نبذة حول الثورة الكوردية عام 1925 وزعيمها الشيخ سعيد بيران
( بمناسبة الذكرى التاسعة والثمانين لاندلاع الثورة الكوردية في تركيا بزعامة الثائر الكوردي شيخ سعيد بيران )
خديدا شيخ خلف
الشيخ سعيد بيران (1868- 1925) يعد قائد ومدبر ومفجر الثورة الكوردية التي انطلقت عام 1925 في دولة تركيا واول من تحدى السلطات التركية وزعيمها كمال اتاتورك ،و سمي بسعيد بيران نسبة للمنطقة التي بدات فيها اول شرارات الثورة (بيران peran) واطلق عليه سعيد بالوي نسبة الى مسقط راسه بالو palow ،ويعتبر ابن الشيخ محمود فيضي الذي كان يعيش معه في قرية بالو والذي انتقل بعد ذلك الى خنس وهناك قام بنشر الطريقة فذاع صيته وكثر اتباعه وتوفي عام 1898 وترك شيخ محمود من الابناء الشيخ سعيد ،بهاء الدين ،عبد الرحيم ،مهدين ،ضياء الدين وطاهر وبعد وفاته خلفه الابن الكبير شيخ سعيد وعين اخاه بهاء الدين مدرسا او مرشدا للطريقة محله ،ووالدة الشيخ سعيد ابنة محمود بك الجبري والد العقيد خالد بك الجبري الذي تراس لجنة الاستقلال الكوردستاني ئازادى مما ساعد العقيد خالد على استمالة الشيخ سعيد للانظمام الى لجنة ازادي التي كانت تقوم بتهيئة الاجواء والعدة والعدد لحركة كوردية تحررية و التي عرفت فيما بعد ب (ثورة شيخ سعيد ) ، وتزوج سعيد بيران ابنة خالته وخلف من الابناء على رضا ،غياث الدين ،صلاح الدين ،عباس الدين ،قطب الدين ومحمد ،وتجدر الاشارة الى ان احد اجداده الشيخ حسين قتل سنة 1639 م بيد العثمانين ، ويذكر ان الشيخ سعيد ابصرالنور1868 في قرية بالو ومن ثم انتقل الى خنس ثم كرك درك ،وهو سليل اشهر اسر المشيخات الدينية والطريقة النقشبندية في منطقة امد (ديار بكر ) ذات تكية ومكتبة عامرة تحتوي على مئات الكتب القيمة والوثائق النادرة ، اذ اخذ في الارشاد في بالوpalow واصبح رمزا وعلم بارز من اعلام الحركة الفكرية والتحررية الكوردية المعاصرة في شمال كوردستان وفريدا في زمانه ،واخذ طريقته النقشبندية عن مولاه خالد الشهرزوري ودرس الفقه والشريعة الاسلامية وكانت له روح شعرية وادبية بابداع وتالق كبيرين تدفعه لتاليف القصائد البديعة المؤثرة في الكوردية والتركية والفارسية والعربية ،واستلهم منه الشعراء ابلغ المعاني الوطنية والقومية وتتلمذ على ذكراه كثير من قادة التحرر ، وتبصر في السياسة وتجلت فيه باجلى معانيها وخاض العمل السياسي منذ بدء تاسيس الجمعيات في الدولة العثمانية عام 1908 واقام علاقات متينة مع العائلات الكوردية المعروفة وزعماء الكورد امثال البارزاني الخالد وقاضي محمد وبدرخان بك والشيخ عبدالله النهري ،وانتخب رئيسا للجنة ازادي (الاستقلال الكوردستانية ) بعدما القت السلطات التركية القبض على خالد بك جبري واستشهد مع عدد من رفاق دربه في تشرين الاول سنة 1924 ويذكر بان له 12 الفا من المريدين ( تابعا لطريقته ) يمجدون فضله ويجلونه ويكنون له كل الاحترام والثناء والتقدير، وقد منح شهادة التدريس للذين ارتووا من علمه وهم اثني عشر شخصا ، ويبدوا ان تاريخ اسرة بيران حافلة بالماثر والمفاخر والاحزان ويذكر ان العثمانيون نكلوا بافرادها وقتلوا رجالها واحرقوا مكتبتها ووثائقها المهمة ومن ضمنها شجرة الاسرة وهدموا تكيتها اكثر من مرة ،وفي 14 شباط 1925 تم الاعلان عن اطلاق شرارة الثورة الكوردية التي حملت اهداف قومية وانسانية ومصيرية منها ردع المظالم التركية واستقلال المناطق الكوردية وتاسيس دولة كوردية قومية هذا وتم بالتصويت الاجماعي انتخاب شيخ سعيد رئيسا للجنة وزعامة الانتفاضة خلال المؤتمر الكوردي الذي عقد في تشرين الثاني في حلب سوريا والذي حضره علي رضا ممثلا عن والده الشيخ سعيد وبعد ذلك قررت اللجنة برئاسة الشيخ سعيد ايقاد شعلة الثورة واطلاق سراح القادة الكورد المعتقلين حيث بدا يلملم شتات بني جلدته ويرسم خارطة طريق ثورة كوردية تضمن تاسيس دولة كوردية مستقلة ،وبدات شرارة الثورة تتوهج في الرابع عشر من