كلمة وفــاء بحق العلامــــة المرحوم پیـــر خـــدر سليمان
أن الامم تنهض أحيانا ً بإحدى رجالاتها (پیـــر خـــدر نموذجا)
م. كامل خودێدا ئێزدین
29.12.2021 ألمانيا
الحديث عن العلامة المرحوم پیـــر خـــدر ليس بالأمر السهل، لكونه كان متعدد الثقافات وكان يمتلك طاقات كبيرة وفي العديد من المجالات، حيث كان پیـــر خـــدر مثقفا ً، كاتبا ً، أديبا ً، سياسيا ً وباحثا ً، علما ً إنه كان يفضل أن نسميه بالباحث.
أضف الى ذلك كان المرحوم إنسانا ً خلوقا ً، صبورا ً، هادئا ً، متنورا ً وجريئا ً. كان له مواقف مشرفة عديدة تجاه القضايا والحقوق الايزيدية الدينية والسياسية في العراق وكوردستان والدفاع عنها بكل جرأة، منذ أن طالبا ً جامعيا ً الى حين وافته المنية في ١٥/١١/٢٠٢١.
كان المرحوم ينصح ويساعد دون كلل وملل ودون تحفظ، كل من دق بابه أو الاتصال به بالهاتف من أجل معرفة معلومات عن كافة الجوانب وكافة محطات ومراحل الدين والتاريخ الايزيدي القديم والحديث، وكان يقصده العديد من الطلبة الجامعيين أثناء كتابة أطروحات الماجستير والدكتوراه عن الايزيدية، حيث كان مستعدا ً ان يبقى ساعات مع ذلك الشخص من أجل إيصال المعلومات اليه، وهذا ما حدث معي مرات عديدة أثناء الاتصال به، كان يركز دائما ً على إيصال المعلومة الصحيحة دون النظر الى مدة المحادثة أو الجلسة.
حيث كان بحق موسوعة أيزيدية كبيرة، كان يلجأ اليه أغلب المثقفين الايزيديين وغير الايزيديين الذين كانوا ينون معرفة ماهية حقيقة الايزيدية والاستفسار عن أي شيء يخص الدين والتأريخ الايزيدي، وبفقدانه المبكر نكون قد خسرنا هذا الكنز الثمين.
لذلك الحديث عن العلامة پیـــر خـــدر ومعرفة مسيرته الحياتية في كافة المجالات الثقافية، التراثية، الأدبية والسياسية لا يمكن أن تستوفي بها بمقال، بل يتطلب ذلك عمل بحوث الماجستير والدكتوراه من خلال الجامعات الكوردستانية ودعم المراكز الثقافية الايزيدية وبالأخص مركز لالش الثفافي والاجتماعي في دهوك من أجل دراسة كافة محطات حياته وطموحاته ابتداء ً من الفترة الجامعية وقيامه بنشر المقالات والبحوث والكتب عن التراث الايزيدي والكوردي في فترة السبعينات والثمانينات من القرن الماضي مرورا ً بتأسيس مركز لالش الثفافي والاجتماعي في دهوك مع عدد من زملائه في سنة ١٩٩٣ والذي أصبح هذا المركز بمرور الزمن منبرا ً أيزيديا ً ثقافيا ً معروفا ً على مستوى كوردستان والعالم، ثم ترأسه لرئاسة اتحاد أدباء الكورد فرع دهوك في التسعينيات ولسنوات عديدة.
كان للمرحوم دورا ً بارزا ً في الدفاع عن الحقوق الايزيدية إبان فترة سقوط النظام البائد في٢٠٠٣ ومرحلة كتابة دستور العراق الجديد وأيضا ً عندما كان عضوا ً في برلمان أقليم كوردستان في ٢٠٠٥.
ولا يخفى على القارئ الكريم، أن المرحوم كان من أوائل الكتاب الايزيديين الذين حاولوا الكتابة عن الايزيدية واستطاع بحنكته إقناع رجالات الدين الايزيدي بضرورة تدوين الاقوال والابيات والسبقات الدينية الايزيدية المحفوظة على صدورهم خوفا ً من فقدانها وعلى أثرها أستطاع مع زميله د. خليل جندي في سنة ١٩٧٩ تأليف كتاب(ئێزیاتی) وبعدها كتاب (گوندیاتی) في سنة ١٩٨٦ ثم كتاب (شێخان وشێخان بهگی) مع زميله سعد الله شيخاني في سنة ١٩٨٨، وفي الاخيركتاب (سفرالايزيدية) في سنة ٢٠١٠ .علما ً إنه كان قد باع مجوهرات زوجته من أجل طبع نتاجاته الادبية الاول والثاني.
من الجدير ذكره هنا أن المرحوم پیـــر خـــدر كان صاحب مشروع تدريس منهاج مادة الايزيدياتي للطلبة الايزيديين المرحلة الابتدائية في أقليم كوردستان في العام ١٩٩٦، بعدها وبالتعاون مع مركز لالش الثقافي والاجتماعي تم توسيع هذا المشروع ليشمل المراحل المتوسطة والاعدادية وتدرس هذا المنهاج التربوي في أقليم كوردستان الى الان.
كان المرحوم مدافعا ً رئيسيا ً لجيل الشباب الايزيدي، حيث كان يشجعهم ويدعمهم دائما ً من أجل مواصلة دراساتهم والحصول على أعلى الشهادات الجامعية وكان متحمسا ً جدا ً في دعم الكتاب الشباب ومشاريعهم وخاصة الذين يتقنون التكنولوجيا الحديثة وتربى في نهجه العديد من المثقفين والكتاب الايزيديين الحاليين، إنه بحق كان معلما ً ومربيا ً ومخلصا ً للايزيدية لا يمكن نسيانه وينبغي الاشادة به دوما ً.
مرة وفي أثناء حديثنا عن المشاريع الهندسية والخدمية في معبد لالش ومشروع بناء القاعات واعادة ترميم العديد من المزارات في المناطق الايزيدية التي كنت أشرف عليها وأخيرا ً مشروع دليل لالش الارشادي في معبد لالش الذي أشرف عليه وأغناها بمعلوماته القيمة، كان يقول لي ” يبنبغي أن تكتب عليك رسائل الماجستير لما قدمته من خدمات تجاه بني جلدتك “، بالاضافة الى ذلك كان يصفني ب “جورج حبيب الايزيدية” لكوني مهندس وملم جدا ً بالشأن الايزيدي مثل جورج حبيب صاحب كتاب “الايزيدية بقايا دين قديم”. فقلت له يا پیـــر مجتمعنا بحاجة الى كل شخص يستطيع أن يكتب شيء عن الايزيدية وتاريخها بغض النظر عن اختصاصه وعمله لانه قد عانينا الكثير وفاتنا الكثيرمن الوقت ويجب أن نربي أجيالا ً من أجل مواصلة المسيرة.ا
تُتاح هذه الصورة أيضا في: العربية