقف عمليات الجيش، وفي الوقت نفسه تدخّلت فصائل مسلحة لإقناع مسلحي وحدات حماية شنگال وايزيدي خان (المرتبطة بحزب العمال الكوردستاني)، بوقف مهاجمة الجيش والانسحاب إلى خارج المناطق السكنية والبقاء في أطراف شنگال وسنوني وعدد من القرى العربية التي يريد الجيش العراقي إعادة أهلها إليها وتقع جنوب وشرقي شنگال، مقابل ضمان عدم ملاحقتهم، والسماح بدخولهم المدينة والبلدات التابعة لها، لكن بدون سلاح وبصفة مدنية».

ووفقاً للمصدر ذاته، فإن مسلحي «وحدات حماية شنگال» وميليشيا «ايزيدي خان» «انسحبوا من مراكز الأحياء السكنية والأسواق والمجمعات المأهولة بالسكان ضمن مركز مدينة شنگال، وناحية سنوني ومجمع حطين وقرى عين الغزال والكرسي وعرب شمر وقرى أخرى مجاورة لها، باتجاه معسكرات وثكنات تمتلكها تلك الجماعات في جبل شنگال وخانصور وفيشخابور المحاذية للحدود العراقية السورية ضمن التفاهمات التي جرت أخيراً».

وأكد أن مبنى المستشفى العسكري في سنوني، الذي كان خاضعاً لسيطرة مسلحي وحدات حماية شنگال المعروفة اختصاراً بـ YBŞ، جرت السيطرة عليه من قبل القوات العراقية.

وأوضح النائب أن «شنگال وضواحيها تشهد حالياً ما يمكن اعتباره هدوءاً حذراً، ولهذا، فإن القوات التي وصلت أخيراً للمدينة ما زالت تنتشر وكذلك الدروع والدبابات، واحتمالية عودة المواجهات قائمة في حال عاودت تلك الجماعات الانتشار داخل المناطق السكنية».

توجيهات الحرس الثوري

كما أن مسلحي PKK يحظون بدعم ميليشيات الحشد، وذلك بتوجيهات مباشرة من طهران.

الخبير الأمني العراقي حميد العبيدي، يرى أن «أس التعاون بين الفصائل المسلحة وحزب العمال قائم على الرؤية الإيرانية والتوجيهات التي تصدر من الحرس الثوري، وفضلاً عن رغبة إيران بإيجاد خط طول عسكري مع أربيل، فإنها تستهدف إبقاء تلك المنطقة الحيوية تحت حكمها».

ويضيف العبيدي في تصريح لـ (باسينوز)، أن «دفع الحشد الشعبي نحو هذا التعاون يخالف توجهات الحكومة العراقية التي تعتمد أولاً لغة الحوار في حل مسألة العمال الكوردستاني، لكنها أخيراً استعملت القوة كذلك، وهو ما يؤكد وجود تحول في موقف بغداد من هذه العناصر الخارجة على القانون».

ويرى العبيدي، أن «الإشكالية الكبرى هي هذه العلاقة الملتبسة بين الحشد والعمال الكوردستاني، ما يستدعي فرز المواقف وسحب جميع الحشود، وإنهاء تلك العلاقة، وإعادة الأموال التي أخذوها إلى خزينة البلاد».

وترى طهران في شنگال، ممراً لتوسيع عملياتها إلى سوريا ولبنان ومنهما، أما تركيا فتتخذ من شنگال مصداً لتحقيق مصالحها في القضاء، باعتباره مهماً بالنسبة إليها، وفقا لمحللين.

الجيش العراقي: عملية شنگال مستمرة

المتحدث باسم قيادة العمليات المشتركة، اللواء تحسين الخفاجي، أكد في تصريح أورده التقرير، أن «عمليات فرض القانون مستمرة في مدينة شنگال ولن تتوقف إلى حين تحقيق كامل الأهداف، التي انطلقت من أجلها».

وقال الخفاجي، إن «عمليات الجيش حققت نجاحاً كبيراً في شنگال، ولا يمكن القبول بقوة أخرى غير القوات النظامية هناك».

وأضاف أنه «تم إخلاء شنگال حالياً من أي مظاهر مسلحة، كما تم إغلاق المقار الحزبية التي تعمل ضد الدولة العراقية والقانون»، في إشارة إلى مقرات حزب العمال الكوردستاني PKK.

وتحدث عن أن «التعزيزات العسكرية الموجودة كافية لمواجهة أي تحدٍ أمني، مع وجود طيران الجيش الذي كان له دور مميز في عمليات فرض القانون، وأي مظاهر مسلحة ستظهر لاحقاً، ستواجه بشدة».

«مناورة» PKK في شنگال

من جهته، قال النائب في البرلمان العراقي عن مدينة شنگال، محما خليل، إن «الحكومة مطالبة بعدم وقف عمليات فرض القانون في المدينة، والعمل بعيداً عن أي ضغوط سياسية كما نسمع الآن».

