حوارات حقيقية من جينوسايد الايزيدية …… (2)
الباحث/ داود مراد ختاري
حوار بين سبية مختطفة ومجاهدة للنكاح.
بعد ما حل بنا في مدرسة كوجو ومعهد صولاغ نقلنا الى مدرسة في تلعفر لمدة (20) يوم ثم تحولنا الى قرية كسر المحراب لمدة شهر ونصف ونقلونا الى سوريا كأول وجبة من أهل كوجو بقينا في قاعة للأعراس ذات طابقين لأكثر من شهرين ومن بعدها جلبوا العديد من النساء وأطفال الايزيدية، كنا أكثر من (600) شخص .
وذكرت لنا الناجية ع. ع. ب / كوجو عمرها 25سنة – أم لطفلين- من اهل تل قصب ومتزوجة في كوجو قائلةً :
في كل يوم يأتي الدواعش وينتقون ويأخذون منا بعض الفتيات، ذات يوم نادوا باسمي نهضت وكانت (بنت شقيق زوجي) على صدري لان امها كانت في العراق/ دهوك، وهي بقت معي، في البداية أخذوا مني أطفالي الثلاثة ومن ثم نحن خمس نساء كوجبة واحدة الى مقر في ديرالزور، جاء الدواعش واختارونا لهم، أصبحت من حصة المدعو (ابو مريم) سعودي الجنسية عمره (25) سنة، قاومته في البداية بشدة لثلاثة أيام ثم قيدني لينال من رغباته.
كان يشارك في العديد من المعارك يذهب لمدة (10) أيام ويعود للاستراحة، كنا في غرفة ضيقة جداً ويقفل الباب، كان يتعامل مع الأطفال بقسوة، هربت بعد شهرين لكن لم أكن أمتلك معلومات كافية عن كيفية الخروج من المدينة، القي القبض علي في إحدى الحدائق وأودعوني في سجن تحت الأرض لمدة شهر كامل .
أما عن أوصاف السجن : غرفة مظلمة جداً تحت الأرض بقيت فيها شهرا كاملاً وحيدة مع أطفالي، خلال هذا الشهر لم أرَ بشراً عدا حارس واحد، يأتي بوجبة أكل قليلة لا تكفي للأطفال كل ثلاثة أيام مرة واحدة، أما انا كنت اتناول ملعقة او ملعقتين فقط من الرز المبلل بالمرق، واترك البقية للأطفال، في الايام الاولى طلبت من الحارس أن يزود الاطفال بالأكل لانهم يبكون من الجوع دائماً وان تخرجهم الى التواليت، لانهم لا يتحملون، لكنه رفض قائلاً : أنا ملتزم بالأوامر كل ثلاثة أيام وجبة قليلة من الاكل وليتبول الأطفال داخل الغرفة وتحملوا الرائحة، وفعلاً خصصنا زاوية من الغرفة لتبول الاطفال وكنا نتحمل هذه الرائحة الكريهة وتعودنا عليها، وكنا نخرج للتواليت الرئيسي كل ثلاثة أيام مرة واحدة، اما الاستحمام كان محرم علينا، وذات مرة بقيت ستة أشهر دون استحمام.
اراد أحدهم شرائي لكن (ابو مريم) رفض اعطاءه ابنتي الصغيرة عمرها (4) سنوات، وتم الاتفاق على مبلغ (5000) خمسة الاف دولار (عملية البيع والشراء بالنساء والفتيات والاطفال) كانت كأية سلعة تشترى وتباع بين مقاتلي الدواعش، وفي هذه القاعات كنا أيضاً معروضين للبيع والشراء ، مثلاً في قاعة مدينة حلب يأتون بالمشترين ليجلسوا على أطراف القاعة ويتم عرض النساء بالدوران لثلاث مرات أو أكثر في القاعة كعارضات الازياء في صالات العرض، يتم الاعلان عن اسمها وجمالها وأوصافها مع العمر وعدد الأطفال ان وجد، فيتم المزايدة عليها، من يدفع أكثر مبلغاً ترسى عليه المزايدة يدفع ما قيمتها الى ادارة القاعة وهذا الشخص الذي ملك هذه المرأة من حقه أن يبيعها كيفما يشاء.
اشتراني داعشي سعودي يسكن الرقة المدعو (أبو محمد) عمره (30) سنة متزوج من امرأة سورية أيضاً، عارضت زوجته بقائي معهم .
ذات يوم كنا في زيارة الى أقرباءنا من الرقة الى ديرالزور وحينما وصلنا الى نقطة التفتيش عند مدخل الجسر قصفت طائرة تلك النقطة فأصابت احدى الشظايا رأس (أبو محمد) وقتلته في الحال وكان ابني في حضنه وكنت خلفه لم يصب أحد منا بأذى والحمد لله، لكن اصابنا رعب شديد وصرخ الطفل حينما وقعت الجثة عليه ، فأخرج السائق الطفل من تحتها وهو في السكرات الاخيرة، كان موقفاً مرعباً جداً.
