أبريل 18, 2024

Lalish Media Network

صحيفة إلكترونية يومية تصدر باشراف الهيئة العليا لمركز لالش الثقافي والاجتماعي في دهوك - كوردستان العراق

خدر شنكالى..ماحدث في 14 آب جريمة ابادة جماعية وفق القانون الدولي العام

ماحدث في 14 آب جريمة ابادة جماعية وفق القانون الدولي العام

خدر شنكالى
جرائم الابادة الجماعية او جرائم ابادة الجنس البشري او جرائم ابادة الجنس ، هي مفاهيم تعبر كلها عن معنى واحد وهو الافعال التي تهدف الى القضاء على الجنس البشري واستئصاله من مكان معين .

وتعد جريمة الابادة الجماعية من اخطر الجرائم التي تهدد الجنس البشري ، وتكمن خطورة هذه الجريمة في تعدد الافعال بقصد القضاء على جماعة معينة ، وطنية سواء اكانت هذه الجماعات عرقية او دينية ، وفي هذا التعدد يكمن شذوذ فاعلها او فاعليها .
وهذه الجريمة ليست حديثة العهد وانما هي جريمة قديمة قدم البشرية ذاتها ، والابادة الجماعية او القتل الجماعي هي تسمية يونانية قديمة وتتكون من مقطعين (      Genos )  ويعني الجنس و ( Cide  ) ويعني القتل ، ويكون بذلك كلمة الجينوسايد ( Genocide  ) وتعني ابادة الجنس .
وقد ارتكبت هذه الجريمة قبل الحرب العالمية الثانية بحق بعض الجماعات العرقية والدينية بهدف القضاء عليها كليا او جزئيا ، كجرائم الابادة التي ارتكبت  بحق الارمن والايزديين ايام الامبراطورية العثمانية ، وكذلك قامت النازية بارتكاب جرائم ابادة جماعية  اثناء الحرب العالمية الثانية بحق بعض الاقليات والجماعات كاليهود والغجر ، وعلى هذا الاساس تم محاسبة مرتكبيها في محاكم نورمبرغ المعروفة .
ونظرا لخطورة وبشاعة هذه الجريمة وانتهاكها الصارخ لحقوق الانسان ، فقد بادر المجتمع الدولي الى العمل من اجل وضع حد لهذه الجرائم والحيلولة دون تكرارها ، فقد اصدرت الجمعية العامة للامم المتحدة القرار رقم ( 96 ) لسنة 1946 والتي اعتبرت فيه ان جريمة ابادة الجنس تعتبر جريمة يحظرها القانون الدولي وهي تتعارض مع روح الامم المتحدة واهدافها ويستنكرها العالم المتمدن . ثم اقرار اتفاقية منع ابادة الجنس البشري في كانون الاول عام 1948 والتي اصبحت سارية النفاذ من 12 / 1 / 1951 .
وبالرغم من تزايد الاهتمام الدولي والجهود الدولية للحد من ارتكاب هذه الجريمة ، الا انها اخذت بالتزايد بشكل مضطرد ولاسيما في العقد الاخير من القرن العشرين ، كالجرائم التي ارتكبها النظام العراقي في عهد صدام حسين عام 1991 ضد الكورد في الشمال والشيعة في الجنوب والتي راحت ضحيتها مئات الآلاف من المدنيين الابرياء ، وكذلك الجرائم التي ارتكبتها السلطات الصربية ضد المسلمين في البوسنة والهرسك 1991-1994 وكذلك جرائم الابادة الجماعية في كوسوفو عام 1998 وفي الشيشان عام 1999 .
عرفت المادة ( 6 ) من نظام روما الاساسي للمحكمة الجنائية الدولية ، جريمة الابادة الجماعية بانها ، اي فعل من الافعال التالية والتي ترتكب بقصد اهلاك جماعة قومية او اثنية او عرقية او دينية بصفتها هذه اهلاكا كليا او جزئيا :
1.    قتل افراد الجماعة .
2.    الحاق ضرر جسدي او عقلي جسيم بافراد الجماعة .
3.    اخضاع الجماعة عمدا لاحوال معيشية يقصد منها اهلاكهم فعليا سواء اكان كليا او جزئيا .
4.    فرض تدابير تستهدف منع الانجاب داخل الجماعة .
5.    نقل اطفال الجماعة عنوة الى جماعة اخرى .

