الانسان هل هو غاية ام وسيلة
جلال خرمش خلف
اكدت لائحة حقوق الانسان على حرية الانسان و ضمان توفير الامن و الامان و الاستقرار له كي ينعم بحياة حرة كريمة . واكدت على ضرورة توفير سبل و مستلزمات الحياة الضرورية وكل ما من شانه توفير الراحة والهناء للانسان وكل اللوائح و المطالب والقرارات تؤكد على حقوق الانسان و تحترم طريقة عيشه . لان الانسان غاية وليس وسيلة . لذلك يجب ان تسخر كل الطاقات و الامكانيات في سبيل اسعاده . وقد نجحت العديد من الدول التي عرفت قيمة الانسان و الانسانية في توفير الرفاهية والامن و الاستقرار لمواطنيها واصبحت تراعي كل متطلبات الحياة العصرية و تسعى الى الافضل و الاحسن لهم كما وجعلت من الانسان الاساس في كل المجالات و القيمة التي لا تعلو عليها قيمة لانها باختصار عرفت القيمة الحقيقية للانسان . وقد اصبح ترتيب الدول في العالم من الغنى و الفقر يعتمد على مقدار الدخل الشهري للفرد فيها . وقد جاوزت بعض الدول هذه الحقوق و الامتيازات ووصلت إلى تامين حقوق الحيوانات و خاصة الكلاب و القطط !!! و أصبحت هذه الحيوانات تتمتع في بعض الدول بالحقوق و الامتيازات تقارب حقوق و امتيازات مواطنيها و كان تلك الحيوانات قد أصبحت مواطنين !! و كثيرا ما نرى ونسمع من خلال البرامج والتقارير المنوعة عن الحيوانات او من خلال الأخبار الطريفة كيف ان العديد من الدول قد خصصت مناطق خاصة بالحيوانات من فنادق و مطاعم و متنزهات و حمامات و حتى قاعات للمناسبات و الأعراس و غيرها الكثير الكثير. و نلاحظ الاهتمام الكبير و الجدي بالحيوانات و كيف ان تلك الدول قد وصلت إلى مستوى من النضج و الوعي و الرقي لدرجة أنها تهتم بالحيوانات أكثر من اهتمام بعض الدول بمواطنيها .
نعم ان الكثير من الدول مازالت تعامل مواطنيها معاملة العبيد الذين لا حقوق لهم و لا امتيازات بل ترى فيهم مجرد كائنات او أدوات وجدت من اجل خدمة الطبقة الحاكمة و لإرضاء نزواتها و حاجاتها و لتوفير الراحة للأسياد دون ان ينعموا هم (المواطنين) بأي حق في المطالبة بتوفير مستلزمات الحياة و العيش او حتى ان يكون لهم راي او وجهة نظر . وهذه الدول التي مازالت تعامل مواطنيها معاملة العبيد و الحشرات و تبحث يوميا عن اخر ابتكارات القمع و التعذيب و القتل كي تطبقها على شعبها وتبني عوضا عن اماكن الترفيه و المتنزهات السجون و المعتقلات و القلاع الحصينة . هذه الدول ما زالات تعيش في الاوهام و في سبات الحروب و الغزوات و في سبات الإقطاعيات . ومازالت ترى في مواطنيها الوسائل لتحقيق غاياتهم وأهدافهم وللوصول الى ما يسعون إليه .وليتها تعامل مواطنيها كما تعامل الدول الاخرى كلابها و قططها !!؟؟
ان الإنسان هو غاية الحياة والوجود و لابد من توفير سبل الحياة الكريمة و الحرة له و الاهتمام به أكثر من الاهتمام بأي شيء آخر في الدولة لان الإنسان هو أساس تقدم الدول وليست الدولة هي أساس تقدم الإنسان . ولولا جهود الإنسان و علومه لما تقدمت و تطورت الدول . ولولا الشعوب لما وجدت السلطات و الأسياد و الحكام لذلك على الحكام و الأسياد ان يفكروا بمواطنيهم وان يمنحهم بعض الحقوق و الامتيازات التي تشعرهم بعطف الدولة و حنانها كي يحصلوا بالمقابل على عطف الشعب و تأييده و ثقته . لان الأسياد وصلوا إلى ما وصلوا إليه من سلطة و منزلة رفيعة على أكتاف الشعب وعلى حساب معاناته و آلامه . لذلك فمن الإنسانية ان يعمل السيد او الحاكم على تخفيف هذه الآلام و الجراح و عليه ان لا يتنكر من أصالة شعبه ومن واقعه قبل ان يصل الى كرسي الحكم . واذا كانت الشعوب تقلد بعضها البعض في الملابس و العادات وغيرها من سلوكيات ومجالات الحياة فلماذا لا يقلد الرؤساء والزعماء بعضهم البعض في الأعمال الجيدة و الاهتمام بالدولة و الشعب وفي اختيار النهج السليم و العادل في الحكم ؟؟؟ ام ان التقليد بين الطبقات الحاكمة و غيرها من الطبقات السلطوية يشمل الجوانب السلبية فقط دون غيرها أي ان التقليد يقتصر على الاضطهاد و القمع و سلب الحريات و محاربة المبدعين وتقليد السياسات الطائشة و الدكتاتورية التي لا تخدم لا الدولة ولا الشعب بل تترك عواقب وخيمة لا تحمد عقباها ولا نتائجها.
تُتاح هذه الصورة أيضا في: العربية