لايكتسب البرلمان الكوردستاني الشرعية الدستورية دون مشاركة جميع المكونات
الحقوقي خدر شنكالى
عندما قام التحالف الثلاثيني بضرب العراق عام 1991 على اثر مجازفة الاخيرة بغزو دولة الكويت ، أتاحت الفرصة امام الشعب الكوردستاني للقيام بانتفاضته المجيدة ضد النظام العراقي ، مما اضطر الاخير الى سحب كافة قواته وادارته من المناطق الكوردستانية واستغل الشعب الكوردستاني هذه الفرصة التاريخية بادارة هذه المناطق واقامة المؤسسات الدستورية فيها الى حين سقوط النظام العراقي في عام 2003 ، واختيار القيادة الكوردستانية الاتحاد مع الجزء العربي من الدولة العراقية وضمن عراق فيدرالي ديمقراطي موحد وبالحدود الادارية التي هي اليوم تحت ادارة اقليم كوردستان- العراق .
لاشك ان هذه التجربة الديمقراطية التي يعيشها الشعب الكوردستاني اليوم ، كانت ثمرة نضال جميع فئات ومكونات الشعب الكوردستاني من مسلمين ومسيحيين وايزديين وغيرهم الذين ناضلوا جنبا الى جنب وفي خندق واحد واختلطت دمائهم الزكية وروت كل بقعة من ارض كوردستان الطيبة ، وفي ربيع عام 1991 وامام جموع غفيرة من الشعب الكوردستاني دعا الرئيس مسعود البارزاني الى اجراء الانتخابات التي تعتبر من اهم اركان النظام الديمقراطي .
الا انه يبدوا ، وبخلاف القاعدة العامة ، انه كلما تطور النظام الديمقراطي في الاقليم كلما ادى ذلك الى حرمان الايزديين من حقوقهم بالعكس من جميع مكونات الشعب الكوردستاني !!! ففي سابقة هي الاولى من نوعها وبعد مرور اكثر من عقدين من الزمن على التجربة الديمقراطية في الاقليم يحرم الكورد الايزديين من مقعدهم ( اليتيم ) في الحكومة والبرلمان الكوردستاني ، مما يولد لديهم الكثير من الشكوك حول مصيرهم ومستقبلهم في كوردستانهم !!؟
اما لو نقرأ المشهد من الناحية الشرعية والقانونية ، فان ما جرى من اجحاف بحق المكون الايزدي في الانتخابات البرلمانية التي جرت في يوم 21 ايلول ، يعتبر مخالفة واضحة لما اتفق عليه الشعب الكوردستاني ( من خلال ممثليهم في البرلمان ) في مشروع دستور اقليم كوردستان باعتبار الاخير المرجع لبناء وتشكيل مؤسسات الاقليم ومن ضمنها البرلمان اي السلطة التشريعية ، فقد ورد في في الباب الاول منه وتحت عنوان ( المباديء الاساسية ) وفي نص المادة ( 5 ) منه بان شعب كوردستان يتكون من الكورد ، التركمان ، العرب ، الكلدان ، السريان الاشوريين ، الارمن ، وغيرهم ممن هم من مواطني اقليم كوردستان .
من الواضح بان هذه المادة قد ركزت بالذكر هنا على المكونات القومية فقط دون التطرق الى المكونات الدينية ، وبالتأكيد ان الايزدية لاتقع ضمن خانة ( وغيرهم اعلاه ) باعتبار ان الايزديين هم الجزء الاساسي من الشعب الكوردي ، وبذلك لهم الحقوق وعليهم الالتزامات كباقي ابناء الشعب الكوردي في اقليم كوردستان من تولي المناصب العامة والسيادية والدخول الى البرلمان وغيرها ودون اي تمييز ، وكل ما يعكس ذلك يعتبر مخالفة صريحة وواضحة للدستور .
اما المادة ( 6 ) من الدستور فتنص على ( يقر ويحترم هذا الدستور الهوية الاسلامية لغالبية شعب كوردستان – العراق ، ويقر ويحترم كامل الحقوق الدينية للمسيحيين والايزديين وغيرهم ….. ) .
هذه المادة تؤكد مرة ثانية وبصورة صريحة على اقرار واحترام كامل الحقوق الدينية للايزديين ( كمكون ديني ) في اقليم كوردستان اسوة بغيرهم من الاديان الاخرى ، اي يحق لهم ما لغيرهم من الاديان ايضا في تولي كافة المناصب الادارية والسياسية في الاقليم سواء عن طريق التعيين او عن طريق الانتخابات او الكوتا ، وبناءا على ذلك فان ادارة الاقليم وبكافة مؤسساتها ملزمة دستوريا باشراك كافة المكونات الدينية ومنهم الايزديين في جميع مؤسسات الدولة التشريعية والتنفيذية والقضائية .
وفي الباب الثالث – الفصل الاول وتحت عنوان ( برلمان اقليم كوردستان-العراق ) باعتباره احدى سلطات اقليم كوردستان ، فقد نصت الفقرة الثانية من المادة ( 41 ) على الآتي ( يؤخذ بعين الاعتبار في نظام انتخاب الاعضاء التمثيل العادل لمكونات شعب كوردستان-العراق …. ) .
ان هذه المادة وكما هو مبين اعلاه تؤكد على ضرورة مشاركة كافة مكونات شعب كوردستان في البرلمان وبغض النظر عن عددهم او نسبتهم السكانية في الاقليم استنادا الى مشاركة الجميع في اتخاذ القرار الكوردستاني وباعتبار ان الشعب هو مصدر السلطات واساس شرعيتها ، ولم ينص الدستور على كيفية او طريقة المشاركة في البرلمان كونها امور قانونية يجب تنظيمها بقانون .
وفي موضوع الالزام :
فان المادة ( 18 ) من الدستور تلزم سلطات اقليم كوردستان بالحقوق الاساسية الواردة في هذا الدستور باعتبارها تشريعا اساسيا واجب التطبيق والتنفيذ كونها حقوقا اساسية لمواطني الاقليم .
كما تلزم الفقرة الثالثة من المادة ( 20 ) حكومة الاقليم بضرورة تمتع الجميع بالحقوق المنصوص عليها في هذا الدستور .
ولايجوز وضع اي قيد على ممارسة الحقوق المدنية والسياسية والاجتماعية والثقافية والاقتصادية وحقوق المكونات الدينية والقومية المعترف بها في هذا الدستور ، الا بقانون وعلى ان لايمس هذا القانون جوهر تلك الحقوق وبالقدر الضروري والمقبول في مجتمع ديمقراطي مسالم مبني على التعددية والكرامة والمساواة والحرية ، ويعد باطلا كل قيد يفرض خلاف ذلك .
ويحق لكل شخص ذو مصلحة مباشرة الطعن في القانون او الاجراء المقيد للحق خلافا لما ذكر اعلاه وذلك امام المحكمة الدستورية للاقليم .
والمادة ( 21 ) ايضا تلزم سلطات الاقليم بضمان تحقيق مبدأ المساواة الفعالة والعمل على تحقيقها بين الاشخاص المنتمين الى المكونات القومية اوالدينية وتهيئة الظروف الكفيلة بالحفاظ على هويتهم واتخاذ التدابير اللازمة لتعزيزها .
اذن فان اي برلمان كوردستاني لاتمثل فيه جميع المكونات القومية والدينة في الاقليم لا يكتسب الصفة الشرعية والقانونية لتشكيله بصورة مخالفة لاحكام الدستور الذي يعتبر اعلى واسمى قانون في الاقليم .
khidirshingaly@yahoo.com
تُتاح هذه الصورة أيضا في: العربية