عدت الى عائلته وأصبحت حرة، بعد اسبوع طلبت مني زوجته قائلةً : انت الان أصبحت حرة بعدما كنت سبية، وزوجنا قد قتل، أطلب منك التوجه الى عائلتك او اقرباءك، فعدت الى تلعفر ثانية يوم 21-6-2015، بعد خمسة أيام جمعوا رجال القرية في الجامع ومازال مصيرهم مجهولاً، وفي نفس اليوم حملونا في السيارات الى الرقة السورية.
في سوريا قلنا لهم نحن أحرار بعدما أصبحنا مسلمات (كنا سبع نساء مع الاطفال – الجميع من قرية كوجو) لم يهتم أحد بشأننا وطلبنا من أهل الرقة تقديم الأكل والفراش لنا، لكن جميع الأهالي رفضوا طلبنا، هلكنا الجوع وخوفنا على الاطفال من الحر والجوع ونحن في الشوارع نطلب من الناس العون لكن دون جدوى، ننام في الشوارع لمدة ست أيام هلكنا الجوع والعطش والقذارة، كانت أيام صعبة جداً.
أخيراً طلبنا منهم أن ندخل السجن، فأدخلونا في سجن تحت الارض، معتمة تماماً وقذرة جداً، البعض منا طلبن الخروج والنوم في الشوارع أفضل … لكن بعض الاخوات قالن: هذا السجن أفضل من الشوارع، بقينا فيه شهر كامل، أصيب الجميع بالامراض الجلدية المتنوعة، ليل نهار نحك أجسامنا، الاطفال يبولون في السجن لان الخروج الى التواليت (w c) كل يومين مرة واحدة، ثم نقلونا الى قاعة كبيرة جداً ذات طابقين مكتظة بالناس المهاجرين من كافة دول العالم (دول الغرب واوربا، دول شرق اسيا، الدول الاسلامية والعربية) هؤلاء الذين يلتحقون الى الدواعش ويعدون بالألاف، تبقى العوائل في هذه القاعة والرجال الى معسكرات التدريب ثم الى جبهات القتال أما العوائل يتعلمن حفظ القرآن والدروس الدينية، كانت معلمتنا من دولة مصر العربية، ومعنا أعداد هائلة من الفتيات العربية والاجنبية جئن من اجل ارضاء مقاتلي الدواعش بما يسمى بـ (جهاد النكاح) ومن بينهن امرأة من أهل مدينة السليمانية في اقليم كوردستان مقيمة في المانيا قالت لي :
ـ أنا خريجة كلية وزوجي كان طبيباً، لبينا نداء الاسلام عبر الانترنيت وقالوا بان دين الاسلام في خطر فقال زوجي نذهب الى هناك أنا سأعالج المرضى وانت ستكونين مساعدة لي في احدى المستشفيات .
ـ هل جئتم نتيجة نداءهم عبر الانترنيت فقط ؟..
- نعم والله لم نكن نعلم ما يدور هنا.
- كيف تركتم أوربا والتحقتم بمنطقة فيها لهيب النار.
- في البداية كنت معارضة للفكرة، لكنه أقنعني بانه سيكون عملنا لوجه الله .
- الم تكوني على علم ما حدث لأهل شنكال من قبل هؤلاء المجرمين؟
- بكل تأكيد ولكن دون تفاصيل .
- كيف التحقتم ؟
- عن طريق تركيا وعبرنا الى سوريا .
- وعند الوصول تم الترحيب بكم ؟
- حينما وصلنا طلب من زوجي الالتحاق بدورة تدريبية للسلاح،
- حتى الاطباء يطلب منهم الالتحاق بدورة تدريبية للسلاح !! ما علاقته بالسلاح، سيكون معالجاً للمرضى وجرحى المعارك؟؟
- لكنه رفض حمل السلاح وقال : أنا طبيب جراح سأقوم بعملي في المستشفى. وتشاجر مع المسؤول.
- هل استطاع ان يتشاجر مع المسؤول الداعشي؟
- نعم … لكن أجبروه على دخول معسكر للتدريب على السلاح.
- دخل في ساحات المعارك أيضاً ؟
- لم يدخل في اية معركة، بعدها هربنا .
- يبدو انكما لم تفلحا في الهرب، ها انتِ هنا ؟
- القي القبض علينا عند الحدود التركية .
- واين هو الان ؟
- من يومها لا أعلم شيئاً عن مصير زوجي. وأنا متأكد لقد قتلوه.
- كيف تدركين بانهم قتلوه.
- لانهم اعتبروه هارب من دولة الخلافة الاسلامية ومرتد عن ديانة الاسلام.
- وعقوبة المرتد في الاسلام هو القتل.
- نعم …. لذلك أنا متأكدة من نحره بالساطور أيضاً.
- بعد القاء القبض عليكم وأخذوا زوجك الى جهة مجهولة، ماذا كانت عقوبتك؟.
