بسام مال الله
كان يمشي الى حيث اللامكان, مع همه الذي لم يفارقه منذ اول صرخة أطلقها, وهو يغادر وطنه , باحثا بين طياته عن امل يخلصه من همومه المتراكمة كذرات التراب على رصيف الزمان, وعن ملامحه في الوجوه المارة ما بين امس ضائع وغدٍ مجهول ,نفث دخان السِكارة الاخيرة التي معه حاول ان يتبع دخانها الى حيث لا يدري لكنه فشل في اللحاق به , فالدخان كان على عجلة من امره.
تقدم خطوات الى الامام واخرى الى الخلف , استدار الى يمينه ومن ثم الى اليسار باحثا ً عن ذاكرته في جيوب المارة, لكنه وجدها خاوية ً ,مضغ تجاعيد وجهه لعله يعيد هويته التي فقدها في لعبة قمار مع القدر .,فخسر ملامحه في رمية نرد اخيرة .
تعثر بحظه الذي فارقه منذ زمن بعيد ,والذي كان ملقى على احد جانبي الطريق ,نظر اليه طويلا , وقال مع نفسه :هل يعقل بعد كل هذا الزمن يأتي الي مصادفة وبدون موعد , ابتسم للحظ بما تبقى منه من ذكريات مخزونه في لا وعيه من انسان ,وبفطرته بدأ يحلم بالخلاص من وجعه وينسج خيوطا من الوهم بنى عليها امالا ,انتظر طويلا الى ان فرغ المكان من المارة وتوقف الزمن وكل لحظة يزداد اصرارا وتشع امامه الحياة نورا بالوان الطيف ,انحنى بانكسار مملوء بالهزيمة ليلتقط الأمل , لكن اصوات من بعيد شوشت عليه حلمه ,استدار قليلا لكنه لم يكترث ,واصر على ان لا يفوت الفرص هذه المرة, فبعد ان ابتسمت له الحياة فلن يتراجع, اعتلت الاصوات من كل جانب, فازداد عزماَ فارتمى على حلمه الملقى على الطريق و حضنه كأم تحضن طفلها , فتشظى في المكان مبتسما ً.
كتبت الصحف في اليوم التالي انفجار عبوة ناسفة يؤدي بحياة متسول مجهول الهوية .
تُتاح هذه الصورة أيضا في: العربية