أكتوبر 23, 2025

Lalish Media Network

صحيفة إلكترونية يومية تصدر باشراف الهيئة العليا لمركز لالش الثقافي والاجتماعي في دهوك - كوردستان العراق

سارة الهاشمي: آيات من سفر الهجرة

آيات من سفر الهجرة9006_781084028623506_5869620481724140060_n

سارة الهاشمي/ المغرب
 

1

بين هذه الخيم! ابحث عنها كعاشق يبحث عن روح محبوبته, في ارجاء البرزخ فيجد كل الأرواح وصدى صوتها فقط… كنت أبحث عن الحياة التي هجرتنا وعن روح الموت المختبئة بيننا لاخنقها بما تبقى من قوة في جسدي المنهك من دبدبات صوت القنابل… منذ تركنا شنكال تركنا الحياة معها وبات الموت قريننا والجني الذي يسكن كل جسد منا… فشلت كل تعويذات وبخور السعادة من اخراجه … ولم يعد لنا سوى المشاورات معه عله يجد وجهة أخرى .. او عساه يسترجع حقنا من أولئك الذين اختاروا ان يعذبوننا بدل الله… فيستعمرهم كما استعمرنا.. ويشتتهم ويغتالهم كما اغتال كل شيء منا الا هويتنا التي لا يمحوها الموت ولا الحزن ولا نيران الخوف.

 
2

… غابت الشمس في هذا اليوم أيضا.. وعمَّ الصمت أخيرا.. صمتَ الموتى.. وصمتَ الأحياء ولم يعد صوت الا لموسيقى الجنائز القادمة من خلف ذلك الجبل.. وركبتي الداميتين على الأرض احاول استيعاب ما حل بي… تعبت من البحث عن جثت اخوتي بين الموتى… و شتتني تشابه الملامح.. فقد غدا كل ابناء شنكال اخوتي … واصبحت رائحة الدم واحدة…              

اردت ان أُجهز حقائبي قبل غروب الشمس لتأخذني معها.. فما وجدت حقيبتي وما وجدت اغراضي… وماوجدت بيتي.. ظننت ما حل بنا حلما مزعجا سيرحل مع طلوع الشمس.. لكنها اشرقت وهاهي الان تغرب… وبقي الموت هنا يتجول في أرجاء شنكال …

توقف الزمن في وطني.. لا تحرك لعقارب الساعة.. هكذا كانت اَخر صورة لشنكال في ذاكرتي.. اما الان فلا شيء لدي الا سقف هذه الخيمة.. ورائحة ماتبقى من اخوتي..  لا انتظر شيئا ولا أريد شيئا.. فقط أنصت لصوت الموسيقى الجنائز القادمة من خلف ذلك الجبل…

 
3

كأن لا مكان الا للوحوش في هذا العالم…اما صرخاتنا وانيننا وكل تلك الدموع التي تروي شجرة الشر في داخلهم هي دافعهم الأول ليقتلوا كل شعلة للسلم في بلدتي…

لازلت اتذكر رائحة الحريق المنبعثة من بيتنا الصغير.. وتلك البركة الصغيرة للدم على هذه الارض التي رقصت مع ضحكاتنا عندما كنا اطفالا نرى العالم من خلف زجاج وردي …

لازلت اتذكر ايضا دموع ابي على فراق أمي المستلقية على الارض تنظر الى السماء كمن يستجدي الها اصم غاصا في نوم عميق .. لايستيقظ مهما صرخت اختي الصغيرة.. ومهما علت صرخات سنجار…

أخي الرضيع.. كان كقطرة ماءٍ جفت على هذه  الارض التي احرقتها اشعة الظلم…اَن الوقت الان ليرضع من ثدي الحزن أبدا.. فلن تداعب خده منذ الاَن سوى حلمة الشقاء…

أما انا … فقد أخذتني يد من يطلقون على انفسهم جنود الله في أرضه.. ذهبت معهم الى سجون الله.. حُكم علي دون تُهمة أعرفها.. اكانت شنكال تُهمتنا يا أُماه..؟ أكانت ستحل بنا اللعنة في أرض أخرى ؟الجروح تملؤ كل جسدي يا أُماه.. كنت اظنني قوية وهم يجرونني على تلك الأرض التي ماظننت أني قد أُتهم بها يوما.. كنت اقاوم بكل ما لدي وأكثر مما لدي… لكن يد الله كانت أقوى… وها انا الاَن تنهش جسدي أيادي الوحوش وتبعثر ملامح روحي وجوههم المرعبة التي لا تراني سوى غنيمة حرب غاب احد أطرافها…                           

لم اعُد أعرف للخوف مسلكاٌ.. فقد بُعثرت أحاسيسي.. بعثرت أسرتي… بعثرت بلدتي..لقد بُعثرت سنجار.. بعثر كل شيء في عالمي.. وها أنا الاَن انتظر الالتحاق بعالمكِ… لن أتأخر عنك يا أُماه….

 

تُتاح هذه الصورة أيضا في: العربية

مقالات ذات صله

الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Copyright © 2021 by Lalish Media Network .   Developed by Ayman qaidi