شباط 1925 ويوما بعد يوم اخذت تتوسع في ربوع المناطق الكوردية حتى شملت 14 ولاية كوردية ،وشارك فيها اكثر من 600 الف ثائر كوردي وفضلا عن 100 الف من الارمن والاثوريين والعرب والشركس وتمكن الثوار من احراز الانتصارات والمكاسب العسكرية خلالها وتمكنوا ايضا من محاصرة دياربكر والسيطرة على جميع المؤسسات الحكومية والعسكرية ردا على الظلم والاضطهاد والممارسات التعسفية التي مارستها السلطات التركية تجاه ابناء الشعب الكوردي وعلى اثر صحوة واستفاقة الشعب الكوردي ادى الى تاسيس جيشا من قبل الحكومة باسم جيش فرسان الحميدية ابان حكم السلطان عبد الحميد والذي اختص باخماد الانتفاضات والحركات التحررية الكوردية والذي استمر بدوره العسكري الى تاسيس جمهورية تركيا الحديثة وتسنم الحاكم كمال اتاتورك سدة الحكم على اساس دولة علمانية والذي قويت شوكت جيش الفرسان في عصره ولكن الامور لم تكن كما يرام ولم تكن خافية على السلطات التركية الشوفينية حيث علمت بامرالثورة مبكرا قبل قيامها وبعد خيانة قاسم بك جبري الذي يسميه الكورد (قاسو) بن عم العقيد خالد بك الجبري وزوج اخته ،واخذت السلطات تعد العدة لها ففاجات الثوار بالمداهمة والملاحقة ومحاصرتهم ليل نهار ودخول مواطنهم كالوحوش الضاربة وفضلا عن وصول قوات حكومية مساندة اخرى وبعدما اعلن اتاتورك قيادة الفيلق الثاني بنفسه وحملته الشرسة لاخماد الثورة فضيقت على الثوار الخناق فاضطرت جحافل الثوار الى التراجع والالتجاء الى الجبال والاحراش تفاديا لاراقة دماء بني جلدتهم وثبتوا هناك مدة طويلة في ظل قسوة ومشاقات لا تطاق اظهر الثوار شجاعتهم النادرة وحزمهم الفائق ، اذ دافعوا بصبرهم وكفاحهم عن اخر رمق ولكن في الاخير وضع الاتراك يدهم على بعض رؤساء الثوار وقتلوهم في اماكنهم والبعض الاخر بما فيهم الشيخ سعيد بيران تم اسرهم ومحاكمتهم وسيقوا الى منصات الاعدام وصعد الشيخ سعيد في مقدمتهم الى اعواد المشانق مخاطبا السلطات الرجعية الهمجية بان الحياة الطبيعية تقترب من نهايتها حيث استفاق شعبي ولن يسكت بعد هذا عن الظلم والاتضطهاد ولست اسفا قط عندما اضحي بنفسي في سبيل شعبي واننا اليوم مسرورون لان ابناءنا واحفادنا لن يخجلوا منا امام الاعداء ،وهكذا تم اعدامهم خلال مدة قصيرة من بعد معاملة قاسية ومحاكمة انتقامية غيرعادلة تمكنت السلطات التركية من تشتيت شملهم ببشاعة ووحشية وبقلوب مغمورة بالتعصب حاملين علم الحقد والانتقام وهكذا تم اخماد الثورة بوحشية تامة من قبل السلطات التركية الشوفينية ، وفي الثلاثين من ايار اسلم الثائر الكوردي شيخ سعيد مع شقيقه ضياء الدين وولده العباس مع 47 من رفاق دربه ررواحهم الطاهرة الى باريها تاركا وراءهم مشوارا مهما ومشروعا قوميا وادعا اياهم بايدي تلامذة الشيخ سعيد وبني جلدته ، والجدير بالاشارة الى ان خسائر الشعب الكوردي لم تحصى خلال مدة الانتفاضة حتى ساعة اخمادها حيث دمرت اكثر من 900 دار سكنية مع حرق وازالة حوالي 210 قرية فيما وصل عدد القتلى 15 الف كوردي فضلا عن نهب الاموال والممتلكات وكل ما وصلت اليه ايدي الجنود الترك ( الجندرمة ) ، ويذكر ان عشرات الالاف من الكورد والارمن والاثوريين والعرب هاجروا الى سوريا والعراق هربا من التعسف والظلم الذي يمارسه السلطات ضدهم من بعد افشال الثورة التي قوت شوكة الحكومة التركية شقيقه عبدالرحيم قد هاجر بعد انهيار الثورة الى سوريا ولم يعاود ارض وطنه الا بعد عام 1938 للاشتراك في ثورة بدليس ، فوشي به احد اصحابه الى السلطات التركية فهاجمه الاتراك وقتلوه مع عدد من اصحابه ،حيث كان فراق هذه الكوكبة من الشهداء الكورد الابرار ضربة على قلوب ابناء الشعب الكوردي قاطبة حيث بكاهم الصغيرقبل الكبير والغني قبل الفقير ….
المصادر….. البدليسي وعباس العزاوي ومعلومات مستقاة من اقوال عبدالملك فرات حفيد الشيخ سعيد ومحمد امين زكي من مشاهير الكورد وجليلي جليل
تُتاح هذه الصورة أيضا في: العربية
