أغسطس 17, 2025

Lalish Media Network

صحيفة إلكترونية يومية تصدر باشراف الهيئة العليا لمركز لالش الثقافي والاجتماعي في دهوك - كوردستان العراق

الذكرى التاسعة والسبعون لتأسيس الحزب الديمقراطي الكوردستاني.. عهدٌ متجدد ونضال لا ينكسر

الذكرى التاسعة والسبعون لتأسيس الحزب الديمقراطي الكوردستاني.. عهدٌ متجدد ونضال لا ينكسر

في السادس عشر من آب، تتوقف عقارب الزمن في كوردستان عند لحظة مجيدة، لا تُقاس بالساعات ولا بالأيام، بل بتاريخٍ حافلٍ بالدماء والتضحيات والإيمان الراسخ.

يقف أبناء هذا الشعب وقفةَ إجلالٍ واعتزاز، يستحضرون فيها ذكرى تأسيس الحزب الديمقراطي الكوردستاني. ليست هذه المناسبة حدثًا سياسياً عابراً، بل صفحةً مضيئةً في سفر الأمة الكوردية، حيث يلتقي الماضي بالحاضر، وتُستحضر صور القادة الشجعان وأصوات الميادين في مشهدٍ خالدٍ من الوفاء والاعتزاز.

منذ انطلاقته عام 1946 على يد الزعيم الخالد الملا مصطفى البارزاني، تحوّل الحزب إلى ضمير شعب وذاكرة وطن، يجسد حلم الحرية والكرامة، ويذود عن الحقوق المشروعة كحارس أمين لا ينام. لم يولد في قاعات السياسة المغلقة، بل خرج من رحم المعاناة الشعبية، من قسوة المنافي، ورائحة البارود، ودموع الأمهات اللواتي ودّعن أبناءهن إلى الجبال دفاعًا عن الأرض والعرض.

كان تأسيس الحزب استجابة طبيعية لخيانة الوعود الدولية التي حملتها معاهدة سيفر ولوزان ومبادئ ويلسون، حين وجد الكورد أنفسهم وحيدين في مواجهة الاحتلال البريطاني والحكومات المتعاقبة. ومنذ مؤتمره الأول في بغداد، تبنى الحزب شعار “الديمقراطية للعراق والحكم الذاتي لكوردستان”، واضعاً نصب عينيه النضال السياسي والعسكري والجماهيري كأذرع متكاملة لنيل الحقوق المشروعة.

قاد الحزب ثورة أيلول المجيدة عام 1961 التي أرغمت بغداد على توقيع اتفاقية 11 آذار 1970، وهو أول اعتراف رسمي بحقوق الكورد، لكن اتفاقية الجزائر 1975 جاءت كطعنة في ظهر الحلم، فكان الرد بإطلاق ثورة كولان 1976 بقيادة الرئيس مسعود البارزاني والشهيد إدريس البارزاني، الذي جمع بين حزم المقاتل ومرونة الدبلوماسي، وبين الحركة التحررية والدول المجاورة.

مع تسلّمه راية القيادة، أدخل الرئيس مسعود البارزاني النضال في مرحلة جديدة، متوازناً بين حكمة السياسة وصلابة الموقف، واجه الأنظمة الدكتاتورية دون تردد، وقاد انتفاضة 1991 التي أرست اللبنات الأولى لبرلمان وحكومة إقليم كوردستان. وعقب سقوط النظام عام 2003، كان له دور محوري في ترسيخ الديمقراطية وحماية المكتسبات القومية، أما في مواجهة تنظيم داعش الإرهابي، فلم يكن قائداً من خلف المكاتب، بل كان أول الواصلين إلى خطوط القتال، يربّت على أكتاف المقاتلين، ويزرع فيهم روح النصر، حتى تحولت قوات البيشمركة إلى أسطورة عالمية في محاربة الإرهاب.

وفي أيلول 2017، قاد الرئيس البارزاني استفتاء تقرير المصير، في خطوة جسّدت حق الشعوب في اختيار مصيرها، مؤكداً أن كوردستان خُلقت لتكون حرة، مهما كانت الضغوط المحلية والإقليمية والدولية، ورغم كل العواصف السياسية والعسكرية، بقي ثابتاً كجبال كوردستان، لا يتزحزح عن قناعته بأن الكرامة لا تُشترى ولا تُمنح، بل تُنتزع.

تجلّت حكمته في قدرته على تحويل الجراح إلى طاقة بناء، والهزائم العابرة إلى دروس للمستقبل، كان صوته واضحاً في زمن الضباب، وموقفه ثابتاً حين مالت مواقف الآخرين، ويده ممدودة دائماً لمن أراد الحوار والسلام، دون أن يتنازل قيد أنملة عن حق شعبه في العيش بحرية وكرامة.

واليوم، وبعد تسعة وسبعين عاماً من النضال، يبقى الحزب الديمقراطي الكوردستاني مدرسة وطنية متجذّرة، تجمع إرث الملا مصطفى البارزاني برؤية الرئيس مسعود البارزاني، وترفع راية التعايش والسلام، وترفض كل أشكال التهميش والإقصاء، انها مسيرة خطها دم الشهداء وعرق المناضلين، ووعدٌ صادق بأن الحلم الكوردي سيظل مشتعلاً حتى يبزغ فجره.

إن قراءة هذه المسيرة الممتدة لثمانية عقود تكشف أن قوة الحزب لم تكن في صلابته أمام العواصف فقط، بل في قدرته على التكيف مع المتغيرات الإقليمية والدولية دون التفريط بثوابته القومية، لقد أدرك أن النضال السياسي لا ينفصل عن البناء الاجتماعي والاقتصادي، وأن حماية الحقوق تحتاج إلى مؤسسات قوية كما تحتاج إلى رجال الميدان، والتاريخ في فلسفته، ليس ماضياً يُروى بل مستقبلًا يُصنع، حيث يسير الوفاء للجذور جنباً إلى جنب مع الانفتاح على آفاق العصر.

وفي هذه الذكرى العطرة، نزداد إيماناً بمستقبلنا المشرق، ونمضي بخطى واثقة على درب التقدم والازدهار، بقيادة الرئيس مسعود البارزاني، وإصراره الذي لا يلين على تحقيق تطلعات شعبنا المشروعة.

وختاماً نرفع أسمى آيات الوفاء والإجلال إلى مؤسس الحزب الزعيم التاريخي والأب الروحي للأمة الكوردية، الملا مصطفى البارزاني، وإلى القائد الشهيد إدريس البارزاني، ولكل شهداء درب الحرية في كوردستان.

تُتاح هذه الصورة أيضا في: العربية

مقالات ذات صله

الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Copyright © 2021 by Lalish Media Network .   Developed by Ayman qaidi