مايو 31, 2025

Lalish Media Network

صحيفة إلكترونية يومية تصدر باشراف الهيئة العليا لمركز لالش الثقافي والاجتماعي في دهوك - كوردستان العراق

سربلند ملا إسماعيل: دور كورد سوريا في ثورة گولان التقدمية

دور كورد سوريا في ثورة گولان التقدمية

سربلند ملا إسماعيل

في عام 1970 ومع اقتراب النظام العراقي الدكتاتوري من الانهيار والتعرض للهزيمة العسكرية والسياسية أمام ضربات وتقدم بيشمركة ثورة أيلول العظمى ، لجأ النظام العراقي إلى عقد اتفاقية مع القيادة السياسية الكوردية بموجبها أقرَّ ببعض الحقوق الثقافية والسياسية الكوردستانية.

وبعد مرور فترة وجيزة تنصل النظام العراقي عن الاتفاقية المبرمة مع القيادة الكوردستانية دون مبررٍ، رغم التزام القيادة السياسية الكوردية بها، وبعد انقضاء سنوات الهدنة الأربعة ، بدأت القوات الحكومية العراقية بمهاجمة بيشمركة ثورة أيلول ، ورغم قساوة الهجوم، إلا أن البيشمركة استطاعت دحرها.

وعند فشل النظام العراقي في ميادين القتال ، لجأ إلى حياكة المؤامرات ونجح في التوصل لعقد الاتفاقية المشؤومة سيئة الصيت مع النظام الإيراني في الجزائر في 6 آذار عام 1975 ، كل ذلك من أجل وأد نضال الشعب الكوردي، وطمس هويته القومية، وبموجبه تنازل العراق للايرانيين عن نصف شط العرب ، مقابل منع وقطع طرق الإمداد عن بيشمركة ثورة أيلول.

وبعد هذه النكسة ومن بين ركامها وفي فترة ليست بطويلة، رصت القيادة السياسية الكوردستانية صفوف البيشمركة ثانية ، وكان من الضروري القيام بثورة جديدة مختلفة عن سابقاتها ، ثورة ترسم ملامح جديدة لنهضة الكور ، وبعثة للأمل في نفوس الشعب الكوردي. وديمومةً لثورات بارزان التحررية، حيث أُعلن عن اندلاع شرارة ثورة گولان في 26 أيار 1976.

وبايعاز من قائد الحركة التحررية الكوردستانية الأب الروحي للأمة الكوردية البارزاني الخالد ، وقيادة وإشراف مباشر من الشهيد الخالد إدريس بارزاني والرئيس مسعود بارزاني في منطقة حاج عمران (وادي زَوي) ، بدأت الثورة في ظروف بالغة من الدقة والحساسية في تاريخ كوردستان.

لقد كانت ثورة گولان ردٌ قوي وفي وقت مناسب ضد النظام العراقي المقبور. وردٌ على كل طموحات وآمالٍ بناها النظام العراقي البائد عبر اتفافها مع نظام شاه إيران ، رغم أن ثورة گولان كانت امتداداً واستمراراً لأعظم ثورة في القرن العشرين. واكمالاً لنضال البيشمركة. إلا أننا نجد أنها على اختلاف وتميز عن ثورة أيلول من الجانب التنظيمي والعسكري التكتيكي والسياسي.

أولها نجد أن النظام العراقي البائد قد استطاع ومن خلال اتفاقية جزائر المشؤومة، أن يغلق جميع المنافذ التي كانت قوات البيشمركة الأبطال يتزودون منها بالعدة والسلاح والمؤونة.

وثانيا أن القوات العراقية المسلحة قد تدربت على يد أشهر وأمهر الخبراء العسكريين الروس ، وجهزت بأحدث الأسلحة الروسية من خلال اتفاقية عسكرية بين البلدين.

بالرغم من المحنات القاسية التي ألمت بشعب كوردستان ، وفي وقت وزمن قصير استطاعت قيادة الحزب الديمقراطي الكوردستاني تشكيل قيادة مؤقتة لإدارة الثورة والحزب معاً ، بإشراف من القائدين الشهيد إدريس بارزاني والرئيس مسعود بارزاني، استطاعوا لم الشمل وإحياء تنظيمات الحزب ، والتواصل مع الجماهير الكوردستانية بكافة أطيافه، والتواصل المباشر مع الحركات السياسة الكوردستانية في الاجزاء الأخرى من كوردستان ، وخاصة التواصل والتنسيق مع كورد غربي كوردستان (كوردستان سوريا) ، وشمال كوردستان (كوردستان تركيا).

