يوليو 24, 2025

Lalish Media Network

صحيفة إلكترونية يومية تصدر باشراف الهيئة العليا لمركز لالش الثقافي والاجتماعي في دهوك - كوردستان العراق

جلال خرمش خلف: مازال القطار يسير

مازال القطار يسير

جلال خرمش خلف

يتساءل المرء احيانا عن اهمية البقاء حيا في عالماً يفتقر الى ابسط مقومات الحياة وظروف يكاد اطلاق تسمية مهينة عليها اقرب اليها من تسمية ظروف صعبة . فالظروف الصعبة لابدا لها من نهاية . ان من يمعن النظر في الواقع المرير الذي يعيشه المواطن العراقي في ظل ظروف امنية لا يحسد عليها وخدمات تكاد شبه معدومة ومستوى معيشي يفتقر الى اساسيات المعيشة سيصل الى نتيجة مفادها ان الانسان في العراق ميت مع ايقاف التنفيذ . فما نفع البقاء حيا اذا كان الانسان يعيش في حالة قلق ورعب واهمال ولا يدري حين يخرج من بيته اذا كان سيعود ثانية ام لا . فهو في ترقب دائم لا يعرف متى سينفجر لغم او سيارة او متى سيختطف ؟؟؟ فهل هذه حياة مقارنة مع حياة الانسان في دول اخرى ؟ كان العراق ومايزال من اغنى دول العالم من حيث الثروة النفطية ومن حيث الاحتياط الكبير للنفط اضافة الى ثروات وخيرات اخرى كثيرة ولكن ما فائدتها اذا كان المواطن محروم من ابسط مقومات الحياة وما اهمية هذه الكمية الكبيرة من النفط اذا كان المواطن يتحصر على بضعة لترات من النفط الابيض في ليالي الشتاء الباردة ؟ ان حال العراق يشبه حال رجل غني و بخيل لا خير فيه تجاه عائلته واطفاله . فيما يعيش العديد من المستفيدين منه في ترف وجاه بينما ينام اطفاله جياع ويمشون في الشوارع شبه عراة و بيته يفتقر الى ابسط الاثاث والاجهزة الحديثة بينما خزائنه ممتلئة وحساباته في البنوك كبيرة . هذا هو حال العراق الذي يطفو على بحيرة من النفط ويجلس على خزائن من الثروات وشعبه لا يجد ما يسد جوعه وقد هجروا الى بلدان العالم بحثا عن العيش . ان العراق لو استغل ثرواته لمصلحة شعبه لاصبح من اسعد الشعوب في العالم ولما اضطروا الى مغادرته . وقد قيل ان الشيخ زائد حين تسنم الحكم في الامارات قد قال سوف احاول ان اجعل الامارت تشبه بغداد . انها عبارة تستحق الوقوف عندها فهي دلالة على ان بغداد كانت من اجمل المدن وافضلها بالنسبة للعرب الى درجة ان زعماء العرب يتمنون ان تصبح عواصم دولهم كبغداد . ولكن فلننظر الى بغداد اليوم والى الامارات فكم هو الفرق بينهما ؟؟؟؟؟
منذ ان وجد العراق وسكانه في قلق دائم وفي رعب وقتل وكأن الله قد كتب عليهم البؤس والشقاء وحذف من قاموسه كلمة استقرار . فالعراق وكما يقال مهد الحضارت وارض الرسل والانبياء وعلى ارضه اكتشف اولى بوادر التعليم و سن القوانين ولكن  في الجانب الاخر كان العديد من المعارك والحروب ترافق هذه التحولات المهمة في العراق . منذ ذلك الوقت والى يومنا هذا والعراق يخرج من حرب ويدخل في حرب اخر وتقام دولة وتسقط دولة اخرى والله وحده يعلم كم من المرات سقطت العاصمة بغداد بيد الغزات واستباح القتل بين السكان . حتى وصلنا الى اخر سقوط لبغداد في عام (2003 ) حينها قلنا واخيرا تخلصنا من الدكتاتورية ومن الاهمال والعنصرية وسنبدأ العيش من جديد في عراق مزدهر ومستقر يكفل العيش الكريم لكل المواطنين و من اجل ذلك خاض الشعب اخر حروبه ولكن هذه المرة عن طريق صناديق الاقترع التي حلت محل الاسلحة والجيوش . والشعب الى يومنا هذا يأمل ان تتغير الظروف نحو الاحسن والافضل وهو لهذا لم يفقد الامل والرجاء فمع ان الرياح ما زالت تأتي عكس ما تشتهيه السفن الا ان الصبر لم ينفد بعد . فالظروف الصعبة التي سيطرت على حياة معظم العراقيين قد اصبحت حافز قوي للجميع من اجل التخلص منها . ولكن للصبر حدود فمازالت طبول الحرب تقرع ومعها تتزايد تأملات المواطن البسيط الذي جل غاياته ان ينعم بالاستقرار والامان . واذا كان الشاعر قد قال يوما :ـ
اذا الشعب يوما اراد الحياة            فلا بدا ان يستجيب القدر
فان الشعب العراقي كان ومازال يستجيب للقدر املا في الحياة ولكن الحياة كانت وماتزال تهرب منهم ولا تريد ان تمنحهم ما يمنح للاخرين . ويبقى السؤال قائما ما طعم الحياة اذا كانت ايام العمر كلها بؤس وحرمان واذا كان من تهتم بامره وتستعد للموت من اجله تراه حين يصل الى ما يريد يتنكر من كل القيم والاخلاقيات ويسعى الى تعبئة الجيوب والبنوك ولا يهتم بمعانات من اوصله الى ما هو عليه الان . هذا هو سبب معانات والام المواطن العراقي منذ فجر التاريخ والى يومنا هذا ولن تزال هذه المعانات الى ان يأتي الشخص المناسب ويجلس في المكان المناسب ولا ننسى في الوقت المناسب والى ذلك اليوم سيبقى قطار المعاناة يسير ببطء شديد وعليها الالاف من علامات الاستفهام والتعجب .فمتى سيصل القطار الى محطته الاخيرة الله اعلم؟؟؟

تُتاح هذه الصورة أيضا في: العربية

مقالات ذات صله

الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Copyright © 2021 by Lalish Media Network .   Developed by Ayman qaidi