مارس 28, 2024

Lalish Media Network

صحيفة إلكترونية يومية تصدر باشراف الهيئة العليا لمركز لالش الثقافي والاجتماعي في دهوك - كوردستان العراق

سفيان شنكالي: شيرين / قصة قصيرة

قصة قصيرة: شيرين
سفيان شنكالي

 

لم أكن أدري حينها هل كنتُ آلهٍ أم إنسان أو من عالم الجان .
لم يكن لدي اعتراض على من يمدني يد العون والمساعدة إن كان من السماء أو من الأرض , من السياسيين أو من المستقلين الجبناء .
لكون ما مررت فيه كان خارج كل المفاهيم ولا يخضع لبرودةٍ أو احتراق , ربما كنتُ في وضع كان فيه الخالق يغط في غفوة عميقة لذلك أغفل قديستي الصغيرة (  شيرين ) وجعلها فريسة سهلة بين أنياب مؤمنيه المميزين .
كان صوت انفجار مماثل لانفجار الدرة لحضة نشوء الكون لتبدأ بعده حياة أخرى أعيشها في كونٍ تافهٍ وخالِ من الإنسانية .
أخترق الصوت مسامعَ روحي فلم أكن أعرف هل سمعتْ أذني أم قلبي الذي كان جزءا منه هناك حيث كانت قصة يوم القيامة في غياب الخالق الأعظم تمثل على مسارح مدينتي الثكلى  ( سيباي ) .

لم أكن في يقين أو خيال , كل ما كنت أعلمه أنني كنت اصرخ بجنون وأحاول بلع ريقي لأتمكن من الاستجابة لوكزات قلبي الهائجة التي أوحت لي أن صاحب العرش العظيم بات في مرمى الشرك والإلحاد والنكران لدي , وأن طفلتي ( شيرين  ) التي لم أكن أملك سواها في دنيا الله الشاسعة , حيث كانت فلذتي ذاهبة راكضة فرحة وراء زوجتي ..  كانتا في لهفة ودهشة وسرور للخبر السعيد التي وصلنا : أن البطاقة التموينية وغاز الطبخ قد جاء من حكومة مدينة الموصل ,  كان عين الإلحاد لكوني لم أعد أعرف الأسباب والمسببات فهل فعلا قتل الله ـ الطفولة ؟ أم أن الطفولة قتلت الله ..؟ ) .

كنت بحاجة لمن يكون مغيثا وجاهزا ليبدي العون والمساعدة , فالكل كان يبحث كمثالي عن بقايا ضفيرة شقراء أو حنائية , أو عن زوجة أو طفلة , عن أخٍ أو أبا , كلنا كنا في حالة هستيرية لا يفهمها سوى من تذوق طعم البكاء الذي يشبه إلى حد بعيد نشوة الضحك في أجواء الفرح والسرور .

حتى لو كنت عاريا لكنت هرعتُ إلى حيث ( شيرين تودع ) , ولو كنت إبليسا لظهرت في خضم الموت والكفر والعويل شفقة بالإنسانية ,
لو كنت أعلم أن صديقي ( حمو ) كان حيث كنت .. لعلمت انه سوف يساعدني في البحث عن بقايا ضفائرها وبقايا نقودي الورقة التي أعطيتها لتشتري لها الحلوى ولم أكن أملك سواها في جيبي القاحل منذ  أمد , لكن هي حبيبتي الصغيرة وبكارة شبابي وحدقة العين ,  فكيف أرفض لها طلبا .

ربما رحمني الله ونظر إلي برحمته الواسعة عندما كنت أبحث عن بقايا أشلاء طفلتي التي كانت جائعة ولم يزل خدها يحفظ آخر قبلاتي , وكانت الفرحة تغمر قلبها الصغير لأني أعطيتها نقودا ,
شعرت بحرارة الدمعة في أعماق روحي ..  تلك التي تشبه رحمة الله عندما رأيت صديقي الوفي ( حمو ) الذي هو الآخر كان في مسرح الدم المعجون بالتراب يبحث عن بقايا حياة كانت تدب هناك .
ركضت إليه بجنون ولم أكن اعرف بماذا أنطق .. في بادئ الأمر أمسكته من عنقه كأنما امسك مجرما لأني أعرف أن حمو سيأتي بطفلتي شيرين .
سألته دمعتي قبل أن أنطق ببنت شفة فربت على كتفي وأمال بعنقه نحوى الأسفل كراية في سوح الوغى , ولم يقل شيئا أخر , فعلمت حينها أن صديقي حمو هذه المرة لن يفي بعهد الصداقة بيننا , ولن يبحث معي عن قطع السكر .. عن تراب البرات الطاهر ..عن بقايا إنسانية في عهد الآلة المسعور المصطنع  ,, عن أشلاء متبقية من طفلتي صاحبة الأعوام الأربعة تلك اليرقانة كانت تركض وراء أمها التي هي الأخرى قيل أنها كانت قبل قليل في طريق المقبرة ودفنت في غيابي ولم استطع توديعها بقبلة مماثلة للقبلة التي انشطرت عنها ( شيرين ) .

 

تُتاح هذه الصورة أيضا في: العربية

مقالات ذات صله

الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Copyright © 2021 by Lalish Media Network .   Developed by Ayman qaidi