إن بروز وتنامي الوعي وبلورة الشعور القومي لدى جماهير الشعب الكوردي في جميع أنحاء كوردستان ، والظلم الممارس عليهم من قبل الأنظمة الدكتاتورية الحاكمة ، والتفاني والإخلاص. منطلقاً من اعتبارات ولدت لديهم؛ أن تحقيق أي مكسبٍ للكورد في جزء من كوردستان هو مكسب وانتصار للكورد جميعاً ، جعل منهم يساندون ويؤازرون اخوانهم الثوار في جنوب كوردستان.والتواصل مع قادة الحركة التحررية الكوردية منطلقين من انتمائهم للأمة الكوردية.

فلا يخفى على أحدٍ أنه منذ اندلاع ثورة أيلول العظمى بقيادة البارزاني الخالد، في 11 ايلول 1961، أعلن وقتها البارتي في كوردستان سوريا قيادة وقواعد وجماهيراً الوقوف بجانب ثورة أيلول وتقديم كافة المساعدات على المستوى اللوجستي والمادي والعسكري، ووضعت نفسها تحت خدمة وتصرف الثورة ، انطلاقا من الشعور والاحساس العالي والرؤى القومية المتمثل في نهج راسخ وثابت ، وإرث تاريخي عميق خطه قائد الحركة التحررية الكوردستانية البارزاني الخالد، ومن ثم ثورة گولان التقدمية التي نحيي هذه الأيام ذكراها الثامنة والأربعين.

حينها كان الكورد في غربي كوردستان يترقبون الأوضاع السائدة ويتابعون الأنباء وأخبار ثورات بارزان من خلال إذاعة صوت كوردستان. وحديث مجالسهم في الليل والنهار عن الخالد ملا مصطفى بارزاني والبيشمركة والثورة.

لم يكن الحزب الديمقراطي الكوردستاني ـ سوريا والجماهير بمنأى عن المعادلة القومية الداعمة لثورة گولان التقدمية ، معادلة تنامت وانتعشت من إرثٍ نضاليٍ مشترك ناهل من نبع البارزانية.

لقد كان الوضع في كوردستان سوريا ليس أقل سوءاً من الأوضاع في كوردستان العراق. رغم الظروف السائدة في كوردستان سوريا، من تنفيذ مشروع الحزام العربي، وتعريب مناطق كوردستان سوريا، واعتقال قيادة الحزب الديموقراطي الكوردستاني -سوريا ،آنذاك، انبرى رجال شجعان أقوياء مخلصين لنهج البارزاني وبالتحديد من منطقة ديرك وخاصة القرى الحدودية من كوجرا ودةشتا هسنا (الحدود المتاخمة مع زاخو وسحيلة) تحدّوا كل الظروف السيئة السائدة، متجهين نحو الثورة بإرادة فولاذية صلبة لاتقهر وعزيمة لا تلين ولا تقبل الهزيمة، نحو مجدٍ ونصرٍ شامخين الرأس، منسقين ومتواصلين مع قيادة الثورة عن طريق رجال وطنين مخلصين – هؤلاء كانوا بمثابة كوادر معتمدين من قبل الحزبين الديمقراطي الكوردستاني في سوريا والعراق وبإشراف مباشر من قيادة الحزب الديمقراطي الكوردستاني في محور بادينان.

هؤلاء كانوا على اتصال دائم مع القيادة المؤقتة للحزب الديمقراطي الكوردستاني ، وقيادة الثورة معتمدة على كل مايصلها من مراكز الثورة في جنوب كوردستان وبالتحديد عند المثلث الحدودي بالقرب من جبل بێخێر وآفا مزن والحدود البرية بالقرب من قرية كلهي سواء عبر البرقيات والمناشير ورسائل من طرف قيادة الثورة أو رجال من البيشمركة مكلفين بنقل وحمل الأسلحة والعتاد والمؤونة من كوردستان سوريا إلى البيشمركة.

الرئيس مسعود بارزاني وأثناء إلقاءه كلمة في المؤتمر التاسع للحزب الديمقراطي الكوردستاني في 4-10-1979 أكد على هذا القول : لولا مساندة الحزب الديمقراطي الكوردستاني في سوريا وفي تركيا لما أمكن من اندلاع ثورة گولان.