واعتبر أن «الوضع في شنگال يحتاج مزيداً من عمليات ضبط الأمن، ولا يمكن استقراره مع وجود عناصر مسلحة تعمل ضد الدولة، داخل المدينة أو في ضواحيها، مع أسلحة متوسطة وثقيلة».

وأضاف أن «وجود ميليشيات تابعة لمسلحي حزب العمال الكوردستاني في شنگال، هو الذي منع تطبيق اتفاق بغداد ـ أربيل بخصوص تطبيع الأوضاع في شنگال (تم توقيعه في أكتوبر/ تشرين الأول 2020)، فعناصر هذه الميليشيات تمنع تطبيق الاتفاق من خلال سيطرتها على بعض المناطق بقوة السلاح، وكذلك بدعم أطراف عراقية متنفذة، سياسية ومسلحة لها».

واعتبر خليل، أن «ابتعاد مسلحي حزب العمال الكوردستاني عن الأنظار أو انسحابهم من بعض المناطق لا يعني أن المشكلة انتهت. هذه مناورة مكشوفة، ووجودهم يعني استمرار الأزمة، ولهذا يجب استمرار عمليات الجيش».

وتعثّرت الحكومة العراقية في تنفيذ اتفاق تطبيع الأوضاع في مدينة شنگال والموقع مع حكومة أربيل في تشرين الأول / أكتوبر 2020، بسبب الانتشار الواسع لمسلحي حزب العمال ورفضهم الانسحاب مع تلقيهم دعماً من قبل فصائل مسلحة حليفة لإيران في بغداد.

انعكاسات للصراع الإقليمي على وضع شنگال

وحول المشهد العام في مدينة شنگال أمنياً وسياسياً، قال رئيس مركز «التفكير السياسي» في بغداد، إحسان الشمري، إن «ملف شنگال وحزب العمال كان يجب أن يبقى بيد الحكومة في بغداد، لكنه تحوّل إلى ملف سياسي وأصبح محور صراع أيضاً».

وأضاف الشمري أن «الأوضاع في شنگال باتت انعكاساً لطبيعة الصراع الإقليمي، خصوصاً بين إيران وتركيا، وبعض الأطراف الأخرى، ولهذا لا يجب النظر إلى ما يحدث في المدينة على أنه شأن داخلي، كون الموضوع مرتبط بعدة فواعل إقليمية وداخلية».

واعتبر أن «الذهاب إلى تهدئة الأوضاع في شنگال حالياً لا يمكن اعتباره حلاً، فهذه التهدئة هي ترحيل للأزمة ليس أكثر، ولهذا على الحكومة أن تأخذ مساحتها في التصدي لأي جهة تريد جعل الأراضي العراقية ساحة صراع إقليمي أو ساحة صراع بين أطراف سياسية داخلية».

وتابع الشمري، أن «التهدئة حالياً جاءت بدفع من جهات معينة، فهناك أطراف عدة تجد أنه ليس من مصلحتنا القضاء بشكل نهائي على حزب العمال الكوردستاني في شنگال، ولهذا دفعت نحو التهدئة كحل مؤقت، لكن هذا الأمر لن ينتج أي استقرار في المدينة». وختم بالقول، إن «استقرار شنگال بحاجة إلى تفاهمات داخلية بين بغداد من جهة وإقليم كوردستان من جهة أخرى، وبين القوى المتنفذة التقليدية في بغداد أولاً وبشكل رئيس».

وترى طهران في شنگال، ممراً لتوسيع عملياتها إلى سوريا ولبنان ومنهما، أما تركيا فتتخذ من شنگال مصداً لتحقيق مصالحها في القضاء، باعتباره مهماً بالنسبة إليها، وفقا لمحللين.

وتعتبر شنگال من أبرز المناطق ‹المتنازع عليها› بين إقليم كوردستان وبغداد، وشُملت بالمادة 140 من الدستور العراقي.

ويحمّل مسؤولون محليون حزب العمال الكوردستاني وفصائل مسلحة حليفة لإيران مسؤولية عدم تطبيق الاتفاق بين حكومتي المركز وإقليم كوردستان، الخاص بتطبيع الأوضاع في شنگال، عازين ذلك لغرض إبقاء غياب هيبة الدولة، واستمرار مكاسبهم الشخصية والاقتصادية واستمرار متاجرتهم بالممنوعات التي تدر عليهم أموالا طائلة.

ويقضي الاتفاق الذي أُبرم في تشرين الأول من العام 2020، بتطبيع الأوضاع في البلدة ‹المتنازع عليها› بين حكومتي بغداد وأربيل، وإخراج الجماعات المسلحة منها، تمهيدا لعودة النازحين، إلا أن رفض تلك الجماعات حال دون قدرة حكومة بغداد على تنفيذه.

مقالات ذات صله

الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Copyright © 2021 by Lalish Media Network .   Developed by Ayman qaidi