يوليو 23, 2025

Lalish Media Network

صحيفة إلكترونية يومية تصدر باشراف الهيئة العليا لمركز لالش الثقافي والاجتماعي في دهوك - كوردستان العراق

سالم مشكور: سياسيو التجهيل

سياسيو التجهيل

سالم مشكور

قبيل الانتخابات البرلمانية السابقة كان أحد المرشحين يتحدث عبر إحدى الشاشات واعدا الناخبين بأنه سيفتح مركزا صحيا وآخر للايتام. كان يتحدث بملء فهمه وجهله مساهما في تجهيل الناخبين ، بدل عمله على رفع مستوى وعيهم الانتخابي. ولولا معرفتي الشخصية بذاك المرشح لظننت انه يتعمد التجهيل ، كما يقوم بذلك سياسيون كبار يرتكبون اليوم جريمة بحق شعب خارج من عقود من العزلة والجهل بمتطلبات الحياة المدينة والممارسة الديمقراطية.

لا يفقه صاحبي ان النائب لا ينتخبه الشعب لكي يبنى مستوصفا ، أو يؤسس دارا للايتام، فهذا ليس عمله إنما مهمته محددة بأمرين: تشريع القوانين ومراقبة أداء الحكومة. نعم يستطيع المرشح ان يتحدث عن برنامج كتلته للدفع باتجاه مشاريع قوانين لإنصاف فئات اجتماعية مستحقة ، أو لتطوير القطاع الصحي ووو… إلخ . أما ان يكون برنامجه هو بناء مستشفى ، وهو لن يستطيع ذلك ، فهذه مساهمة غير واعية في تعميق الجهل العام بالثقافة المدنية والانتخابية. نعم ، بإمكانه تنفيذ اعمال خيرية لكن من دون شرط عضوية مجلس النواب لأن دفع الناس الى الانتخاب على أساس هذه الوعود سيحول مجلس النواب الى جمعية خيرية. هكذا نائب – ومثله يفوز الكثيرون – لن يستطيع الوفاء بوعوده “الخيرية ” ، فضلا عن ممارسة دوره التشريعي والرقابي الذي يجهله من الاساس ، فيصبح هدفا لسهام الناس وشتائمهم ويأسهم الذي يمتد الى كل البرلمانيين، بل حتى التنفيذيين .

والى جانب “سياسيين”غير واعين ، هناك آخرون يقومون – عن وعي كامل – بتشويه وعي الشارع ، أو منع بناء هذا الوعي ، من خلال مسايرة الشارع في “لا وعيه” سعيا لكسبه ، حتى لو انطوى ذلك على نفاق واضح، كأن يصلي الجمعة في الصف الاول حيث تلتقطه الكاميرا ، رغم انه لا يقرب الصلاة ولا يعرف اتجاه الكعبة اصلا ، أو ان يتعمد حضور مجلس حسيني منقول على الهواء مباشرة فيلطم ويتظاهر بالبكاء  فيما هو يهزأ من هذه الممارسات في مجالسه الخاصة .

لا يقف الامر عند جهل الكثير من المرشحين أو تجاهلهم  لدور النائب، بل انتقل الامر الى المجلس النيابي نفسه، ففي الدورة الحالية المشارفة على الانتهاء ، رأينا المجلس يخرج عن مهامه وصلاحياته ، فيصدر قرارات تنفيذية ويخوض عمليات تحقيق قضائي ، في تجاوز واضح على دور ومهام السلطتين الأخريين. ربما هو تجسيد لشخصية العراقي الذي يريد ان يكون صاحب كل السلطات، على خطى الحكام الشموليين .

إذا كان سياسيون مرشحون للانتخابات يساهمون في ظاهرة الجهل العام بدل بناء وعي سليم ، فكيف يمكن لوم الناخب الذي درج على القول “انتخبناهم فلم يفعلوا شيئا لنا. لم يعينوا ابناءنا ، ولم يجلبوا لنا الخدمات”  جهلا منهم بمهام مجلس النواب الحقيقية؟ وهو جهل يساهم السياسيون في ترسيخه.

سالم مشكور – إعلامي ومحلل سياسي

تُتاح هذه الصورة أيضا في: العربية

مقالات ذات صله

الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Copyright © 2021 by Lalish Media Network .   Developed by Ayman qaidi