قصص من جينوسايد شنكال ….(136)
الباحث / داود مراد ختاري
الأمير خالد سعيد انتمى الى الحركات الاسلامية قبل سبع سنوات .
بقينا في البيت في قرية صولاغ شرق مركز شنكال في اليوم الاول من الابادة لوجود اشاعة – حينما يتم رفع الاعلام البيضاء لا يتم محاسبة أحد- فالقي القبض علينا، أخذوا الرجال الى جهة مجهولة، ثم جاءوا وأخذوا جميع الفتيات والنسوة وادخلهن في دار تحت الحراسة المشددة، وجاءت قوة في الليل أخذونا الى مدرسة في تلعفر، وفي الطريق كان الحراس يتحرشون بالفتيات ويسخرون من النساء، رأينا اعداد هائلة من العوائل الايزيدية في تلك المدرسة .
بقينا شهر ، يكتبون أسماء الفتيات ليلاً وفي اليوم التالي يتم اخراجهن من المدرسة، ذات ليلة كتب اسمي لكني ذكرت لهم باسم مستعار، وحينما جمعوا الفتيات بالأسماء نادوا بهذا الاسم المسجل بقيت ساكتاً لم أقول انه اسمي، المنادي كرر الاسم لعدة مرات دون ان أتحرك.
وقالت الناجية (م .خ. خ 1997) من قرية صولاغ :
بعدها بأيام نقلونا الى سجن بادوش وبقينا شهر أيضاً في حالة يرثى لها، تم الاعتداء على العوائل، واخذوا الاطفال لحين سن (14) لتعليم القرآن والتدريب على السلاح، ثم النساء المعمرات ، بعدها قصفت الطائرات السجن فنقلونا مرة اخرى الى مدرسة في تلعفر ليلاً، التقينا بتلك النسوة المنقولات سابقاً، وكعادتهم بدأوا بأخذ الفتيات يوميا.
ذات يوم جاء ارهابي داعشي من تلعفر فأراد أن يأخذني، بكيت كثيراً وتوسلت العائلة به، تركني وقال: سوف أبلغ المسؤول وسنأخذك عنوة، وحينما ذهب بدلت بعض ملابسي، ودخلت الى التواليت، بقيت مدة فيها، فحينما جاء مع الحراس وبحث عني لم يراني.
في هذا الشهر، أتى العديد من رجال الايزيدية وأخذوا عوائلهم الى قريتي – كسر المحراب وقزل قيو- ليسكنوا هناك، على أساس انهم دخلوا الاسلام فمن حقهم جمع أفراد العائلة، لكن كنا في انتظار رجالنا ودون جدوى.
بعد شهر نقلونا نحن المتبقين الى قرية قزل قيو، يبحثون عن الفتيات والنساء الجميلات يومياً بحجة توزيع الاغذية، وذات يوم جاءني شخص وطلبني فقالت له زوجة خالي : انها فتاة مصابة بالجنون لا نفع منها، فتركني.
بقينا شهر وجمعونا في مدرسة وسابقاً قد جمعونا فيها أيضاً، اختاروا الفتيات والنساء الجميلات، أخذونا الى قاعة للأعراس، ومن هناك أخذني أمير اسمه (خليفة) مع فتاة أخرى اسمها (عامرة)، بكينا نحن الاثنان ورفضنا الصعود في السيارة، فتركنا وعدنا الى القاعة مرة أخرى,
ثم جاء الوالي واختار منا ست جميلات من القاعة، ودخلونا في غرفة خاصة بجانب القاعة، وكل أمير يأتي ويأخذ واحدة له، بقيت في الآخر فأخذني الحرس المدعو (حبيب ابو صفا التلعفري) ودخلني في غرفة خاصة فوق القاعة لمدة ثلاثة أيام وأنا مضربة عن الطعام ، ألمني وعذبني كثيراً.
بعدها حولوني الى دار في الموصل فيها العديد من الفتيات الايزيديات، وقد أخذهن الارهابيون كسبايا لهم.
كان يتعدى فأتشاجر معه في كل مرة، ويهددني بأرسالي الى سجن البعاج قائلاً: هناك سوف يدخلون عليك الحراس يومياً بالجملة، وما عليك الا ان تكوني راضية بي، بعدها هددني بتزويجي من شخص اسمه حجي (قذر جداً وكبير في العمر).
حولوني الى دار الامير (خالد سعيد الحرداني) وكان قد أخذ (ب ) من مركز قضاء شنكال – لديها طفلين – بقيت اسبوعين، وكانت تقول (ب) :
- هذا الكلب يعذبني كثيراً، لا يرحم بي وبأطفالي أبداً ، يقيد الاطفال بسياج السلم يومياً، لقد غير اسم بنتي الى عائشة، حينما أخذني من المدرسة لم أكن أعلم بأنه ايزيدي متأسلم.
- تحدث معي خالد قائلاً: أنا كنت من عائلة شيوخ الايزيدية في قرية حردان شرق ناحية الشمال، لكن دخلت الى ديانة الاسلام قبل سبع سنوات، وانتميت الى الحركات الاسلامية في تلعفر، وقمنا بالعديد من عمليات الخطف من اجل الفدية، حصلنا على كمية من المال وكنا نمول حركاتنا الاسلامية أيضاً، أعجبت ببطولات ابو مصعب الزرقاوي ومصعب البغدادي كنت أحمل صورهم دائماً، ثم دخلت الى تنظيم داعش، وكان لي دور بارز في تنشيط الخلايا في شنكال .
