يوليو 26, 2025

Lalish Media Network

صحيفة إلكترونية يومية تصدر باشراف الهيئة العليا لمركز لالش الثقافي والاجتماعي في دهوك - كوردستان العراق

حسن الخفاجي: “الورود دائما عمرها قصير”

“الورود دائما عمرها قصير”

حسن الخفاجي

لا اعرف من قائل هذه الحكمة الجميلة “الورود دائما عمرها قصير”. تعود تلك الحكمة للذاكرة بين  الفينة والأخرى ، كلما اسمع أو أشاهد ورودا  تذبل بالموت كمدا أو فقرا أو بانفجارات تحصد أرواح شباب وشابات بعمر الورد ، أو كلما نزف للقبر عرسانا وعندما نودع أخا صغير بالعمر أو ابنا ، لقد ذبلت الكثير من الورود في بساتين العراق حتى قبل أوانها ، أما لهذا الموت أو القتل الجماعي أن ينتهي ، أما آن لعوامل الموت والجفاف أن تخمد نيرانها ، لتفسح المجال للندى وللبراعم ان تزهر.

من المنافي حيث الغربة التي حصدت المورق من أيامنا، وخطفت الباقي من صحتنا ومقاومتنا للاعتلال والماسي ،  يظل خط وصلنا بالعراق سببا أضافيا لمعاناتنا . أما آن لأيام الفرح أن تغمر بفيضها أحزانا جففت الدمع بعيوننا.

منذ ان عرف العراقيون التوحيد وهم يبتهلون إلى  الله أن يأخذ بخطواتهم صوب العزة والكرامة ، مات أسلافنا فقرا وحزنا وكمدا حتى خطف الموت أولادنا !.

لماذا لا تغادرنا ثياب الحزن ولا تليق ألا على أجسادنا وأرواحنا ؟.

أما من رشيد أو قدر ينزع التعلق بالعراق من قلوبنا ونعيش مثل باقي المغتربين سعداء بما حصلوا عليه من ميزات ، أمان وسعادة  في المهاجر.

لماذا يبقى العراقي دون غيره من الجنسيات كافة معلقا بالعراق بخيط وهمي يشبه الهاجس ، مرة يكون حبلا غليظا يلتف حول رقاب البعض منا ، يسحب بعضنا إلى حيث الحزن والدموع والماسي اليومية  ؟.

لماذا تظل ضحكاتنا باردة وأحزاننا مورقة ؟.

من بين تلال الوجع والحزن التي تراكمت فوق نفسي ، ارثي واعزي نفسي وأخوتي وأصحابي بذبول وردة أعطت عطرها وطيبها لكل من حولها ولجيل كامل تغنى بأغانيه حزن بعضهم وطرب آخرون لمواويله .

ولدي وابن أخي وحبيبي ضياء وداعا ، لقد كنت نسمة صيف منعشة وذكرى ندية وحلما جميلا .الأحلام والنسمات والذكريات والورود كلها أعمارها قصيرة وهكذا كان عمرك ، لقد كان قدرك كقدر كثير من المبدعين العراقيين ، الذين يحترقون كالشموع ، لكنهم يعيشون في الظلام والظل بعدما يحرقون أنفسهم من اجل الآخرين !.

حبيبي وولدي وقرة عيني عذرا ، لأنني كنت بعيدا عنك وأنت تنازع الموت وحدك بصمت ، حتى في الموت اخترت ان لا تصدم المحبين برحيلك وأنت تعاني  مرضا أو وجعا ، فجاءك الموت سريعا خاطفا كما كنت تشتهي . ها قد حل رحيلك الأبدي قبلي وانأ بعيد ولم تزرع عند قبري شجرة كما وعدتني.

سؤالي سيبقى بلا إجابة:

هل أوصيت أحدا غيرك قبل رحيلك ليقوم بهذه المهمة بدلا عنك ؟.

أم أنها الأقدار وأنا من سيزرع الشجرة عند قبرك !.

سوف لن أنسى مهما طال بي العمر هديتك الثمينة لي وأنا في أحلك أيام غربتي يوم أرسلت لي شريط أغنيتك ” ما أظن يجيبه البخت ” .اخترت هذه الأغنية لتعرب فيها عن جزعك وحزنك لفراقي ، لأنك كنت تظن ان لا عودة لي للعراق ولا أمل بسقوط صدام . لقد كنت نبيها وبليغا حينما اخترت ان تصور اغلب مشاهد الأغنية في بيتي ، الذي هجرته وتركته خاليا تعيث به الغربان .

ها أنا أنوح واردد بكلمات تلك الأغنية وارثيك كما رثيتني وأنا حي: ” بس كلي شيجبره كلب الكسرته “!؟

ما الذي يجبر كسر قلوبنا وقلوب العراقيين الذي فقدوا أحبتهم وهم براعم وورود وشباب في محارق العراق المستمرة على هذه الأرض منذ ان وطأتها أرجل البشر ؟ .

ما الذي يجبر قلوبنا وقلوب بناتك ضي ومي وشمس يا ضياء ؟ .

سؤال إجابته متروكة للزمن ….

بالأصالة عن نفسي وبالنيابة عن أسرتي وأخوتي وأفراد أسرهم ، اشكر  الإخوة كافة على مشاركتهم أحزاننا من تجشم منهم عناء السفر  وذهب مع المشيعين لمواراة الفقيد الثرى ، ومن حضر مجلس العزاء ، ومن  اتصل معزيا ومواسيا ، ومن أرسل رسائل الكترونية . كما اشكر الأخوة الإعلاميين  ووسائل الإعلام كافة ، الذين أسهموا  بتغطية خبر وفاة الراحل وتشيعه في وسائل الإعلام ، اخص منهم القنوات الفضائية  العراقية والحرة عراق والإذاعات والمواقع الالكترونية والصحف كافة .

نسأ ل الله ان يجنب الجميع كل سوء ومكروه

إنا لله وأنا أليه راجعون .

أراك بعد مماتي جئت تندبني ….. وفي حياتي ما زودتني زادي

Hassan_alkhafaji_54@yahoo.com

تُتاح هذه الصورة أيضا في: العربية

مقالات ذات صله

الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Copyright © 2021 by Lalish Media Network .   Developed by Ayman qaidi