أكتوبر 24, 2025

Lalish Media Network

صحيفة إلكترونية يومية تصدر باشراف الهيئة العليا لمركز لالش الثقافي والاجتماعي في دهوك - كوردستان العراق

هوليــر ســــدرة العشـــــــق

هوليــر ســــدرة العشـــــــق

روايــة جديدة للروائي عبد الباقي يوســــــف

 

تستأنف رواية ( هولير سدرة العشق) لتكتمل بها ثنائية الروائي السوري عبد الباقي يوسف ( هولير حبيبتي) التي كانت قد صدرت سنة 2013 عن ذات الناشر، ثم أعقبها صدور الترجمة الكردية سنة 2014 ، وها هو الجزء الثاني يصدر عن ذات الناشر، مكتب التفسير للنشر والإعلان في أربيل 2015، بغلاف أنيق ، وطبعة فاخرة  في 450 صفحة من التوغل في أعماق مدينة أربيل التاريخية. يصف الروائي هذه المدينة في روايته الجديدة : لا لمسة في عبق بهاء هولير تستنيخ لوهلة تكرار

لاهنيهة في مكرمات مقامها تخضع لرفة جفن ضجر

كل لبِنة من لبنات مسكِ صرحِها تستخرج ومضَ تجدّدها من ثنايا إطلالةِ هلالِ هنيهةٍ وليدة.

حتى الوجوه التي اعتادت عيناه على رؤيتها في مدار كل يوم، تبدو وجوهاً متجددة في زهرة صبيحة كل يوم جديد، تفصح عن معالم سمات جديدة لم تفصح عنها في يوم مضى.

 

هكذا يبدو الخبّازُ في مستهلِ إشراقة صبح ٍهوليري جديد،

هكذا يحذو حذوه السمّان،

هكذا بائعُ الحليب ٍالذي يجلب بضاعته صباحاً من عمق قريته إلى ردهات الأحياء المستيقظة للتو، فتجتمع عليه النسوة الهوليريات حاملات بأكفهن الأواني ليملأنها حليباً طازجاً، تم حلبه عقب ركعتي صلاة الفجر.

هكذا بائع الجرائد اليومية الذي يفرشها على مسطبة أمام كشكه وهي ما تزال تحمل رائحة المطابع .

هكذا بائع الدجاج الذي يتجوّل في الطرقات وهو يصيح بأعلى صوته: يالله مريشّك .. يالله مريشّك.

هكذا بائع اسطوانات الغاز الذي ينشر موسيقا بضاعته بين البيوت،

هكذا إمام المسجد الذي تغمره هالة من حياء.

 

هكذا النسوة الهوليريات وهن يخرجن باكراً من أبواب بيوتهن، يحملن بأيديهن حقائب صغيرة محشوة بنقود ورقية، يبتعن حاجات يومهن من حوانيت مجاورة.

هكذا يدبّ إيقاع الحياة، لحظة تشرق شمس صبيحة جديدة على بهاء قوامها، لحظة يخرج الهوليريون من بيوتهم ليصنعوا دعائم حياة يوم جديد.

هكذا يستفتحُ مصباحُ وجه هولير صبحه الندي برهفات بسمة وليدة لم يتلألأ بهمستها بهاء ُ ثغرها في كرنفال يوم أفل.

 

تمتلك أميرة أبناء الجن الأولى مقدرة نافذة تهيمن بها على شغاف فؤاد كل ساكن في مساكنها، تدبغ أثر لمساتها على سماتهم،

على نبرات أصواتهم،

على بناهم ليتحدوا مجتمعين في مزايا هوليريتهم، تجلو على هيآتهم نفحات هوليريةرقراقة، تفوح من أسمالهم شذى عبير الأم الجليلة.

 

ثم يستكمل وصفه لروحانية هذه المدينة بقوله:

لايزهو ابنُ هولير بخصلةٍ قدر زهوه بأنه هوليري ولد من رحم هوليرية، رضع حليباً هوليرياً من حلمتَي ثديَين هوليريين رشفة رشفة.

