تخطيط وترويج وتصدير الحروب والصراعات في العالم 
قاسم ميرزا الجندي
ان سياسة تصدير الحروب التي يقوم بها بعض الدول الغنية, إلى بعض البلدان القريبة منها أو حتى البعيدة عنها بهدف تعزيز هيمنتها (الجيو سياسية) والتمدد في توجهات وسياسات تلك الدول من اجل السيطرة على مقتدرات الشعوب في هذه البلدان, يعتبر من السلوكيات الشاذة والمتخلفة في عالم الحرية والحضارة. وسياسة تصدير الحروب يتولها الدول الامبريالية الغنية ضد دول العالم الثلث من اجل الهيمة والسيطرة على منابع الطاقة في العالم.
فقد دأبت الولايات المتحدة الامريكية في العقود الاخيرة , نحو خوض الحروب المباشرة أو بالإنابة ضد الدولة المارقة أو الخارجة عن طاعتها,عندما غزت افغانستان والعراق وتحريض الثورات في العالم العربي وما يسمى بالربيع العربي, وفي العقد الاخير اوعزت الولايات الامريكية الى الدول التي تدور في فلكها في(الخليج وتركيا وغيرها في المحور السني) مهمة التدخل وخوض الحروب بدعم الجماعات الارهابية وتصديرها الى الدول مثل العراق وسوريا وغيرها, لتشن وتفتعل الحروب الطائفية ضد االانسانية نيابة عن امريكا ودول حلف الناتو في المنطقة (العراق وسوريا واليمن وليبيا..) وربما يمتدد هذه الحروب لتشمل امتداداته إلى العديد من الدول المجاورة (لبنان , الأردن, تركيا , روسيا) وامتد هذه الحروب ووصلت إلى معظم دول أوربا من خلال مأساة اللاجئين الفارين من لهيب الحروب التي أشعلتها وكلاء الامبريالية , وكذلك من خلال الهجمات الارهابية على بعض الدول في اوربا, واصبح معروفاً لدى القاصي والداني .
ان الاعلام الغربي منسجم وموجه مع المخطط والمشروع السياسي والثقافي والاقتصادي.. الذي يسعى الدول الغربية ترويجه في العالم. وبالتالي فمن الضرورة بمكان ان يتم استيعاب حقيقة المنظومة الغربية ودور كل من مكوناتها في الترويج لها، ابتداء بالاعلام, مرورا بالمنظمات الحقوقية, ومشاريع حقوق الانسان، ومؤسسات البحث والعصف الذهني والدراسات المختلفة، وصولا الى المؤسسات العسكرية والجيوش والتحالفات الاقليمية. ويتم ترويج المشروع الغربي بشكل منفصل من قبل كل دولة او كيان او مؤسسة على حدة، وقد يتطلب الامر اجتماعات ومؤتمرات على اعلى المستويات وقد تطول لعقود.
ان قطاعي الاعلام وحقوق الانسان هي من ابرز الجهود التي تروج لذلك المشروع الذي سوف يتدخل من خلاله الامبريالية العالمية(الامريكية) نحو اهدافها المصلحية في الدول المعنية. فالإعلام الغربي وعلى الاصعدة المختلفة ومنظمات المجتمع المدني ومنظمات حقوق الانسان، و مشاريع الاغاثة والمساعدات الخارجية والمؤتمرات الدولية، جميعها تمارس ادوارا مكملة للاخر, تساعد وتدعم الدور العسكري للجيوش والدور والتدخل السياسي للحكومات، هذا من الجانب الغير المعلن. ومن الجانب الاخر ربما يدعم الدول المعنية والمرشحة للفناء في مشروعهم الارهابي انهم يماسوا ازدواجية في السياسة وفي الدور الاقتصادي للمصارف والشركات والتدخل في عملها.
والاعلام الغربي يسعى دائما لترويج ثقافة غربية استعلائية(العولمة) ترى كل ما لدى الآخرين دون ما لديها، وانها هي معيار التقدم والنهضة الفكرية، والمعيار الاساسي في النهضة الليبرالية. ولذلك يهتم الاعلام بترويج القيم التي تضمن الحريات الشخصية، فالفرد هو محور الحضارة الغربية ولا يحق لاحد تجاوز حقوقه وهويته.
وتجدهم ينطقون ويطلقون الخطابات الرنانة حول المساواة والحقوق والعدالة, وحقوق الشوب والاستقلالية وجميعها بوابات للسيطرة على الدول وسرقة كل ثرواتها. ونجدهم انهم يضعون تاريخ الشعوب النضالية الحافل بالتضحيات الذين ضحوا في سبيل شعوبهم وأوطانهم غطاء لسياستهم الدنيئة نحو تخلف الشعوب ونهب كل خيراتها. اي اهم يقتلون القتيل ويسيرون في جنازته.
نعم انهم يدعمون الشعوب في نيل الحرية والارادة , في الكلام والخطابة فقط , وفي الحقيقة, انهم يبحثون عن مصالحم وهي استراتيجيتهم , وهم يقولون ليست هناك صداقة دائمة وإنما هناك مصلحة دائمة. هذه افكارهم وتوجههم وهو اسلوبهم الذي تصدر الساحة السياسية في العالم منذ اكثر من عقود. كل السياسات الإقليمية والقومية منحدرة من هذه السياسة الفريدة والمسلطة في العالم والتي تبرر الوسيلة من أجل الوصول الى أهدافها الميكافيلية .
تُتاح هذه الصورة أيضا في: العربية