جملة تاريخية قالها الرئيس بارزاني،- ومازال يرددها في كل المناسبات – لعمري هي وسامٌ شرفٍ وتكريم لأولئك المخلصين الذين احتلت كوردستان مرابع فؤادهم ، أولئك الذين ضبطوا بوصلتهم نحو هدف ونهج مقدس.

فالرئيس مسعود بارزاني أشاد ويشيد دوماً بدور كورد غربي كوردستان من خلال الحزب الديمقراطي الكوردستاني سوريا و جماهيره الوفية في ثورة أيلول وگولان وانتفاضة آذار المباركة. ويقدر عالياً ماقدمه أبناء كوردستان سوريا للحركة التحررية الكوردية ، ويقرّ سيادته أن الثورة ماكانت لها أن تسجل النصر لولا دعم ومساندة البارتي والجماهير في غربي كوردستان.

وعند رجوعي لأرشيف والدي المرحوم محمد ملا إسماعيل الذي خبأه وأخفاه عن عيون سلطات الأمن السوري ، وجدت بيان معد آنذاك من قِبل القائد مسعود بارزاني وبخط يد سيادته المعنون باسم ( كوردستان الساحة النضالية الحقيقية للجميع )، موجه إلى جماهير كوردستان. الذي أعلن فيه الخطوط الأساسية للعمل السياسي من خلال تأسيس القيادة المؤقتة للحزب ومواصلة وإتمام مسيرة ثورة أيلول العظمى بالإعلان عن ثورة گولان التحررية بيانٌ يعتبر وقتها بمثابة المشعل للثورة ، بيان نُشر ووُزع على نطاق واسع في جميع مناطق أجزاء كوردستان في جنوب وغرب و شمال وشرقي كوردستان.

استمر الحزب الديمقراطي الكوردستاني سوريا في دعم ثورة گولان أيضا من من خلال تشكيل لجان حزبية ولجان مستقلة من الوطنين المخلصين لجمع التبرعات المادية والعينية وإرسالها إلى الثورة.

ولاننسى دور إذاعة صوت كوردستان ( دەنگێ کوردستان) المتواجدة عند بعض الرجال الوطنيين من القرى الحدودية المتاخمة لاقليم كوردستان خاصة قرى منطقة كوجرا، المذيعة لأخبار ثورة گولان في إشعال الحماس في نفوس الشبان ،وعاملٌ مهم في شحذ الهمم ورفع الروح المعنوية .

فرغم قيام السلطات الأمنية السورية بحملات الاعتقال والملاحقات ضد من يساند ويدافع عن ثورة الكورد ، إلا أن المخلصين من غربي كوردستان بقوا ولازموا مساندة الثورة بكل ما أوتو من قوة ، متحملين كافة صنوف العذاب والإهانة من قبل السلطات الأمنية السورية، مسلحين بروح القومية ومنهج البارزاني الخالد ،وعدم التنازل عن مبادئهم وثوابتهم القومية العليا ، مخلصون لا يقهرهم صعاب وظلم الأمن السوري عليهم.

فلا عجبَ من رجالٍ عانوا الأمرين، وتسلحوا بفكرٍ قوميٍّ وحسٍّ كوردستانيٍّ عالٍ، يملكون نهج واثِنٌ ولا عدول عن موقفهم وثوابتهم المشرفة ،ارتباطٌ روحيٌّ بين الطرفين، يولد خصوصية متميزة وتلازم بينهما . طرفان يشكلان عمقٌ استراتيجيٌّ مهم لحركة التحرر الكوردستانية ، ومنسجم مع أسس ومبادئ نضالية لقيادة وكوادر الحزب الديمقراطي الكوردستاني سوريا ، والجماهير الوطنية المتلاحمة والملتفة حول النهج والتراث .

ارتباطٌ متين كان ولازال مستمرٌ بين الحزبين الديمقراطي الكوردستاني في غربي كوردستان ، و في جنوبه.

المجد والخلود لروح شهداء ثورتي أيلول وگولان والانتفاضة الوطنية ، وشهداء حركة التحرر الكوردستانية.

أنحني إجلالاً لأرواح الذين سطروا بدمائهم طريقا لنا في النضال والكوردايتي.

أطيب وأسمى التهاني للذكرى التاسعة والأربعين لثورة گولان التقدمية.

تُتاح هذه الصورة أيضا في: العربية

مقالات ذات صله

الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Copyright © 2021 by Lalish Media Network .   Developed by Ayman qaidi