يونيو 28, 2025

Lalish Media Network

صحيفة إلكترونية يومية تصدر باشراف الهيئة العليا لمركز لالش الثقافي والاجتماعي في دهوك - كوردستان العراق

هوشنك أوسي: انتخابات كردستان العراق.. البرزاني الرابح الأكبر

انتخابات كردستان العراق.. البرزاني الرابح الأكبر
هوشنك أوسي
بابنيوز/ وكالات:حظيت الانتخابات البرلمانيّة التي شهدها إقليم كردستان العراق الفيدرالي يوم 21-9-،2013 بمتابعة إعلاميّة، إقليميّة؛ عربيّة وتركيّة وإيرانيّة ودوليّة لافتة، فاقت ما حظيت به في الدورات الثلاث السابقة .

وهذا مؤشّر واضح يدلّ على الأهميّة الاستراتيجيّة والحيويّة المتصاعدة التي بات الإقليم الكردي يتمتّع بها . كما تشير هذه المتابعة إلى حجم الترقّب الإقليمي والدولي لما ستتمخّض عن هذه الانتخابات من توازنات داخليّة كرديّة – كرديّة، من شأنها تحديد وضبط طبيعة العلاقة مع بغداد من جهة، ومن جهة أخرى، الموقف من الأحداث الأخيرة التي تشهدها المنطقة، الأزمة السوريّة على وجه الخصوص . والسؤال: هل ثمّة صراع خفي بين أجندات إقليميّة، تقف خلف كواليس انتخابات كردستان؟ وما هو حجم التغيير الذي ستفرضه نتائجها على المعادلات والتوازنات الداخليّة في الإقليم؟
أتت النتائج الأوليّة للانتخابات منسجمة، إلى حدّ ما، مع استطلاعات الرأي والتقارير الإعلاميّة التي أفادت أن حزب رئيس الإقليم مسعود البرزاني سيحقق المرتبة الأولى، ويحصد من 40 إلى 42 مقعداً، تليه حركة التغيير – كوران، برئاسة نيشيروان مصطفى (القيادي المنشق عن الاتحاد الوطني الكردستاني)، من ثمّ سيأتي الاتحاد الوطني، بقيادة الرئيس العراقي جلال الطالباني، في المرتبة الثالثة .
وذكرت المفوضيّة العليا للانتخابات؛ أن نسبة المشاركة بلغت 9 .73% توزّعت على محافظات إقليم كردستان الثلاث: أربيل، دهوك والسليمانيّة . وأشاد ممثل الأمم المتحدة لدى العراق جورجي بوستن، بالعملية الانتخابيّة، وهنّأ حكومة الإقليم وشعبه ب”هذا الإنجاز” .
وبلغ عدد المراقبين: 41 ألف وكيل منتدب من 32 كياناً سياسياً مشاركاً في الانتخابات، و4 آلاف من منظمات المجتمع المدني، ونحو 200 مراقب عربي وأجنبي من الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة، إلى جانب ألف صحفي معتمد رسميّاً من قبل المفوضيّة لتغطيّة الانتخابات .
يُشارُ إلى أن أول انتخابات برلمانيّة شهدها إقليم كردستان جرت في 19-5-،1992 وتقاسم الحزب الديمقراطي والاتحاد الوطني مقاعد البرلمان بنسبة 50% لكل حزب .

معطيات جديدة
يمكن تلخيص القراءة الأوليّة لنتائج الانتخابات في النقاط التاليّة:
1 – تضعضع وتراجع موقع الاتحاد الوطني الكردستاني، الحليف اللدود، للديمقراطي الكردستاني، أنعش آمال الأخير في المزيد من السيطرة والتحّكم، ليس بالسلطة التي يمتلكها وحسب، بل وحتّى بالاتحاد الوطني أيضاً . ما يعني أن الاتحاد، وكي يحافظ على وجوده عبر الاتفاقيّة الاستراتيجيّة بينه والديمقراطي الكردستاني، سيضطر إلى تقديم المزيد من التنازلات لحزب البرزاني . وهذه ليست المرّة الأولى التي يفعلها الاتحاد، ذلك أنه فعلها عقب انتخابات سنة ،2009 حين تراجع نفوذه، على حساب امتداد نفوذ “حركة كوران” . تلك التنازلات، أدخلت حزب طالباني في خلافات وسجالات لمّا تزل مستمّرة . وإذا لجأ الاتحاد مجدداً لتقديم التنازلات، لربما يؤدّي ذلك إلى إحداث المزيد من الشروخ والتصدّعات في هذا الحزب .
2 – رغم زيادته لأصواته في مدينة السليمانيّة، (المعقل السابق للاتحاد الوطني) قياساً بانتخابات ،2009 إلا أن الديمقراطي الكردستاني أيضاً، بحاجة لمواصلة التحالف مع الاتحاد، بغية محاصرة حركة كوران المعارضة لكلا الحزبين؛ الديمقراطي والاتحاد . بخاصّة أن “كوران” زادت من أصواتها واختراقها لمناطق نفوذ الديمقراطي الكردستاني. وثمّة مراقبون يرون أن التحالف مع حزب الطالباني، بات رهاناً خاسراً . ليس لكونه أصبح الحزب الثالث في الإقليم الكردي وحسب، بل لأنه معرّض للمزيد من الأزمات والانشقاقات لاحقاً، سواء على خلفيّة النتائج المتدنيّة التي حصل عليها، والخلافات الداخليّة التي تعصف به، أو بعد رحيل زعيمه التاريخي جلال الطالباني . ما يعني أن الخيار الأنسب للديمقراطي الكردستاني، هو البحث عن تحالف جديد مع حركة “كوران” وإشراكها في السلطة، بغية التقليل من “بريق” و”سحر” المعارضة اللذين تتمتّع بهما، لجهة ترجيحه كفّة المصالح على المبادئ . وعليه، إحدى وسائل تطويق حركة كوران، هو “توريطها” في السلطة .
3 – حصول الإسلاميين في مناطق نفوذ الديمقراطي الكردستاني، على نتائج أفضل قياساً بانتخابات ،2009 هو “جرس إنذار”، للديمقراطي .
4 – التيّار القومي بزعامة رئيس الإقليم، والتيّار الذي يرفع شعارات الإصلاح والتغيير، هما اللذان حظيا بدعم ومساندة الناخب الكردي بالدرجة الأولى . وتزايد حجم التأييد لحركة كوران – التغيير، ناجم عن سأم وضجر الناس من السلطة الحاكمة، .

