ما هكذا تورد الإبل أيها الأخوة
داود ناسو
daoudnaso@gmail.com
أفرز اللقاء التلفزيوني لقناة روداو مع السيد سرحان عيسى الناطق الرسمي بإسم مجلس إيزيدي سورية، العديد من ردود الأفعال التي أيدت في أعمها الأغلب الحرص الإيزيدي في مواجهة سياسة الإقصاء والتهميش ضد المكون الإيزيدي وقواه السياسية. وهو أمر يحسب لمجلس إيزيدي سورية، لجهة قدرته على تحريك المياه الراكدة على المستوى الكردي، فيما يخص الموضوعة الإيزيدية. وهو أمر يحتمل الخلاف والتوافق في آن واحد.
ففي ظل التأكيد على كردية الإيزيديين وأمتدادهم الكردي العميق، أكد المجلس مراراً حرصه على وحدة الصف الكردي، وعلى الإمتداد والعمق الكردي للإيزيديين كمكون كردي سوري اصيل واساسي من النسيج الكردي والوطني في سورية. وعليه فأن كل أساليب المزايدة الرخيصة على الهوية القومية للإيزيديين، ما هي إلا محاولة بائسة، وتعريض بالإيزيديين.
ما يدعوا للأسف هو تعرض المجلس ممثلاً بشخص السيد عيسى، لهجمة شعواء من لدن فصيل إيزيدي وليد النشئة، الذي يفترض فيه أن يكون حريصاً على المصلحة الإيزيدية والوفاق الإيزيدي. فمن شأن هذه الهجمة أن تؤسس لحالة الشقاق في الوسط الإيزيدي، وأن يوسع هوة الشرخ فيه. فأكثر من بيان وتصريح نشر على الشبكة العنكبوتية بمسميات مختلفة، سيلحظ المرء من خلال قراءتها ، وبجهد يسير، ولكأنها جميعها كتبت أو أُمليت من قبل شخص واحد، مقحماً أموراً لم يتعرض لها اللقاء التلفزيوني المذكور. فهل كانت هذه التصريحات تصب في خانة إثارة الرأي العام الكردي عامة والإيزيدي خاصة، وتأليب النفوس على بعضها البعض؟ هل كان من اللازم أن ننشر غسيلنا الوسخ في كل وسيلة إعلامية، فيما لو علمنا، أن الشبكة العنكبوتية تزخر بعشرات المواقع الإيزيدية، علاوة على وجود قنوات أخرى في نقدنا لبعضنا الأخر، دون الدخول في هذه المهاترات الرخيصة وحملات التخويين، التي أن دلت على شيء، إنما تدل على خوائنا الفكري وعلى ضحالة مستونا في التعاطي مع الأحداث.
لقد بادر المجلس ومنذ اليوم الأول لإقتحام بلدة سريه كانيه، بإتخاذ موقف صارم بهذا الشأن وأدان عملية ترهيب وتهجير الأهليين الأمنيين، كما وقد قدم المجلس رؤية شاملة للخروج من المأزق التي وُضِعت فيه المناطق الكردية” روج آفا” . وقد بادر على إثر تعرض القرى الإيزيدية للنهب والقتل والتهجير من لدن المجاميع الإرهابية الدخيلة، بتنظيم مظاهرة عارمة في مدينة هانوفر ، واخرى في مدينة كولن الألمانيتين، وأطلعت الرأي العام الألماني وكذلك الحكومة الألمانية بأرفع مستوياتها على ما يتعرض له الإيزيديون سواء في الوطن، أو في المهاجر والمنافي. وللأسف لم يكلف الأخوة في هذا الفصيل الوليد عناء المشاركة، لا بل مارس البعض دور الرقيب من خلال حذف التقرير الذي اعدته قناة تلفزيونية “إيزيدية”.
