نحو انجاز صندوق التنمية الثقافية
فوزي الاتروشي
كل يوم يرحل عنا مبدع اديب او فنان او مفكر, او يمرض او يقع فريسة الفقر وضيق الذات, واذ تقع هذه الحوادث التي لا مفر منها فأننا مكلفون بالإعانة وتقديم المساعدة والتسهيلات كافة لمن ليس لهم رأس مال او حسابات في المصارف او اي تراكم للثروة فكل ثروتهم في الدنيا هي كتبهم ورواياتهم وقصائدهم ولوحاتهم وكنوزهم الفنية والفكرية التي يزدهر بها الوطن ويزداد بين بلدان العالم لونا” وضوءا” وقيمة.
وهذه الثروة الفكرية التي يراكمونها لابد ان يكون لها مقابل, والمقابل هو تكفل الدولة والمؤسسات المعنية بإخراجهم من دائرة الخوف والفقر والمــرض والاحــراج, وهذا استحقاق وواجب وحق وليس منةً او احسان .
وكل البلدان المتقدمة في العالم تضع هذه الاولوية ضمن ميزانياتها, لأنه بخلاف ذلك يخيم الاحباط على رواد الفكر والثقافة وبالتالي ينحسر الابداع وهنا لا يمكن القبول بالقول الشهير في مجتمعاتنا الشرقية ان الابداع يثمر في ضلال الفقر والالـــم, فاذا كان الالم والحزن مصدرا” للإلهام فان الحب والامل والتفاؤل والفرح مصدر اعظم لتفتح براعم العطاء الابداعي .
في المانيا مثلا” ما زال اسم الشاعرين العظيمين (غوته) و( شيلر) هو الاكثر تداولا بين الناس ويشكلان الجذر الاكبر للشعرية الالمانية وحينما كانا احياء في القرن الثامن عشر كان امراء المقاطعات الالمانية والنبلاء وعامة الشعب تتكاتف لمدهما بأسباب العيش الكريم .
وهكذا في فرنسا النور والثقافة والسويد وهولندا وبريطانيا وكل دول التحضر والتقدم الاجتماعي فهناك مؤسسات ترعى المبدع وتعينه على الحياة الكريمة، وفي العراق الذي يعتبر واحدا” من البلدان الثرية جدا” مازلنا نفتقر الى مؤسسة خاصة ومعنية بهذا الامر .
ومن المؤكد الخطوات اليومية التي نبذلها في وزارة الثقافة تسد بعض النقص ولكن ليس كله حيث تبقى الحاجة ملحة الى (( صندوق التنمية الثقافية )) الذي سبق ان أخر من قبل هيئة الرأي في الوزارة وبذلنا جهودا” جيدة مع دائرة العلاقات الثقافية لوضع هيكلية ادارية وتحديد مصادر للتمويل مناسبة له تجعل المثقف والمبدع العراقي امنا” مطمئنا” في وطنه. ولكن الامر ما زال قيد المراوحة ونأمل ونتطلع ان للفكر انجاز هذه المهمة الجميلة لخدمة مثقفي البلد بعيدا” عن الروتين والعقبات الكثيرة التي ما زالت تقف احيانا” كثيرة عائقا” امام اعانة المبدع الذي يستحق منا رد الجميل وعدم التنكر له حين يغزو الشيب راسه او يقع فريسة المرض او يخشى على مصير عائلته بعد الوفاة .
ان العراق دولة نفطية ثرية وبإمكاننا بناء مجتمع الرفاه الاجتماعي, ولكن الى ذلك الحين فبإمكاننا على الاقل انشاء صندوق للتنمية الثقافية يعين على خلق واقع مزدهر للغاية وللفكر والثقافة والادب والفن, فالفنان والمبدع غير الموظف لا يتقاعد واحيانا كثيرة يكون بلا مورد شهري وهذا الامر لا يمكن القبول به في بلد كالعراق.
21/11/2013
تُتاح هذه الصورة أيضا في: العربية