يتضح لنا من التعريف اعلاه ان هناك العديد من الافعال التي تكون هذه الجريمة في حالة ارتكابها ، الا ان الذي يهمنا هنا هو الفقرة الاولى من هذه الافعال وهي ، قتل افراد الجماعة ، وان هذا الفعل يعد من اخطر افعال الابادة على الاطلاق بسبب النتائج المباشرة التي تنتج عنه . وهذه الجريمة كأي جريمة اخرى يشترط لارتكابها توفر الركنين المادي والمعنوي ، فالركن المادي في هذه الجريمة يتمثل في وقوع فعل القتل اي قتل افراد من الجماعة ويقصد به ضرورة وقوع القتل الجماعي ، ولايشترط ان يصل عدد القتلى الى حد معين ، المهم هنا ان يقع على افراد الجماعة ، كما لايهم على من يقع عليه القتل سواء كان رجالا او نساءا او اطفالا . اما الركن المعنوي فيتمثل في نية الفاعل لتدمير هذه الجماعة سواء كان كليا او جزئيا ، بمعنى ان ينصرف علم وارادة الجاني اثناء ارتكابه للفعل الى الابادة ، ونية التدمير هذه هي ما يميز جريمة الابادة عن غيرها من الجرائم الدولية ، اذ دون هذه النية لامجال للحديث عن الابادة الجماعية مهما بلغت درجة خطورة الافعال المرتكبة ضد الافراد .
ويعاقب الفاعل في هذه الجريمة على جميع صور الاشتراك فيها كالتحريض والاتفاق والمساعدة وكذلك على الشروع فيها ، وان الحصانة الدبلوماسية او الصفة الرسمية لمرتكبها لايعفيه من العقاب .
ولو نطبق ما ذكر اعلاه على ما حدث في مجمعي ( كرعزير و سيبا شيخ خدر ) في يوم 14 من اب عام 2007 من ابادة جماعية على اثر تفجير شاحنيتين محملتين بالمواد المتفجرة والتي راحت ضحيتها اكثر من 1000 شخص بين قتيل وجريح من المكون الايزدي ومن المدنيين الابرياء رجالا ونساءا واطفال اضافة الى تدمير المئات من المنازل واضرار كبيرة بالممتلكات الخاصة ناهيك عن الآثار النفسية التي لايمكن نسيانها على مدى عقود طويلة ، يمكننا القول بان هذا الفعل او هذه الجريمة تعتبر من جرائم الابادة الجماعية وفق القانون الدولي العام ، لان الفاعل قد استهدف من فعلته الشنيعة هذه القضاء على المكون الايزدي وابادته وهذا مانص عليه النظام الاساسي للمحكمة الجنائية الدولية عند تعريفه لهذه الجريمة وكما ذكرناه سابقا ، حيث ان الفاعل يجب ان يقصد عند ارتكابه للجريمة اهلاك جماعة قومية او اثنية او عرقية او دينية معينة وهذا ما يطبق على المكون الايزدي باعتبارهم جماعة دينية معينة لها خصوصيتها الدينية وعاداتها وتقاليدها الخاصة بها كما انهم يسكنون في مناطق جغرافية معينة في العراق مثل سنجار وشيخان .
كما ان اركان جريمة الابادة الجماعية متوفرة ايضا هنا ، فالركن المادي في هذه الجريمة يتمثل في القتل العمد لعدد من الناس ولايهم سواء كانت هذه الاعداد كبيرة او قليلة ، المهم هنا ان تنتمي هذه الاعداد الى جماعة معينة وهو المكون الايزدي وهذا ما خطط واستهدف اليه الفاعل وهو قتل وابادة اكبر عدد من الايزدية .
اما الركن المعنوي ، فتمثل في توجيه نية وارادة الفاعل الى قتل وابادة افراد او اعداد من المكون الايزدي ، اي ان الفاعل يعلم عند ارتكابه لهذه الجريمة بانه يقوم بقتل وابادة مجموعة من ابناء الديانة الايزدية .
وبما ان الدافع او الباعث الديني يعتبر من العناصر الرئيسية لتحقيق جريمة الابادة الجماعية وكما هو واضح من التعريف اعلاه ، لذا فقد كان الدافع او الباعث الاساسي لقيام الفاعل بارتكابه لهذه الجريمة هو قتل وابادة الايزديين لمجرد كونهم ايزديين يختلفون عن غيرهم في الدين والعقيدة ولهم خصوصيتهم الدينية ، وهذا ما عوّل عليه الكثير من فقهاء القانون الدولي في تكييفهم لهذه الجريمة باعتبار ان هذا الدافع او الباعث كان ولايزال السبب في ارتكاب الكثير من جرائم الابادة الجماعية بحق المجموعات او الاقليات الدينية والعرقية وفي مناطق العالم المختلفة .
بعد تكييف هذه الجريمة التي ارتكبت بحق المكون الايزدي في كرعزير وسيبا شيخ خدر وفق القانون الدولي العام واعتبارها جريمة ابادة جماعية لتوافر جميع شروطها واركانها ، فعلى الايزدية وخاصة ايزديي المهجر القيام بدور اكبر في تعريف العالم بهذه الجريمة وذلك من خلال الجمعيات والمؤسسات الثقافية والاجتماعية الايزدية باعتبارها من مؤسسات المجتمع المدني والقيام بالفعاليات التي من شأنها ان تؤدي هذا الدور كاقامة الندوات لغير الجالية الايزدية في الدولة التي يقيمون فيها بحضور بعض المسؤولين والمعنيين ومؤسسات المجتمع المدني لتلك الدولة ، واقامة المعارض السنوية وعرض الافلام الوثائقية التي تعبر عن حجم الكارثة وغيرها من الفعاليات والنشاطات  لغرض الاعتراف الدولي بها كجريمة من جرائم الابادة الجماعية وتوثيقها وادخالها في سجلات الامم المتحدة ومنظمات حقوق الانسان .
الرحمة لجميع شهداء كارثة 14 اب والخزي والعار للقتلة والمجرمين اعداء الله والانسانية .

 

مصادر تم الاستفادة منها في اعداد المقالة :
1-    لندة معمر يشوي ، المحكمة الجنائية الدولية الدائمة واختصاصاتها
2-    علي يوسف الشكري ، القضاء الجنائي الدولي في عالم متغير
3-    ضاري رشيد السامرائي ، الفصل والتمييز العنصري في القانون الدولي العام

 

تُتاح هذه الصورة أيضا في: العربية

مقالات ذات صله

الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Copyright © 2021 by Lalish Media Network .   Developed by Ayman qaidi