أن محاولة دق أسفين بين المجلس وحزب الاتحاد الديمقراطي، من خلال إقحام الحزب في هذه المهاترات الرخيصة، فما هي إلا دعاية مبتذلة وساذجة، حزب الاتحاد الديمقراطي بغنى عنها طولاً وعرضاً. وهو أكبر من ذلك. وأنني على يقين، لو أن قيادة الحزب على علم ودراية بهذه الأساليب الرخيصة، لما سمحت بذلك. فالعلاقة بين مجلس إيزيدي سورية وحزب الإتحاد الديمقراطي إنما يحكمها الإحترام المتبادل، وقد لبى المجلس دعوة الحزب في مهرجان تأسيسه العاشر وألقى وفد المجلس كلمة في تلك المناسبة.
أن نقد محاولات الإقصاء والتهميش التي تمارس من لدن الأحزاب الكردية ضد المكون الإيزيدي، هي عملية مطلوبة وحالة سليمة، لوضع القيادات الكردية أمام مسؤولياتها، وأيصال رسالة واضحة وصريحة، بأن الإنسان الإيزيدي قد وصل إلى مرحلة، يملك فيها قراره ينفسه، وأن بناء الشخصية الإيزيدية المستقلة، هي اللبنة الأولى والأساس في عملية تأسيس الإرادة السياسية الإيزيدية المستقلة وبناء العلاقات على اساس الندية التفاعلية، بعيداً عن سياسية المحاور والإستقطابات والتبعية العمياء لاية جهة كانت.
أن الدرك الذي نزل إليه بعضٌ قليلٌ من ضعاف النفوس، المتمرغيين في رغيد أوربا، هو محل أستهجان. فراح لا يدخر جهداً أو وسيلة إعلامية، له فيها عزوة إلا وإستغلالها لأغراضه الشخصية ، ولكأن هذه الوسائل والمؤسسات، أنما هي أملاك خاصة ليصفي من خلالها حساباته الشخصية الرخيصة مع عمرٍ أو زيدٍ من الناس. من المؤسف أن يسمح القييمون على هذه المؤسسات لشخصِ عديم المواهب، قذفته الصدفة وحدها إلى “القمة”، أن يعث فيها فساداً وتخريبا.
لقد أكد كاتب هذه السطور، في أكثر من مقال ومقام، على أهمية عدم فرض أية وصاية، ومن أيٍ كان على أهلنا في الداخل، لأنهم هم وحدهم، من يقررون مصيرهم، حسب ما تقتضيه الظروف والمستجدات.
أقول قولي هذا، والألم يعتصرني أشد الألم، وأنا أجدني مجبراً، على النزول إلى هذا الدرك، لنرد فيه على بعضنا البعض، عوضاً أن نكون عضداً وسنداً لبعضنا الاخر في هذه المرحلة المصيرية التي تمر بها شعوب المنطقة ومن ضمنها المكون الكردي الإيزيدي.
أن الأخوة الخيريين في هذا الفصيل، وهم الأغلبية فيه، والذين دفعتهم غيرتهم على المشاركة والمساهمة في أي حراك لخدمة القضية الإيزيدية، مدعوون وبإلحاح، إلى إحكام العقل، ووضعِ حدٍ لهذه المهاترات الرخيصة البائسة، والحد من محاولة مصادرة القرار الإيزيدي روحياً ودنيوياً، وأخشى أن يكون مشروع تأسيس هذا الفصيل أمتداداً لمشاريع تهدد الهوية الإيزيدية وفلسفتها الروحية في الصميم، والتي ضحى من أجل صونها والحفاظ عليها أباؤنا وأجدادنا كل غالٍ ونفيس.
أنني أهيب بهؤلاء الأخوة الخيريين إلى إتخاذ موقف حازم وسريع، والعمل بإخلاص الى تلقف اليد الممدة، حفاظاً على وحدة الصف الإيزيدي، وتوحيد القرار، وقطع دابر الفتنة، التي هي أشد من القتل.
اللهم أشهد أني قد بلغت.
تُتاح هذه الصورة أيضا في: العربية