يعيش الملك سلمان .. تسقط الديمقراطية
كنا ننتظر البيان المرتقب الذي نوه عنه تلفزيون صدام أكثر مرة . سنذيع عليكم بعد قليل بيانا هاما من مديرية الأمن العامة .
بدأ البيان بلقطات لشخص صوّروه من اتجاهات مختلفة بشعر ثم ظهر حليق الرأس، قرأ المذيع البيان التالي: “الماثل أمامكم المدعو ثائر عبد القادر يدعي القرابة بالمسؤولين. لقد مارس عمليات احتيال على مواطنين بدعوى القرابة للمسؤولين، على كل من وقع ضحية احتياله إبلاغ مديرية الأمن العامة”.
الماثل أمامنا لم يكن يدعي القرابة بالمسؤولين مثلما ادعى بيان مديرية الأمن العامة، انه من المسؤولين ومن اقرب المقربين لصدام. هو ثائر عبد القادر سليمان المجيد. عمه شبيب سليمان المجيد المرافق الأقدم لصدام وابن عمه. سجن ثائر للفترة وأطلق سراحه لأنه أراد منافسة عدي في العمل التجاري. قتل ثائر لاحقا برصاص حسين كامل أثناء اقتحام عشيرة صدام منزل ابن عمهم حسين وصدام كامل حسن المجيد بعد عودتهما من الأردن.
بعد هذا البيان سربت حكومة صدام عشرات الأفلام لضباط امن وشرطة يتعرضون للضرب المبرح لأنهم تعرضوا للمواطنين، حسبما قالوا في تلك الأفلام، التي لا يزال البعض منها موجود على شبكة النت. كثيرا ما شاهدنا في تلفزيون عدي مقابلات تلفزيونية تصل لحد المحاكمات لمسؤولين ومحافظين يسارع صدام بعد تلك المقابلات لإقالة ومعاقبة البعض من أولئك المسؤولين.
كل هذه المقابلات والأفلام المسربة وقضية ثائر وغيره، كان هدفها الدعاية للنظام وتبييض صفحته، وإلقاء مسؤولية الفقر والفاقة والعوز والمرض وحتى التعدي على حرمات وحريات العراقيين برقاب مسؤولين من الدرجة الثانية والثالثة.
هل كان صدام ونظامه حمامة سلام وكنا نحن المذنبين؟.
هل يمكن لعاقل ان يصدق ان مدير مستشفى أو محافظ أو رئيس دائرة بلدية أو ضابط أمن كل هؤلاء مسؤولين عن مآسي العراقيين وصدام بريء منها؟.
ما ضخه إعلام صدام بالأمس يضخه إعلام سلمان ملك السعودية والاعلام الموالي له هذه الايام . أعفى الملك سلمان “رئيس المراسم الملكية محمد بن عبد الرحمن الطبيشي من منصبه لأنه اعتدى على مصور صحفي”.
“وهذه هي المرة الثانية التي يتصرف فيها على هذا النحو الملك السعودي الذي لم يمض على توليه العرش غير أربعة أشهر، ففي وقت سابق أعفى الملك سلمان وزير الصحة أحمد الخطيب من منصبه بعد مشادة كلامية نشبت بين مواطن والوزير على خلفية طلب المواطن نقل والده إلى أحد المستشفيات بالرياض وإصراره على ذلك
“.
نقلت هذا التضمين من مقالة لكاتب عراقي من كتاب جريدة المدى . كتب في بداية مقاله :”في السعودية التي لا تعجب بعضا ممن لا يعجبهم إلا أنفسهم”. كأن الإعجاب بالسعودية مفروضا على كل الناس باستثناء الذين لا يعجبهم إلا أنفسهم، وكأنها وصلت إلى درجة الكمال بكل شيء.
قارن الكاتب في مقاله بين أفعال الملك سلمان وبين ما فعله بعض مسؤولينا بالصحفيين.
