يوليو 25, 2025

Lalish Media Network

صحيفة إلكترونية يومية تصدر باشراف الهيئة العليا لمركز لالش الثقافي والاجتماعي في دهوك - كوردستان العراق

عبد الرزاق علي: على خطى صدام

على خطى صدام
عبد الرزاق علي

نشرت مجلة «كولان» الكوردية في عددها الصادر هذا الأسبوع، حوارا مع البروفيسور، جين فونتين، الأستاذة الأميركية المعروفة في علم السياسة والسياسات العامة، حيث تتحدث عن السياسات التي تؤدي لا محالة الى افشال الدولة. فتقول: النخبة أو الأقلية التوتاليتارية الحاكمة ترى، أو تصور حلفاءها كأعداء لتظهر نفسها قوية، والنتيجة الأكيدة لهذه السياسة هي الدولة الفاشلة. هذا بالتحديد ما صنع صدام. وهو نفسه نراه ونتلمسه في العراق اليوم.
والمنطق يقول: الاعمال نفسها وبالأدوات نفسها تؤدي الى النتيجة ذاتها. العراقيون يرون بأم أعينهم، تكرار الممارسات والسياسات الاقصائية نفسها في العراق، وأحيانا بالعناوين نفسها.
يصادف اليوم، السادس من آذار، مرور تسعة وثلاثين عاما على توقيع اتفاقية الجزائر سنة 1975. الاتفاقية مكتظة بالنقاط والكلام الديبلوماسي السفسطائي، أما زبدتها: تنازل البعث وصدام عن شط العرب وأراض عراقية أخرى شاسعة، مقابل قيام شاه ايران (بموافقة سوفيتية مسبقة وتخاذل أميركي لا اخلاقي بكل معنى الكلمة) بتضييق الخناق على الثورة الكوردية. النتيجة، توقفت الثورة الكوردية لأشهر، لكنها سرعان ما نهضت من جديد، وعادت أراضي كوردستان العراق المحررة، لتصبح ملاذا آمنا لكل القوى والشخصيات الديمقراطية، ولتأوي المطاردين من نظام صدام، وغالبيتهم (من عدا الشيوعيين العراقيين وبعض الشخصيات والقوى الوطنية الحقيقية)، يتنكرون اليوم للجميل الكوردي الذي حماهم من صدام، بل أوصل بعض الناكرين الى سدة الحكم.
أستذكر تلك الاتفاقية المشؤومة، وأتحدث عنها بعد كل هذه السنوات، لأنها أضحت المسبب الأول والمنطلق لكل الدمار والحروب والويلات التي جلبها نظام صدام على العراق والمنطقة.
فبعد أن تفرد صدام بالحكم من خلال التخلص من أحمد حسن البكر، وقبله وبعده، من رفاقه بشتى الأساليب والمؤامرات الدنيئة، وصادف ذلك اندلاع الثورة الايرانية، حيث شعر صدام بأن الوقت قد حان للتراجع عن اتفاقية الجزائر، واظهار نفسه بطلا قوميا، فقامت قوات صدام في أيلول من 1980 باجتياح الأراضي الايرانية. فاندلعت على اثره، حرب ضروس دامت لثماني سنوات (وصدام حسبها أيام وتنتهي). وخرج العراق منها، وبعد أن خسر مئات الآلاف من أبنائه والدمار الهائل، مديونا بمليارات الدولارات.
فوصل التفكير (العبقري للقائد الملهم) الى الفكرة المجنونة وهي التهام الكويت، لعلّ وعسى، فيه خير للوضع الاقتصادي المتهرئ جراء الحرب. فغزا الكويت، وجرى ماجرى. وخرج العراق، مهزوما، محاصرا اقتصاديا، مدمرا ومكبلا بعشرات القرارات الدولية. وبقية القصة معروفة.
نرى المتحكمين بالسلطة اليوم، يسيرون على الخطى نفسها. اقصاء جميع الشركاء والحلفاء وعمل كل شيئ من اجل البقاء في السلطة. التأريخ يقول لنا ولهم أيضا: هذه الخطى ستؤدي بهم حتما الى مصير صدام نفسه، ولكن المصيبة وبصراحة شديدة، ليست في مصيرهم المحتوم، بل في الأضرار الناجمة عنها على البلاد والعباد.

تُتاح هذه الصورة أيضا في: العربية

مقالات ذات صله

الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Copyright © 2021 by Lalish Media Network .   Developed by Ayman qaidi