مارس 29, 2024

Lalish Media Network

صحيفة إلكترونية يومية تصدر باشراف الهيئة العليا لمركز لالش الثقافي والاجتماعي في دهوك - كوردستان العراق

مهند ناسو السنجاري: شتلة وجذع

شتلة وجذع

مهند ناسو السنجاري

في تلك الليلة القدسيةِ الباردة .. ومن نوافذ ذالك المنزل القديم..كانت تصدحُ أنغام تلك الأغنية الحماسية”الأرض أبتتكلم عربي..الأرض”وعلى وقع إلحانها :
أخذ (ألجد) يطاردُ بعينيهِ ألخابية- الأسد- وهو ينقضُ على فريستهِ بلا رحمةَ من على شاشة التلفاز،غير مكترث لحفيده ليث الذي كان يداعبَ جهاز الراديو ويحاول أغاضتهِ من حين إلى أخر..باْن يرفع صوته أو يتصنعَ الضحك على كوب الشاي الذي كان يتراقصُ مع جسد جدهِ.. كلما عاودته نوبة السعال
وفيما كان الجد الضائع بعظامه البارزة بين أحضان ذالك المقعد الوثير،يمسحُ ذقنه بعدَ كل مرةً يبصقَ في علبة الحليب الفارغة والمخصصة لمخلفاته..كان ليث ينصتُ بحذرً وترقب،لتلك الأنشودة الوطنية التي دائما ماكانت تستبق الأخبار العاجلة.. بصخبً “ألان ألان وليس..غدا”
وكالعادة كان ينهرهُ بنفس العبارة المتكررة :
– ألا تخفضُ صوتَ راديو الهزيمة هذا ؟
باستياء وتجهمً يخفض ليث الصوت قائلا:
– ولماذا راديو الهزيمة ياجدي؟
تنهد بألم..وكأنه يتنبأ بالماضي:
– أليس هو مَن كان ومازال ينقل لنا وعلى الدوام أخبار الهزائم والنكسات؟!!
يبددٌ الخبرِ العاجل..ضوضاء ألصمتِ والفراغ الذي خلفهُ الموقف لينقذ ليث من محنتهِ..في التهرب من ألإجابة.
لصق ليث جهاز الراديو بأذنُيه لبرهةً ،قبلَ أن يقفز إلى أحضان جده.. لينهال عليه بالقُبلات وهو يتراقص مكُبرا”الله أكبرالله أكبر” لقد فعلها ألإبطال ياجدي..
يجفلُ الجدِ متُسائلا بدهشةً:
– من هم يابُني؟وما ألذي فعلوه؟
بثقةٍ وغرور يجيبُ ألحفيدَ:
– المُجاهدون فقد قامَ أحد هم؛ بَعمليةً استشهادية في احدى نقاطِ التفتيش ألصهيونية و في مدخل الجدار العازل؛وقتلَ أثنين منهُم.
يبلع الجدَ ريقه..وكطفلِ بريء حين يسألُ والدتهِ ماهوَ فوق طاقته للفهمَ ..
– وهوَ..هل قُتل؟
وبنظرةِ استصغار وعطفً أربت ليث على كتفِ جده المُتخشب قائلا:
– كلا لم يقتل. بل قد نال الشهادة.
حاول الجد إن يحُل طلسم الإجابةِ بما تبقى له من فكرً مشوش وهو يتمتمُ
في قرارة نفسه متسائلا..أذا كان الموت يستطيع أن يفرقَ بين قتيلً أوأستشهادي؟
فعادَ إلى حفيدهُ بأسئلته تلك.. متخوفاً من الأجوبة ألغامضة التي لم يعُد بمقدوره
فهمها، وهوَ بهذا العمرُ فاستفسرَ قائلا:
– والجدارْ..الجدارُ العازلِ هل أستطاع إن يزيلهُ الشهيد ألبطل ..بجسدهِ الناسفْ ،الطاهرْ؟
أجابه ليث بامتعاض:
– كلا. لكنهُ أدخلَ الرعب في صفوفهِم.
أشعلَ الجدُ غلو ينه وأخذ يتمتم ..وكأنه يناجي نفسه:
فليرحمهم الله ويسكنهم فسيح جنانه!!
أنتفض ليثَ من كرُسيه وجنَ جنونهِ فقال لجدهُ بلكنةِ غضبً وتهكم:
– أوى  تترحمَ على أعدائنا ودمُ شهيدنا ألبار لم يجفَ بعد؟
كان الجدُ مايزالُ ساهماً بالأسد الذي انتهى من فريسةُ.حينه اخذَ
شهيقاً وهو يخنق السعالِ في صدرهِ المُلتصق لظهرهِ ؛وقالْ متنهداً
وكأنهُ يتذكرَ المستقبلِ القريبْ جيداً:
– كلا يأبني فأنا لأترحم على الأعداء؟ ولا أترحم على روحَ الشهيد
لأنه لم يعُد بحاجتها فقد بات من أهل الجنة؟
بلْ أترحمُ على أرواح الأحياء والأبرياء الذين سيقُتلون غداً
رداً وانتقاما ًلعمليةَ.. شهيدنا البطْل!!
أوى ليث إلى فراشهِ وهوَ يحاول احتواء كلمات جَدهِ ألعالقةُ ،الرنانة
في ذهنه ،ليغفو على ألحانِ “الغضبُ الساطعْ..وأنا كُلي أيمان “.

تُتاح هذه الصورة أيضا في: العربية

مقالات ذات صله

الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Copyright © 2021 by Lalish Media Network .   Developed by Ayman qaidi