إله الشر في الديانة المصرية القديمة
خيري إبراهيم كورو
أعتقد المصريون القدماء أن الآلهة هي التي خلقت الأرض وقاطنيها، وهي التي تنضم الحياة وما عليها. ومن الآلهة من هو للخير ومن هم مَن يحب التدخل في شؤونهم وفرض أرادته داخل مجتمعهم١ وهم يمثلون الشر.
ومن أشهر آلهة الشر عند المصريين القدماء الإله سِت أو سِتان، وسِت هو أبن كل من جب إله الأرض ونوت إله السماء، وكان ذا قوة عارمة وأطول قامة من أخيه اوزيريس ولا يقل عنه جمالا ووسامة، واتسمت بشرته بالون الأحمر، أما عيناه فتميلان إلى اللون الفاتح وكان يضمر مشاعر الغيرة والحقد تجاه أخيه اوزيريس، لان هذا الأخير استنادا إلى أصله الإلهي وبنوته لأتوم راع والإلهة نوت قد ارتقى عرش مملكة الأمنتت، ولكن في الوقت نفسه ووفقا للقواعد السائدة وقتئذ، كان سِت الابن الأكبر والوريث الشرعي هو الأحق بتولي العرش، وهكذا اضمر سِت في نفسه حقدا ومقتا رهيبا تجاه أخيه أوزيريس٢.
وهناك عدد من الأساطير تتحدث عن النزاع الدموي بين اوزيريس وسِت. وأشهر تلك الأساطير تحكي إن أوزيريس كان ملكا عادلا محبا للخير يحكم مصر من مقره بالوجه البحري، وكان أخوه سِت يحسده ويريد عرش مصر، فأعد وليمة كبير دعا إليها أخاه، وكان قد اعد صندوقا فاخرا فدعا سِت المدعوين إلى الاستلقاء في الصندوق، فمن يجد الصندوق مناسبا له يستطيع أن يأخذه، وكان سِت قد أعده على مقاس أوزيريس وعندما استلقى فيه اوزيريس أغلق سِت وأعوانه الصندوق ورموه في النيل، فمات اوزيريس غرقا. فأخذت أخته إيزيس ( وهي في نفس الوقت زوجته ) تبحث عنه حتى وجدته في جبل (بيبلوس) ولكن سِت افلح في سرقة الجثة وقطعها إلى (14 أو 16) قطعة ثم قام بتفريقها في أماكن مختلفة من ارض مصر ولكن إيزيس وأخته تمكنتا من استعادة الأشلاء، واستخدمت إيزيس السحر في تركيب جسد اوزيريس لإعادة الروح له والإنجاب منه. وقد كان من الصعب على اوزيريس أن يعيش مثل حياته الأولى فلزم عليه أن يحيا في مملكة الموتى، وولدت إيزيس منه ولدا بالسحر وهو حورس، وقامت إيزيس بتربية حورس في أحراش الدلتا سرا حتى اشتد ساعده فأخذا يصارع سِت انتقما منه لأبيه حتى هزمه في النهاية٣.
وبصفة عامة يجسد سِت الإله الأحمر وكل ما يتعارض مع النور الدنيوي والضياء الإلهي والروحاني وهو يعتبر في آن واحد، الصحراء وحيوانات الصحاري والجبال القاحلة الجرداء الغير مأهولة والبلاد الأجنبية والوحوش الكاسرة مثل التماسيح وحيوان فرس النهر في النيل. وكان سِت يمثل في هيئة حمار منتصب الذيل ثم فيما بعد في شكل إنسان له رأس حمار٤. واعتبر سِت فاعل شر وعدو للخير، ويميل بعض من الباحثين إلى القول إن سِت هو صورة بدائية لشخصية ال(ش) حيث بالإضافة إلى التشابه في الأفعال الشريرة التي تجمع بين سِت و ال(ش) فأن أسم سِت مقارب من كلمة (satan) ساتان أو ال(ش)٥.
المصادر
١- مجموعة من كبار الباحثين بأشراف ط. ب. مفرج، موسوعة عالم الأديان، الجزء الأول، ص146.
٢- روبير جاك تيبو،موسوعة الأساطير والرموز الفرعونية، ترجمة فاطمة عبدالله محمود،ص185.
٣- أرض الفراعنة، من الانترنت، http://library.thinkquest.org/C0116484/arabic/simple/religion002.ht
٤- روبير جاك تيبو، موسوعة الأساطير والرموز الفرعونية، ترجمة فاطمة عبدالله محمود،ص185.
٥- خدر خلات بحزاني، مجلة لالش العدد (20 )، ص71.
xerikoro@yahoo.com
تُتاح هذه الصورة أيضا في: العربية