زوجته الايزيدية كانت في تركيا ويتصل بها عبر الهاتف كي تلتحق مع اطفالها بالدولة الاسلامية لكنها كانت ترفض.
وأضافت الناجية (م . خ . خ / مواليد 1997) : بعدما نقلوني الى السجن، قالوا بان خالد قد قتل نتيجة قصف الطائرات بعد فترة قصيرة (لم نتأكد من صحة الخبر).
وخلال فترة تواجدي عند دار خالد يأتيني هذا الداعشي (ابو صفا التلعفري) باستمرار، وقد زوج خالد بنت عمه الى ارهابي آخر وتسكن في غرفة داخل داره، ينام معها زوجها الداعشي يومياً، ويتباها خالد بصهره.
يتردد أمراء الدواعش الى دار خالد كثيراً ، كان له اليد الطولى في ولايتي تلعفر (الجزيرة) والموصل.
ثم نقلوني الى قاعة، كانت هناك مجموعة كبيرة من النساء والاطفال فيها، ولحراس القاعة صلات قوية مع خالد.
نقل النسوة مع اطفالهم الى سوريا لعدم ارضاء المقاتلين هنا بهن.
بعد شهر من بقاءنا في تلعفر/ حي الحسن، ومعي إمرأة اسمها (شكرى) وطفليها، هذه المرأة كانت تخاف على أطفالها كثيراً، يغلق علينا الابواب بالسلاسل ، كانت والدتي في قرية كسر المحراب، ازورها باستمرار بمرافقة ابو صفا، لم يود الزواج مني بل للتمتع فقط.
حينما دخل البيشمركة الى ناحية الشمال/ قضاء شنكال هرب الأهالي من تلعفر، فأرسلني الى قرية كسر المحراب / جنوب تلعفر عند والدتي وقال : اذا وصل البيشمركة الى تلعفر سآخذك الى الموصل، وبقيت يومين هناك.
بعدها حولونا الى مزرعة وفيها قطيع من الغنم والمواشي وفيها إمرأة (فيان … من تل بنات ومتزوجة في قرية كوجو) ثم الى حي النور في تلعفر، سمح لنا بالخروج الى السوق والمستشفى.
ذات يوم هربنا من تلعفر الى الموصل بعد غياب مالكينا بيومين.
وفي الطريق سألنا سائق سيارة الاجرة :
– من لهجة لغتكم انتما تتحدثان بلغة عربية ركيكة يبدو انتما من الايزيديات المختطفات اليست كذلك؟.
– لا … لا …. نحن من العرب – انكرنا باننا ايزيديات – خوفاً من تسليمنا الى مفرزة للدواعش في الطريق أو اثناء وصولنا الى الموصل يذهب بنا الى إحدى المقرات لهم.
– انا متأكد من كلامي …. ولكن لا شأن لي بكما…. أنا سائق سيارة الاجرة… ويحرم علي اجرتكما… واتمنى ان أمنحكما مبلغاً من المال لأني متأكد بانكما بحاجة اليه .
– شكرنا موقفه النبيل، وزميلتي لم تتحمل اجهضت بالبكاء، حينها أدرك السائق بمصيبتنا، فبدأ يضرب راحة كف يده على جهاز الدوران للسيارة (سترن) متأثراً بحالتنا.
دخلنا داراً في الموصل / حي الزراعي كان لنا معرفة بهم سابقاً، طلبنا من صاحب الدار أن يتصل بالمهرب الذي حدده لنا أهلنا سابقاً والاتصال بالأهل ايضاً.
خرج من الدار وعاد بعد ساعات قائلاً: اتصلت بهما – لكن قرأت من ملامح وجهه أنه غير صادق في كلامه- واصابني الخوف من تسليمنا الى مقرات الدواعش، لكن زميلتي بدأت تمدح به وقالت: سنخرج الليلة حتماً.
في اليوم التالي طلبنا منه ايجاد حل لقضيتنا، خرج وعاد بعد ساعة مدعياً بان المهرب سيرسل سائق اجرة الى البيت ومعه بطاقات الاحوال المدنية وكل شيء على ما يرام.
وفي المساء طلبنا منه الاتصال به مجدداً لكون موقفنا محرج جداً، خرج مرة أخرى وعاد قائلاً: هذا الرجل يقول لا استطع انقاذهن، هذا هو الموقف الاخير.
خرجنا من الدار، وذهبنا الى المستشفى العام، كي نستلم ورقة المراجعة ونعود الى دارنا في تلعفر، وحينما يسأل الارهابي الذي معنا سنقول لقد راجعنا المستشفى في الموصل – بعد العودة الى تلعفر والاتصال مع الاهل والمهرب تبين انه لم يتصل بأحد بتاتاَ- .
حينما وصلنا الى تلعفر نلنا حصتنا من الضرب والتعذيب، وبدأ يراقبنا باستمرار، ومنعنا من الخروج، تدهورت حالتنا من سوء الى أسوء، ولكن كنا نخرج بغيابه للاتصال مع الاهل.
اتفقنا ذات يوم مع المهرب …. هربنا ووصلنا الى جبل شنكال يوم 5-4-2015 بعد يومين من المشي والاختفاء، لكن قبل وصولنا الى الجبل، رموا علينا العيارات النارية بكثافة كالمطر وكنا في هروب مستمر ونزعنا أحذيتنا وأصبحنا حفاة القدم، وكل واحدة منا تحمل طفلاً ، الا ان وصلنا الى منطقة آمنة، حينها هلكنا من التعب والخوف، ووقعنا على الأرض، وجاء رجال الجبل لمساعدتنا.
تُتاح هذه الصورة أيضا في: العربية