هل الهجرة..حل”……
المجتمع الدولي هو المسؤول الأول والرئيسي عن أسباب التغيرات والحروب التي وقعت ولاتزال مستمرة في الشرق الاوسط بشكل عام وأكثر من دولة عربية والاهوال والمآسي العظيمة التي حلت بشعوبها ودون استثناء تحت شعار الوصول الى الحرية والعدالة والديمقراطية والخلاص من النظم والحكومات العربية الدكتاتورية، وذلك بأخذ الديمقراطية الغربية نموذجا يحتذى به………….
فكانت النتيجة بدلا من التغيير الديمقراطي السلمي للسلطة ومن خلال شعوب المنطقة وكنتيجة لعدم فهم النظام الديمقراطي بصورته الصحيحة، أن ظهرت حركات ومجموعات مختلفة ( ثورية، وطنية، وأخرى ارهابية) استغلت الفراغ الأمني وغياب سلطة حقيقية قادرة علي مسك الأمور وملئ الفراغ، استغلت ذلك لتنفيذ مشاريع واجندات دولية وإقليمية وأخرى متطرفة استغلت الواجهات الدينية لتنفيذ عمليات ارهابية استهدفت جميع شعوب المنطقة بالشرق الاوسط وبشكل خاص المواطنين واتباع الأقليات الدينية والمذهبية وحتى القومية، مما أدى إلى تشتت النسيج الاجتماعي والمكاني للاهالي، من خلال موجات نزوح وطرد وتفريغ للمناطق……..
ومن أبرز الدول العربية التي عانت ظاهرة التفريغ والنزوح والقتل على الهوية سواء الدينية أو القومية أو المذهبية او حتى القتل بالمزاج الشخصي هي (سوريا والعراق)، فمنذ التغيير السياسي في العراق العام (2003)، والذي من المفترض أن يكون تحولا إلى نظام ديموقراطي مدني ومؤسساتي إلا أن المحاصصة الطائفية التي فرضت نفسها على الواقع السياسي أفرزت صراعات وتحالفات وتجاذبات واختلافات بين الماضي المغدور سياسيا والمحروم اقتصاديا والمكبوت مذهبيا وبين الحاضر المختلف عليه فئويا وحزبيا، والتهميش المذهبي المتعمد من الحكام الجدد على سادة الماضي ، فكانت النتيجة فتح ساحة الصراع الدموي والتي كان ضحيتها الأكثر مواطنون ابرياء وخاصة من كان ضمن أو يحسب على إحدى الأقليات…….
أما في سوريا فالأمر لم يكن مختلفا،فمنذ شرارة ما سمي بالربيع العربي ( والذي أصبح خريفا أكثر ) ووفاة الشاب التونسي في المستشفى والذي أصبح القربان الأول للربيع الخريفي، لم تستطع السلطة في سوريا أن تبقى بعيدة عن تيارات التغير الهائجة أو أن تعزل نفسها عن هذا الواقع السياسي والجماهيري الجديد، ومن وراء المد الإعلامي الكبير وطرق ما يسمى التواصل الاجتماعي على الانترنت من جهة وكنتيجة حتمية لتاريخ طويل ملئ بالممارسات الدكتاتورية وحرمان الشعب من أغلب أو ربما جميع الحقوق، بدأت عملية المطالبة بالتغيير السياسي من مدينة درعا في الجنوب العام (2011) وتواصلت حتى تحولت بعد ذلك إلى صراع مسلح واسع على طول البلاد وعرضها، ومن خلال استغلال الواجهة الدينية بشكل أكبر من النضال الوطني الثوري دخلت برامج واجندات حتى أصبح القتل والذبح والسبي وأخذ الغنائم بإسم الدين أبرز الفعاليات والأنشطة التي تمارسها مجاميع واشخاص ملتحون، وأبرز نتيجة افرزها هذا الواقع الجديد قيام دول داخل دول (PIP) وطرد وتشريد مناطق ومجتمعات كاملة كانت مستقرة في الماضي القريب، حتى ضربت سوريا الرقم القياسي في عدد المشردين واللاجئين سواء في دول الجوار غير البعيدة عن الصراع أو النفور والعبور إلى أرض الله الواسعة في الغرب والشرق العالمي….
الخلاصة……..
ان التأثير السلبي لدول الديمقراطية العتيدة في أمريكا وأوروبا على شعوب المنطقة العربية أفرزت (كنتيجة منطقية للاختلافات الكبيرة والفوارق الواسعة بين ما يسمى الشمال الغني المتمدن والمؤمن بكل تفاصيل النظام الديمقراطي والتغيير المدني السلمي من خلال تجربة طويلة في هذا المجال، وبين الجنوب الفقير ماديا وفكريا والذي لا يفهم إلا النظام الدكتاتوري التوارثي ولم يعهد غير السكوت والكبت والاستسلام للواقع) صراعات وتحالفات واختلافات وفروقات دفع بأهل الجنوب والجنوب الشرقي العربي إلى ليس فقط التفكير بل اتخاذ القرار باللحاق بالديمقراطية الغربية في الشمال الغني وكذلك البحث عن فرصة عمل جديدة والحصول علي حياة جديدة ومستقرة بعد أن أقتنع بأن الشرق الأوسط بعد جدا عن التوافق والاستقرار والديمقراطية السلمية الحقيقية…….
وهكذا بدأت أعداد المهاجرين إلى اوربا بالتزايد خاصة بعد اجتياح تنظيم الدولة الإسلامية داعش سوريا(2013) ومن ثم العراق في (9/6/2014) وارتكابه جرائم فظيعة ضد الإنسانية في مناطق مختلفة في الدولتين وبشكل خاص المواطنين المنتمين للأقليات الدينية والمذهبية مثل الايزديين والمسيحيين وطردهم من مناطق سكناهم وتفريغها بشكل كامل، وكنتيجة لعدم المساعدة الجدية لدول التحالف الدولي لمنع تلك الجرائم والتي وصلت الى حد الإبادة الجماعية كما حدث مع الايزديين في شنگال، بدأ الأهالي في مناطق التوتر واستمرار الحروب بالنزوح وبالتالي الهجرة إلى اوربا مع غياب حل جذري لتحرير مناطقهم وإبعاد المجموعات الإرهابية عن تلك المناطق،،،،،
أخيرا وحسب آخر الاحصاءات فإن عدد المهاجرين إلى اوربا هذا العام في تزايد وربما سيتجاوز المليون والحصة الأكبر ستكون من نصيب المانيا لكون ظروف اللجوء لديها أفضل من باقي الدول من جهة وأن أغلبية أبناء الأقليات من الايزديين والمسيحيين يفضلون المانيا لوجود جالية كبيرة منهما في هذا البلد من جهة أخرى….
تُتاح هذه الصورة أيضا في: العربية