مصطو الياس الدنايي
لو نظرنا للتاريخ بمختلف مراحله، سنجد هناك شخصيات نذروا أنفسهم لخدمة بلادهم وشعوبهم ونرى آخرين انتهجوا طريق التضحية والولاء في سبيل الحرية ومبادىء الانسانية.
غاندي.. الذي كان يصوم كطريقة برفض الظلم والوقوف بوجه الاستعمار، مبتعداً عن كل مظاهر العنف حتى تحقق له ما أراد واشرق شمس الحرية على بلاده.
المفكر الفرنسي المشهور جان جاك روسو.. كان السبب في فكرة و نهوض فرنسا الحديثة.
بسمارك.. وحَّدَ الولايات المتعددة لألمانيا.
مصطفى كمال باشا (أتاتورك).. ظهر للأتراك قائداً لمرحلة جديدة من عصر تركيا العثمانية بسلاطينها وسطوة رجالات الدين فيها حتى جعل من تركيا للأتراك بعلمانيتها والتحرر من قيود العشائرية والدينية.
مانديلا.. تعرّض نيلسون مانديلا للاضطهاد وبقي في السجن معظم حياته،،، كل ذلك من أجل ماذا؟ من أجل مقارعة الظلم والتفرقة العنصرية التي كانت حكومة بريتورياتمارسها ضد مواطنيها السود. ولم يتراجع لحظة ما وبقي متحديّا لتلك الممارسات اللاانسانية حتى تحقق له ولشعب بلاده ما أراد،،، فتخلصت جنوب افريقيا من اسوأ حقبة عنصرية عاشتها.. والرجل ذاته كان يعارض ويرفض التنكيل والظلم بالشعوب من قِبَل الحكام والسلطات في أية بقعة من بقاع العالم.. بل رفض استلام جائزة من الحكومة التركية كونها تمارس الاضطهاد بحق الأكراد هناك.
الشيخ سلطان بن زايد.. كان يتمنى في الثمانينات أن تكون الامارات كبغداد، ولكن أمله وعمله من أجل بلاده وشعبه تعدى تلك الحدود والأماني، فأصبحت صحاري الامارات العربية المتحدة بفضله تنعم الآن بأرقى الحياة ازدهاراً من ناحية العمران والتطور والعيش الرغيد.. فغدى رمزا عظيما لشعبه.
جمال عبد الناصر.. انتهج فكرة القومية العربية.
كل هؤلاء عاشوا من أجل غاية وهدف نبيل.. ناضلوا من أجل الحرية، عملوا من أجل حياة رغيدة وآمنة لشعوبهم.
المقدمة أعلاه تقودنا الى حالة كوردستان بأجزاءها الأربعة والتي مرت بمراحل وفترات عصيبة جدا عبر تاريخها ولم تكن لتجد مَن ينتشلها من واقعها المزري وتسيّرها نحو كيفية التعامل الأمثل مع المعطيات والحوادث التي تعرّضت لها.. لكن البارزاني الخالد بنى مدرسته التي تعلم فيها الشعب الكوردستاني اصول التحدي والصبر والنضال من اجل التحرر والعيش بسلام وكرامة مع اعتزازي بكل الوطنيين الكورد بمختلف انتماءاتهم وتوجهاتهم ولا شك في أنهم قدموا التضحيات تلو الأخرى من أجل القضية الكوردية.
ان الحقبة الماضية كانت تتطلب من الكورد النضال المسلح في الجبال والتضحية بالغالي والنفيس من أجل أن تبقى القضية مشروعة وقائمة، حتى بزغ فجر الحرية والعدالة بسنة 2013م وتغيّرت المعطيات لتتغيّر معها أساليب التعامل والاستمرار بالكفاح من أجل الوصول الى برّ الامان ولكن بشكل مختلف عما كان عليه أبان المواجهات المسلحة.. فأصبحت صناديق الاقتراع والفكر السياسي هو الاسلوب المعاصر والأمثل للمجريات.
وبذلك الشكل.. أصبح الرئيس مسعود البارزاني عقلاً نيّراً من مدرسة البارزاني وأخذ على عاتقه هموم شعبه ليس في الجزء الجنوبي من كوردستان فحسب وانما ببقية الأجزاء الأخرى أيضاً وبدأ يشجع على الحل السلمي من أجل تحقيق أهداف الكورد سواء بالجزء الشمالي منه أو في غرب كوردستان ولنا في ذلك أدلة دامغة ومنها الحراك السياسي المميز والذي شهده إقليم كوردستان وحكومة أنقرة من اجل انهاء حقبة طويلة من سيل الدماء بين طرفي النزاع(الكوردي – الحكومة التركية)، وكذلك لمّ شمل الفرقاء والقوى السياسية المختلفة من غرب كوردستان ورعاية اجتماعاتهم في هولير حتى يمكنهم الوصول الى اتفاق يجعلهم بموقع الاتحاد في اتخاذ القرار ازاء ما يدور بسوريا من أحداث دموية يومية ومستقبل يشوبه القلق الكبير خاصة وأن الجماعات التكفيرية والقوى الضالة أصبحت تغيّر من مفهوم الثورة هناك الى التنكيل بالأقليات العرقية والقومية ومنهم الكورد.
هذا الأمر يجعل من الرئيس بارزاني خارجا عن الطبيعة الداخلية للاقليم لتتعدى الى رعاية مصالح الكورد والتوجه بهم نحو الهدف الأسمى والأكبر.. رغم ما يقال هنا وهناك محاولة للتشكيك بمفهومه ووطنيته وقد تكون هناك أمور ليس على مزاج الجميع ولكن السياسة تتطلب أحياناً الصبر والتريّث حتى يحين موعد انقشاع كل الغيوم وتظهر الشمس على حقيقتها.
هكذا هم يكونون القادة ومدارسهم.. وهكذا تطمئن الشعوب والأجيال على مستقبلها، بوجود أشخاص مستعدين بالتضحية والاهتمام بكلّ الأمور ومن جميع النواحي، فيعيشون لكل مرحلةٍ باسلوبها وتكون الحرية وتحقيق المبدأ الانساني والعيش بكرامة غايتهم.
فلتكن الأقلام والأفكار الكوردية نحو سنبلة البارزاني ومنهجه من أجل توحيد الكورد ليكونوا درعا منيعاً أمام التحديات وحتى يصلوا الى برّ الأمان بكل معانيه.
تُتاح هذه الصورة أيضا في: العربية