رجل من الشمال ورحلة البحث عن الذات
سعيد جردو مطو/شنكال
شنكال المدينة التي تولد كالعنقاء من رمادها تزخر بطاقات إبداعيه لو توفرت لها الفرص والإمكانيات ستكون لحضورها صدى متميز على الساحتين العراقية والكوردستانيه .
مراد سليمان علو خير مثال لما ذكر فهو أديب مبدع بكل ما في الكلمة من معنى قاص وشاعر وناقد دخل معترك الحياة الثقافيه بعد سقوط النظام ونشر نتاجاته في الصحف المحليه ومواقع النت حيث إستطاع وبفترة قصيرة إثبات وجوده وإيصال صوته المميز الى قراء لغة الضاد فهو يكتب بالعربية لأنه حرم كبقية أبناء جلدته من الدراسة بلغة الأم ولعقود من الزمن .
إرتئينا عبر هذا المقال المرور بقصصه التي ضمتها باكورة أعماله المطبوعه(رجل من الشمال) والتي قامت بطبعها مشكورة مديرية شؤون الديانة الأيزيدية التابعه لوزارة الأوقاف والشؤون الدينيه في حكومة أقليم كوردستان لنبحث معه عن الذات الإنسانية التي صارعت قساوة الحياة وشظف العيش في بيئة كانت تفتقر الى أبسط وسائل ومتطلبات العيش الكريم نقلها لنا حية وبأسلوب قصصي ممتع ولغة سلسه تنساب بإيقاع بديع لتدخل الى قلوبنا دون إستئذان إستخدم فيها قاصنا المبدع كل عناصر القصة الحديثة من (ديالوج ومونولوج وفلاش باك وتوارد الخواطر) .
في قصة الوليمه يرينا الوجه البشع للإرهاب المقيت الذي يتخطى كل الخطوط الحمراء التي أوجب الرب في وصاياه بعدم تجاوزها ليعلن الإرهاب بذلك برائته من كل الأديان والشرائع السماويه وفي قصة (العلاج)يشعرنا بضرورة الإصرار على المشاركة في صنع القرار وتحدي جميع المصاعب وذلك عبر المشاركة في إختيار ممثلي الشعب ليكونوا للجميع صوتا تطالب بإقرار العدالة الإجتماعيه التي نسمع صداها بوضوح في قصة (حسن دربو) ذلك الفتى الصغير الذي لم يصلب عوده بعد تجبره مرارة الحياة على ما لا طاقة له به.
وفي (رجل من الشمال) والتى أختارها لتكون عنوانا لمجموعته القصصيه نتذكر معه سياسات القمع والاضطهاد والتهجير ومحو الهوية التي مورست بحق الكورد عامة والأيزيديين منهم على وجه الخصوص والتي بلغت أوجها بعد إنتكاسة عام 1975 .وفي قصته الموسومة (جدي) ينقل لنا صمود أجدادنا الأفذاذ بوجه أعتى العواصف للإحتفاظ ببرعم ربيع مزهر قادم.
وفي (نشيد الجوع) نرى بأن بساطة العيش ونقاء الروح لدى أهالي القرى كانت سببا لإنتظار حدوث مكرمات وحضور المنقذ في أية ساعة يستنجد به. وفي قصتيه(رائحة اللحم المحترق والموعد الأخير) يقف في محطة ظاهرة خطيرة إجتاحت مجتمعنا لا سيما في السنوات الأخيرة وهي ظاهرة الإنتحار وبخاصة بين الفتيات وهي مأساة يحثنا القاص جميعا على الوقوف بوجهها وإقتلاع جذورها وذلك بمعالجة الخلل أينما وجد سواء أكان إجتماعيا أو إقتصاديا أو نفسيا كل ذلك سيكون بتوفير جميع متطلبات الحياة الحرة الكريمه لنتخلص من هذا البعبع المخيف والى الابد. كانت هذه قراءة سريعه في بعض من قصص المبدع مراد سليمان علو متمنين له دوام التألق والابداع.
تُتاح هذه الصورة أيضا في: العربية