- قال لي الامير انتما ارتدا عن ديانة الاسلام، سنأخذ زوجك الى المحكمة الشرعية، وسنبيعك الى المقاتلين.
- هل فعلاً تم بيعك كما يتم بيعنا نحن المختطفات الايزيديات ؟
- أخذني شخص ثم آخر ثم آخر .. ((أرسلت نظرها إلى البعيد، وزاد شرودها، وهي تبتلع غصات)).
- وما سبب دخولك الى هذا السجن ؟
- هربت مرة أخرى لان كل شخص يبقيني عنده عدة أيام ثم يبيعني بثمن أغلى الى شخص آخر .
- ولذلك هربتِ من دولة الخلافة الاسلامية ؟.
- نعم والقي القبض علي والآن ترانا يستعملوننا لجهاد النكاح للمقاتلين لكوني جميلة .
- لكن اللواتي يعملن في جهاد النكاح هن يتبرعن بانفسن الى هذا العمل.
- نعم أكثرهن لديهن شذوذ جنسي، وتتعامل يوميا مع العديد من المقاتلين .
- أما البقية كيف يتم اختيارهن لجهاد النكاح؟
- بحجة وأخرى يتم اتهامها بجرمة سرقة او مخالفة الشريعة أو مثلي لماذا هربت من الدولة .
- وكيف تتحملين التعامل جنسيا مع مجموعة من المقاتلين وانت لست من صنف الشذوذ الجنسي؟.
- يتم تعذيبي جنسياً على طوال اليوم ولا استطع ان افلت من دولتهم الاسلامية الوهمية القذرة ((تأخذها الحسرات وتمسح بطرف ثوبها الدموع التي أنزلقت من عينيها)) .
- ماذا أقول لك إذ كان زوجك طبيباً وانت حاصلة على شهادة جامعية، وانتم من أهل السليمانية تلك المدينة المدنية المتطورة، نتيجة اعلان من الانترنيت التحقتم من أوربا الى الجحيم…!!!
- نعم يقول المثل الكردي (الجاهل يقع في الحفرة بإحدى قدميه بينما المنور يقع بكلتا القدمين).
- يبدو من ملامح وجهك انتِ مريضة الان ؟
- منذ اسبوع وأنا مريضة جداً فترى النساء الداعشيات يضربني بلا رحمة.
- لماذا الضرب وانت مريضة ولم يرسلوك الى المستشفى؟
- لاني تركت الصلاة ولن أعود اليها ((كانت تبكي وبكاءها تحرقني)).
- لماذا تركتي الصلاة ؟ّ ! عودي الى صلاتك مرة أخرى ((كانوا يلقبونها بالمرتدة)) …
- ماذا بقى لي …. خسرت زوجي وشرفي وروحي … اريد ان أموت تحت التعذيب … لا اريد اسلامهم ولا لي طمع في جنتهم .
- لكن طمعكم في الجنة هو السبب لالتحاقكم بدولة الخلافة الداعشية، وبعد الدخول الى العمل الجهادي في الدولة لتنالوا بعد العمل بالدخول مباشرة الى الجنة؟ .
- نعم هذا الحلم يراوده الكثيرين، لكنهم لا يعلمون الحقيقة .
- وما هي الحقيقة ؟
- هراء في هراء، يخادعون الناس، ولكن الجميع مجرمون.
- لكن يقولون نحن ننفذ شريعة الاسلام ؟
- الآن اتضح لي باننا كنا نعيش في أوهام، ولكن ما فائدة الندم !!.
جاء أحد الامراء وقال لنا : الايزيديات اللواتي دخلن الاسلام هن المسلمات الاصيلات وخصصنا لهن داراً في الرقة ((هنا تذكرت كنا الايزيدية الاصلاء واليوم أصبحنا مسلمات اصلاء)) يا أيها الزمن الغدار ماذا فعلت بنا !!.
تلك المنطقة السكنية كانت مستهدفة للقصف اليومي، خرجت مع اطفالي من الدار وذهبت الى صديقتي رويدة ، استطاعت هذه المرأة ان تنقذ العديد من النساء الايزيديات وايصالهن الى بر الأمان، باعني زوجها الى شخص آخر .
المأساة :
- يتم تدريب اطفالنا على القتل والذبح وقد رأيت في مقطع فيديو احد ابناء قريتنا، ينحر شخصاً بالسكين، جلب هذا المتهم الى المعسكر وتم تدريب الاطفال على النحر فنحروه).
- شاهدت العديد من مقاطع الفيديو عن النحر، القطع، الحرق والقتل لذا كنت أخاف من عملية الهرب من دولتهم، وحقيقة أقولها لم يبقى لي أمل العودة، لكن زميلتي (رويدة) كانت تشجعني على التفاؤل بالنجاة .
- رأيت ثلاث نساء حملن من الدواعش، حاولن التخلص من حملهن، وفعلا بالتعاون مع بقية النسوة المختطفات تم مساعدتهن.
تُتاح هذه الصورة أيضا في: العربية