قاسم ميرزا الجندي: نجم سيروس (قرغ) في الحساب الفلكي الايزدي

نجم سيروس (قرغ) في الحساب الفلكي الايزدي

قاسم ميرزا الجندي

نجم الشعرى اليمانية (سيروس) هي من النجوم الساطعة والمعروفة قديما عند الحضارات القديمة ، كان يقدسها بعض الأقوام, ويعد رابع ألمع جرم في السماء بعد الشمس والقمر والزهرة، وهو أحد نجوم مجموعة كوكبة الكلب الأكبر الجنوبية لمجموعة (Orion)ايرون النجومية بصف مجموعة نجوم برج الجوزاء,

يصنف الفلكيون سيروس نجماً ثنائياً، لأنه في الحقيقة عبارة عن نجمين مترافقين، تم اكتشاف النجم المرافق سنة 1862, وهو نجم خافت لا يمكن مشاهدته بالعين المجردة حتى في افضل الظروف, ويبعد نجم سيروس(القرغ) من مجموعتنا الشمسية بنحو 8.5 سنة ضوئية.
يعني سيروس حرق، موجة الحر في الصيف بعد شروق الشمس. كوكبة الكلب الأكبر اسمها اللاتيني(Canis Major) هي مجموعة نجوم لافتة وساطعة تقع إلى الجنوب من خط الاستواء السماوي في الجزء الشمالي من الكرة الأرضية جنوب شرقي كوكبة الجبار(Orion). النجوم الثلاثة التي تشكل حزام(Orion) يشير نحو نجم سيروس في مجموعة كوكبة الكلب الأكبر. وسيروس (الشعرى اليمانية) بدورها تشكل الطرف الجنوبي لما يسمى بمثلث الشتاء.
بالإمكان مشاهدة مجموعة نجوم الكلب الأكبر قرب الأفق شتاء في وسط أوروبا. اما الأجزاء الجنوبية من هذه المجموعة لا يمكن مشاهدتها من الدول الاسكندينافية ويمكن مشاهدتها بصورة جيدة من منطقة خط الاستواء والمدارين. يمر شريط مجرة درب التبانة في مجموعة نجوم كوكبة الكلب الأكبر.
أثبتت الدراسات الفلكية أن نجم (سيروس) كان معروفاً في العصور القديمة , كان له قداسته عند قدماء المصريين لارتباطه بفيضان النيل لذلك أسموه نجم إيزيس لارتباط دموع الملكة إيزيس زوجة أوزيريس حسب الأسطورة المصرية القديمة. وكان هذا النجم هو قرين(الملكات) في مصر القديمة, لذلك فإن ما يسمى (بفتحة التهوية)الموجدة في الهرم الأكبر الممتد من حجرة الملكة إلى اتجاه الجنوب ما هي إلا فتحة لكي تطل منها الملكة في مرقدها على قرينها في السماء نجم (سيروس)عند مروره على دائرة الزوال الفضائي، وهي ايضا تتجهة لنجوم اخرى معينة في السماء اثناء حركة كوكب الارض في السماء حسب علم الفلك الحديث.
تسمية نجم (سيروس) في المجتمع الايزيدي هو نجم (قرغ)او (كرغ) وهو نجم يقع في في مجموعة الكلب الاكبر بالقرب من مجموعة نجوم برج الجوزاء و نجوم الصياد (Orion).
يظهر نجم الشعرى اليمانية(سيروس) وهو ألمع نجوم السماء ليلاً في النصف الاول من شهر أغسطس، ويظهر نجم القرغ فوق الأفق الشرقي مائلاً نحو الجنوب، بعد مربعانية الصيف في شهر أغسطس، حيث أن طلوعه يكون مقدمة لظهور مجموعته النجومية، ويرتفع تدريجياً في السماء ويقطع خط الزوال مع منتصف الليل في شدة الشتاء في بداية شهر يناير(كانون الثاني)، ويكون في جهة الغرب في أمسيات الربيع، وينحدر نحو الأفق الجنوبي ليختفي عند شروق الشمس في برج الحمل.
يأتي ويظهر النجم في السماء ثانية في بداية الخريف ونهاية الصيف, بعد ان يقطع الارض نصف دورة كاملة حول الشمس في مدارها, أي نجم القرغ يختفي عن سماء الليل في الربيع والصيف لان يكون في سماء النهار في ذلك الفترة, وبعد انتهاء فصل الصيف , عند شروق الشمس في برج العذراء.