مع بغداد
فوز البرزاني في هذه الانتخابات، سيجبر بغداد، ومن خلفها طهران، على إعادة النظر في مواقفها السلبيّة والمتشددة من الإقليم الكردي . فصحيح أن أصدقاء إيران، كُثر في كردستان العراق، لكنّهم مشتتون، بين الاتحاد الوطني وحركة كوران والإسلاميين . وفي الآونة الأخيرة، فشلت إيران في التقريب بين طالباني ونيشيروان، ضدّ البرزاني، الذي يتمتّع بعلاقات أقوى وأمتن مع أنقرة قياساً بعلاقاته مع طهران، لأسباب يطول شرحها في هذا المقال، أقلّها شأناً، مجاورة تركيا لمنطقة نفوذ الديمقراطي الكردستاني، إضافة إلى وجود المعبر الحدودي بينهما والتجارة المتبادلة بين أربيل وأنقرة . وعليه، من الصعوبة جداً، إن لم يكن مستحيلاً أن يتوحّد حزب الطالباني وحركة كوران في جبهة واحدة ضدّ الديمقراطي الكردستاني . وبالتالي، فوز الحزب الديمقراطي الكردستاني في هذه الانتخابات، هو بمثابة التفويض الشعبي الكردي لقيادة البرزاني، وتأييده لسياساته على الصعيد المحلّي الكردي، والداخلي – العراقي، وعلى الصعيد الإقليمي أيضاً .

تراجع حزب طالباني
نتائج الانتخابات الأخيرة، يمكن اعتبارها بمثابة “نعوة” مبكّرة لحزب الاتحاد الوطني الكردستاني الذي أسسه جلال الطالباني ونيشيروان مصطفى وفؤاد معصوم وقياديون آخرون في سوريا سنة ،1975 إذا لم يقرأ الاتحاد الوطني هذه النتائج بشكل صائب، ويسعى إلى تلافي الأخطاء الكارثيّة التي أوقع نفسه فيها . ولعل القيادي البارز في الحزب، ورئيس حكومة كردستان الأسبق، برهم صالح، كان استشرف الهزيمة التي سيمنى بها حزبه، حين اعترف قبيل الانتخابات، بأن حزبه “استهان بقوة المعارضة، وبات يواجه تحدّياً أكبر” . مشيراً إلى التأثير السلبي لغياب طالباني الذي يعالج في ألمانيا، وأضاف: “على الأمور أن تتغير، وأن نمضي إلى الأمام مع مرور الوقت . وإذا اعتبرنا أن الأمور ستظل نفسها، فإننا نكون تبنينا تقديراً خاطئاً” . ويعزو العديد من المراقبين تراجع حزب الطالباني إلى أسباب عدّة، أبرزها:
1 – الانشقاقات التي مني بها في السنوات الأربع الأخيرة، نتيجة الخلافات الحادّة في قيادة الحزب، واعتراض نيشيروان مصطفى على انفراد الطالباني بالقرار، ومساعي توريث نجله، قباد في قيادة الحزب، إلى جانب اتهامات متبادلة بالفساد المالي والإداري .
2 – الحرب الإعلاميّة المتبادلة، و”نشر الغسيل” بين المكتب السياسي للاتحاد، ورئيس حركة كوران، (الرفيق السابق) نيشيروان مصطفى .
3 – الاتحاد الوطني الكردستاني، فضّل الوقوف إلى جانب المالكي، ورجّح كفّة العلاقة مع إيران، بدلاً من الوقوف إلى جانب حليفه الكردي البرزاني، إبان احتدام الأزمة بين البرزاني والمالكي، ومطالبة الأول حجبَ الثقة عن الأخير .
وريثما تجد هذه الأسطر طريقها للنشر، تكون النتائج النهائيّة لانتخابات كردستان العراق قد أعُلِنت . صحيح أنها ستشير إلى انتصار التيّار القومي الطامح إلى تعزيز مكانة كردستان العراق إقليميّاً ودوليّاً، حتّى لو أدّى ذلك، مستقبلاً، إلى الانفصال عن بغداد . ولكنه، في الوقت عينه، هو انتصار لتركيا، من حيث لا تحتسب، نتيجة العلاقة الاستراتيجيّة المتنامية بين أنقرة وأربيل، مع الديمقراطي الكردستاني على وجه التحديد . وهنا، مكمن المفارقات السياسيّة ومعادلات وتوازنات المصالح التي لا تكترث بالخصومات أو العداوات القوميّة السابقة . وربما تثير هذه النتائج شهيّة الأتراك في المضي أكثر نحو الاحتضان الاستراتيجي لكردستان العراق، في سياق صراعها على المنطقة عموماً، وفي العراق على وجه الخصوص .

تُتاح هذه الصورة أيضا في: العربية

مقالات ذات صله

الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Copyright © 2021 by Lalish Media Network .   Developed by Ayman qaidi