ترعرع الهوليريُ منذ أزله على رضاعة حليب هولير يوماً إثر يوم، حتى إذا عمّر قرناً من الدهر، لبث طفلاً رضيعاً دون الفطام على صدرهولير، عندما يفتح عينيه صباحاً، يلوذ بحلمة ثدي الأم الرحيمة ليرتشف رشفة من طيب حليبها تبثُ في بدنه طاقة كافية لبذل جهد عمل يوم جديد، وعندما يخيّم سكون الليل،،،، يضع رأسه على وسادته مسترخياً، وقد رشف من ثديها رشفة أخرى هيأت له الاستغراق في لفائف نوم عميق بعد عناء مشقة يوم طويل.

 

استطاعت هولير أن تبسط نفحات حفرياتها على خلايا سكنتها ليمسوا هوليريين بها، حيثما وطأت قدما الهوليري في أي بقعة من سعة أرض الرب، ستجلو عليه آثار حفرياتها، يفوح من حواسه عببرُهولير، كل لمسة فيه تبوح بشواهد هوليريته، حتى طريقته المميزة في احتساء كأس من شاي.

 

هكذا تمتلك ربةُ مدن الكرد مفاعل فتنة مدهشة يتهولر بظلال سحريتها كل بشر يتنسم ذرات نسيمها ما يزيد عن أربعين يوماً، حتى يلفاه يترنح هولرة بثملِ بديع ِخمرها.

تقوم الربة ُالجليلةُ بتعميده شعرة شعرة، ذرة ذرة بيديها الكريمتين، ثم تنشفه بنفخة هوليرية مباركة في طشت ربيعها، بعدئذ تسقيه شربة من خمرة حبها، فلا يملك المقيم المعمّد بنقاء مياهها، المنشف بختم نفخها إلا أن يلفاه مستنجداً تحت وطأة عتق روحانية خمرها الذي يجوب كل ذرة من ذرات بدنه الآفل.

يلقى نفسه غداة عشية وضحاها وقد أمسى هوليرياً، تترطب مدركاته بشذى صِلات رحمية : مع كل حمامة من رفائف حمامها،

مع كل نافورة من نوافير مروجها،

مع كل مقعدٍ من مقاعد حدائقها،

مع كل مدخل من مداخل أسواقها،

مع كل مئذنة من قباب مساجدها،

مع كل حبة من عسجد ترابها،

مع كل لفظة من إيقاع لهجتها.

 

حينئذ، لن يكون بمقدوره أن يسلاها رفة جفن، لو نزحت بينها وبينه هضاب العالم، وفي ذروة إدراكه بهول تلك المساحة الشاسعة التي تنزحه عن أثيرة عشق حواسه، لايملك ذاك الشقي في أوج شقائه، أن يكبح جماح حنينه الهائج إلى كل ساعة من ساعات عمره الذهبية في فردوسها، ويلبث كيتيم الدهر الأعزل في غمرة توق أبدية، لعل الله يجود عليه بمنحة نفيسة كرة أخرى.

 

هولير جُنينة طمأنينة الروح السرمدية، تخبر بأي زيزفونة تُنقّي أرواح سكنتها، مثلما يُنقّى ثوب أبيض من دنس،

بأي أرجوانة تبسط ظلال هوليريتها على ندى حواسهم.