كلنا ضد التصرفات والأفعال المدانة والمستهجنة التي يقدم عليها بعض المسؤولين وأطقم حماياتهم ، يجب ان يخضعوا للحساب العسير. كل العقلاء مع التصرفات التي تنتصر للمواطن على حساب المسؤول المسيء ، لكن هذا يجب ان يكون منهجا عاما في التعامل مع كل المواطنين في دولة ديمقراطية تتداول فيها السلطة ولا يظلم فيها إنسان.
هل تتوفر أدنى شروط الحكومة العادلة بحكم آل سعود؟.
هل هذا التجميل والدعاية الإعلامية تنسينا جرائم النظام السعودي بحق معارضيه؟.. احدهم الناشط في حقوق الإنسان رائف محمد بديوي مؤسس موقع “اللبراليون السعوديون” الالكتروني . حكم بالسجن عشر سنوات والجلد ألف جلدة لأنه انتقد في تغريده ممارسات هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. تدخلت كل منظمات حقوق الإنسان وبعض الحكومات الغربية من اجل إيقاف عقوبة الجلد ولم تتمكن، نفذت فيه أول جلدة في 15 من الشهر الماضي بزمن حكم “الملك العادل سلمان”.
من المفيد ان نذكر الكاتب المحترم ان السعودية تمتلك أسوأ سجل في حقوق الإنسان بشهادة المنظمات الدولية المهتمة بحقوق الإنسان
.
في الوقت الذي تقصف طائرات الملك سلمان الشعب اليمني الفقير وتغص سجون مملكته بآلاف المعتقلين يخرج علينا كاتب عراقي لينقل لنا “اهتمامه” بما أقدم عليه الملك سلمان ليقارنه بالسيئ من بعض أفعال مسؤولينا الخرقاء.
توقيت المقال وان جاء على شكل مقارنة مراد منه امتداح الملك الجديد ، لو قارن الكاتب تصرف مسؤولينا بتصرفات لساسة غربيين مشهود لهم بالعدالة لهان الأمر. للتذكير فان مئات الكتاب والمثقفين العرب تجندوا للدفاع عن صدام ونظامه وتحسين صورتهم القبيحة وقبضوا أثمانا مقابل ذلك. كان ذلك يحز في نفوسنا خاصة وان بعض أسماء من جندهم صدام كانت ذات بريق شهرة وعطاء ، لكن ذلك لم يغير من صورة النظام القمعية ولم يمنع من سقوطه. قال احد الحكماء: “الخالي من الفضيله لا يستره شيء”.
هل نبني على مقال الكاتب ونهتف يعيش الملك سلمان وحكومته.. تسقط الديمقراطية!.
الأقراط الذهبية والمجوهرات لا تجمّل الوجه القبيح
منح البغي شهادة شرف لا يلغي تأريخها ولا يغير من سلوكها
الجمعة 8 / 5 / 2015
Hassan.a.alkhafaji@gmail.com
—
تُتاح هذه الصورة أيضا في: العربية
عندما حاولت ان أعيش القصة في المقال تخيلت نفسي واقفا على جدار بيني وبين جاري لأشاهد كيف يتعامل مع جاره الاخربرمي الحجر عليه في عاصفة الحزم وكيف يضرب ابناءه وكيف يقمعهم وأنا في هذا المشهد مستمتع متناسيا جاري من الجهة الشمالية الغربية الذي يرمي أهله بالبراميل المتفجرة واستقدامه جيراني الاخرين لقمع اهله .
عزيزي لقد نسيت بيتي حينما كنت اتفرج , ولما التفتُ خلفي لم أجد شيئا مرضيا .
لم أر غيرة على العراق حين دخله الاميركان بل سانده كثير من الذين يتهجمون على السعودية اليوم من داخل العراق . وهي التي ساعدت الاميركان والعملاء على اسقاطه . لكن كل هذا درس بأن لا آمان للخونة الذين يأتون بالأجنبي ليزيل الشر من بلادهم .