إستقلال كوردستان الكبرى.. بين الواقع المأساوي ودغدغة الأحلام
د. محمد أحمد برازي / كازاخستان -ألماتا
مع تصفح ورقات الذاكرة الكوردية، نلمس معابد إمبراطوريتنا وقد أنهارت في تلك الفترة من التاريخ، وتداعت معه أحلام الرجوع لذاك الماضي السحيق وإسترجاع تلك الحقبة من الأزدهار، بالتوازي مع المعوقات الظرفية لإعادتها، في كل فترة من فترات التاريخ، هذه الإعاقة، الطويلة الأمد، جعلت من العودة، حلماً جميلاً لازل يدغدغ قلوبنا، التي لم تمت فيها الرغبة ولم تنطفئ معها جذوة الرجوع، خاصة أثناء المحاولات الكبرى لبعض زعمائنا على مر التاريخ لإسترجاع العظمة الكوردية، حيث ننتفض من جديد داعمين حلمنا بأعمدة جديدة، فهل سنرى ذاك اليوم الذي تتحول فيه هذه الأعمدة لصرح كبير، اسمه، كوردستان الكبرى؟
بنظرة خاطفة إلى التاريخ، نروي القليل ثم نحلل، بحسب معلوماتنا الضحلة عن هذا الموضع بتفاصيله، كي خسرو الملك الميدي الذي سيطر على جزء مهم من العالم في تلك الآونة، بدهائه وحنكته وفطنته وعدله، وككل عادات الحضارات حين تكبر وتمتد وتعيش فترة الكهولة، بدأت نهاية إمبراطوريته على يد أبنه، أستياكو، حيث كثرت الفوضى وبدأ الحكم بالتزعزع، فأنطلقت الخيانة من أقرب الناس إليه، حفيد أستياكو، من أبنته وأبن قمبيز وحفيد كورش، بمساعدة القائد الميدي، هارباك، حيث ثار الحفيد على الجد بمساعدة أفضل قواد جيشه، وأنطلقت معها الفتنة التي قضت على الملك والأمبراطورية، لن نغوص كثيراً في أعماق التاريخ المظلم، لكننا نلاحظ أن تلك المشكلة التي قضت على جدودنا لا تزال تلاحقنا كشبح إلى اليوم، تراخت ظلال تلك الفتنة كوباء علينا منذ ذاك الحين، مع كل حضارة قدمت لمناطقنا، كان محتلونا يسيؤون التعامل معنا ويقهروننا، وحين يأتي عدو خارجي يستخدمونا ضدهم، مستغلين نخوتنا، ثم لا يلبث الجديد أن يمارس نفس السلطة علينا، وصولاً للعصر الحديث، في تركيا والدولة العلمانية، سوريا والفرنسيين، العراق والإنلكيز، أيران حدث ولا حرج، ولحتى هذا اليوم ، يستخدمنا الجميع كبيادق للضغط على الأطراف الأخرى بحسب المزاج والمصالح والظروف الدولية، ثم نقوم بحرق بعضنا البعض، لا نستطيع توحيد طلباتنا وإبرازها للعالمية، لا توجد كلمة واحدة لنا أو مرجعية موحدة، وها هي روج آفا اليوم تتفرغ من كل شيء وتتجه نحو المجهول، فهل عدم تحول الحلم إلى الحقيقة هو بسبب العالم؟ ام أن السبب يقطن فينا؟ وأن تحول أمانينا إلى مجرد أحلام وإماكنية عودتها للواقع هو رهن وعينا التارخي والتصرف ولو لمرة واحدة فقط بنخوة تجاه انفسنا كما نفعل مع الآخرين؟
تُتاح هذه الصورة أيضا في: العربية