 

تُعنى هذه الرواية بإبراز جماليات روحانية هذه المدينة، ولذلك سعت إلى الاحاطة بكل معالمها الحضارية والجمالية، حتى أنها لم تكد تترك شيئاً عبر تاريخها الغني إلاّ وألمّت، وقد وقع هذا الجزء في أحد عشر فصلاً، مثل: مقام الهوى، شجرة الجبل، نبتة العشــق، مظفر الدين كوكبري، سورين، أنيســـة الروح، عندما تأخر الورد

تضع الرواية قارئها على ما يغتني به الكرد من إرث ثقافي وإنساني وحضاري، من ملوك الكرد، إلى عشاقهم، مبدعيهم، كذلك بعض المعتقدات الكردية، إلى جانب أبرز ما تمتع به الشعب الكردي من ملامح حضارية، فهي بذلك تكاد تكون دائرة معارف كردية صيغت بمسرود روائي بالغ التشويق. من أجواء الرواية: كانت  هيمن منذ الصغر تتحدّث عن إقامة الدولة الكردية، وتقول بأن لامخرج للكرد سوى إقامة دولتهم، ولذلك درست العلوم السياسية حتى تخرجت، ثم أصبحت أستاذة في الجامعة التي تخرجت منها، حتى هذه الليلة قالت لأبيها بأنها ماتزال لاتوافق الذين يقولون بأن الوقت مازال باكراً بالنسبة لكردستان.

 

ضحكت بسخرية وقالت: عندما تقوم الساعة بعرف هؤلاء، سيحين موعد قيام دولة كردستان، يا لهم من مساكين، يعتقدون بأنهم حكماء، وليس هذا فحسب بل يسعون إلى إعطاء الآخرين انطباعاً بأنهم يقعدون على حكمة، والحقيقة يا أبي أنهم يستقرّون في مقاعدهم ويريدون أن تبقى الأمور على ما هي عليه، وهذا يعطي تصوراً بأنهم بلغوا غاياتهم، ولذلك تبدر المحاولات لزحزحة هذا الذي يعتقدون بأنه استقرار .

لبث ينظر إليها وهي تتحدّث بجدية، وتسعى إلى إخفاء ملامح التشنج التي بدأت تظهر على وجهها، وكذلك على نبرات صوتها: هؤلاء الذين يدّعون الحكمة، هم ليسوا أكثر من امتدادات لأولئك الذين نظروا بأن القاضي محمد كان مستعجلاً في إعلان / جمهورية مهاباد/، وسقوطه جعلهم يزدادون ثباتاً في رؤيتهم، ثم جعلهم لايفكرون مجرد تفكير بإعادة الكرة، لأن أي جمهورية في مخيلتهم هي تكرار لجمهورية مهاباد المنهارة  في أفضل أحوالها، وبالتالي لو كانت محظوظة لن تستغرق ما استغرقته سابقتها. هذه هي الذهنية التي لبثت كاتمة على أنفاسنا ولا تدعنا نتحرر من عقدة هذه الجمهورية.

ومما ورد في الرواية :

تتفتح برعمة ياسمين هولير في أُبّهة الصيف

تزدان دوحة هولير رونقاً على فضة أوراق الخريف

تغدو هولير أكثر زهواً في ألق مطر الشتاء

تزدهر إشراقة جمالها على غصون شجرة الربيع

تمضي به خطواته وهو يشدو:

أحبكِ ياهولير إلى غمام الأرق

أحبكِ ياهولير إلى مساحات الإعياء

خطوة في روحانية دروبك تساوي قارة

نسمة من رفيف هواءك تبث حياة

 

هولير .. يادوحة مدن الأرض الخالدة

يا ملكة الدنيا

يا ساحرة الأفئدة

يا عمق مهد الإنسان

يا ميراث آل الكرد

يا حقيقة حفدة الكرد الوحيدة في تاريخ من وهم

موضعك من ديار الكرد، موضع القلب من البدن

 

يانشيد الأم المثكولةبأيتامها

يا أنيسة الروح في وحشة الزمن

يادفء الفؤاد في ليالي الزمهرير

يابلسم الجرح في متاهة الوجع

يادمعة على خدّ الزمن.

 

 

تُتاح هذه الصورة أيضا في: العربية

مقالات ذات صله

الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Copyright © 2021 by Lalish Media Network .   Developed by Ayman qaidi