د.محمد أحمد برازي
عبر آلاف السنين، وبعيد انهيار إمبراطوريتنا، كافح الكورد لإسترداد تاريخهم وحريتهم التي سلبت فيما بعد على يد الإمبراطوريات المتتابعة في المنطقة، وكان المخططين والقادة عظام، لكن لأسباب تاريخية وبعض الخيانات وضعف النفوس ولأسباب خاصة لكل واحدة منها تم إجهاضها، وعندما توالت الإمتدادات الدينية، وحكمت باسم الدين بعض أجزاء كبيرة من العالم، لم يستفد الكورد أيضاً من هؤلاء رغم مواكبتهم، ككل الشعوب لتلك الحركات التاريخية، ودخولهم ومشاركتهم أياها، لكن ضعف الوعي وطيبة القلب وخبث القادمين كان أقوى، وحينما توالت الموجة القومية، لم نستفد أيضاً مما جرى، ولا مما حدث بعدها، من حوادث تاريخية كبيرة أثرت وغيرت في وجه التاريخ الحديث، من الحروب العالمية وعبر ظهور دول جديدة وتلاشي قديمة، وحصول أغلبية الدول على إستقلالها، وظهور منظمات دولية على مستوى الأمم،و الأنهيارات الكبيرة من الإتحاد السوفييتي إلى جدار برلين وإنقسام دول كبيرة، إلى ما نشهده اليوم من ثورات و إنتفاضات، كل ذلك لم يستفد منه الكورد ولا بشبر أرض، إذا ما أستثينا خطوة الألفية الثالثة، أقصد تجربة كوردستان العراق، فلم نستفد لا من خارطة طريق ولا من ظرف دولي مساعد وكل الجهود باءت بالفشل، والسؤال الكبير لماذا؟ ولن نخوض فيها الآن لأنها أكبر من أن نستطيع الإحاطة بها هنا.
الآن، لدينا خطوة جيدة من حيث المظهر ،وهي الكانتونات،أما من حيث المضمون، فلم نعرف خيرها من شرها بعد، علينا، ولكن هناك بعض الملامح التي تشير إليها، وبعض الملاحظات على سلوكيات عامة بدت عليها، فهذه الكانتونات تفتقر للإسم الكوردي ومنذ البداية، ولا نعرف إن كانت مقصودة أم لا، كما هناك بعض المخاوف من أرتباطاتها، ومن خطوط الدعم، الداخلية والخارجية، فهي غير واضحة المعالم، الأمر الذي سيجعلنا نفكر بالمستقبل كثيراً، كذلك خلفياتها السياسية والأمنية على ضوء ما ظهر منها من مواقف تجاه ما مررنا وما نمر به من هجمات وتعديات، كذلك مخططاتها الإقتصادية والإجتماعية الجادة وآلية العمل والمشاركة مع باقي التكتلات وحتى المكونات الأخرى المشاركة لنا في العيش المشترك، ومن الملاحظ حتى الآن، كثمار وجهود، لهذه التجربة، تشرد الكثير من أبناء شعبنا وأستشهاد عدد ليس بالقليل نتيجة بعض السياسات الغير مدروسة، الهجوم على إطلاق اسم الكوردستاني، على خلفية موافقة الحكومة التركية على السماح لأسم كوردستان كتنظيم سياسي في تركيا، وهي خطوة تحدث لأول مرة، وقد تكون هناك إيجابيات ولكنها لا تفرض نفسها على ضوء ما نراه وما هو مطلوب منها في هذه اللحظات التاريخية الحاسمة، حتى تنجلي الضبابية على كل ما أشرنا إليه.
وهنا لدينا سؤال يلسع الضمير الحي،ثم لماذا الجزء الأكبر من كوردستان لا يزال صامتاً تجاه ما يحصل في غربي كوردستان؟ ألم يكن من المفروض أن يتحرك ويتخذ مواقف ويدعم تجاربنا،بدلاً من صب الزيت على النار؟
أقول لكل الأحرار، الأحلام تحتاج لحرية، والحرية تحتاج مسرحاً تتنفس فيه وتحتاج لفضاء واسع، هذا الفضاء وهذا المسرح دعائمه، الديمقراطية والحرية الشخصية وإحترام الرأي والرأي الآخر، والوعي والثقافة، فلنتسلح بها ونحاول تطبيقها على أنفسنا وأولادنا، وندعو للوحدة، فقلب العدو لن يكون يوماً على قلوبنا، وكل ما نراه ونسمعه من وعود، هو ضحك على الذقون، فتوحدوا كي نحلم حلماً مشروعاً، لحقوقنا المشروعة.
كازاخستان – ألماتا ,
تُتاح هذه الصورة أيضا في: العربية