ظهور واختفاء نجم سيروس (قرغ) في السماء, تشيرالى ارتفاع وانخفاض درجات الحرارة على مدار السنة, وتغير المناخ والطقس من حالة الى اخرى معاكسة وبصورة تدريجية وتغير حركة كوكب الأرض من ارتفاعها وانخفاضها وقربها وبعدها عن الشمس خلال دوران الارض والانتقال في مدارها حول نجم الشمس.
نجم (سيروس) لدى المجتمع الايزيدي هي نجم القرغ ويعني الدلالة على النار القوية المشتعلة من بعيد بالنسبة والظاهرة في حركتها الضوئية المتلألئة وتغير الألوان فيها بين لحظة وأخرى على مدار السنة، مما يدل على شدة قوتها في بداية ظهور النجم في الأفق وكأنها مثل البركان. يقال إنها تؤثر على الانسان عند مشاهدته لنجم القرغ في اول ظهورها في الافق فجرا.
وظهور نجم القرغ في سماء الليل هو أشارة على الانقلاب وتغير المناخ نحو البرودة، بصورة تدريجية, وكلما ارتفع نجمة سيروس(القرغ) في سماء الليل تنخفض درجات الحرارة يوما بعد يوم, وهناك حكمة أيزيدية يقال في هذا الصدد وفي فترة ظهور نجمة القرغ (لقد ظهر القرغ وذهب الحر), اي عندما يظهر نجم القرغ في سماء الليل تتغير المناخ من الحر الى البرودة تدريجيا، وفي بداية ظهور نجم القرغ تنخفض درجات ىالحرارة وتقل مستوى مياه الآبار والعيون والمياه العميقة في جوف الأرض, وكان الناس في المجتمع الايزدي يحفرون الابار في فترة ظهور القرغ, حيث تجف المياه السطحية وتنخفض المياه الجوفية داخل الارض ويصل الى ادنى مستوى, والماء الذي يظهر في البئر المحفور في هذه الفترة لا ينقطع ابدا.
وهناك مقولة أيزيدية تقول أرتفع نجوم (النجوم الثلاثة في مجموعة الصياد) (Orion)في السماء وأتكئ عليها نجم القرغ (سيروس)وهذه النجوم الثلاثة هي في مجموعة نجوم(Orion) وتسميتها لدى المجتمع الايزدي(بيرو ترازور (Orion)) اشارة الى البرودة وقدوم فصل الشتاء.
أن حساب ظهور واختفاء نجم سيروس(قرغ) حساب فلكي, تتعلق في تغيير المناخ. وإذا راقب الانسان حركة هذا نجم القرغ، ويجمع في الحساب في ظهور الشمس وشروقها في مجموعة وبرج الجوزاء تختفي نجم سيروس (قرغ) من سماء الليل, فترة من بداية الربيع والصيف والى أن يتحرك الأرض نصف دورة, في مدارها حول الشمس, لا تظهر نجم سيروس (القرغ)لا يمكن رؤيتها في فترة ستة أشهر تقريبا, لان مجموعة الجوزاء ومجموعة نجوم (Orion)(بيرو ترازو) ومجموعة الكلب النجومية التي فيها سيروس(قرغ) تكونان في الجانب الشمسي للأرض فلا نستطيع رؤيتها في هذه الفترة لأنها واقعة في سماء النهار ، إلا بعد دوران في دائرة البروج نصف دورة(180)درجة, وعند شروق الشمس في برج العذراء تبدأ نجم الشعرى اليمانية (سيروس)(قرغ) في الظهور في الفجر وتكون فترة نهاية الصيف.
ونجد ان المجتمع الايزدي يتذكر استخدام هذا الحساب الفلكي في ظهور نجم القرغ في سماء الليل واختفائه, واعتمدوا عليها في حساب السنة والمناخ وأدركوا حركة النجوم والكواكب والمجموعات النجمية والابراج, وحساب التغيرات المناخية والزمن.
الحسابات الفلكية والزمنية اعتمدوا عليها وعرفوها الحضارت القديمة مثل السومريين والبابليين والفراعنة والاشوريين واليونايين, واستخدموا في حساباتهم الفلكية والمناخية واعتمدوا عليها في حساب ووضع التقاويم الفلكية والزمنية, والبابليون هم الأوائل الذين وضعوا التقويم وقسموا السنة الى أثنا عشر شهرا، وجاءوا من بعدهم الفراعنة وتم حساب فترات شروق الشمس في الابراج وأدركوا حسابها الفلكي وحساب الأبراج، وما زال هذا الحساب الفلكي القديم نجده يتذكر ويستخدم لدى المجتمع الايزيدي.