مقاتلو جبل شنكال في أيام المحن ….. (18)
الباحث/ داود مراد ختاري
تقدمت الجماعات المتواجدة في مزار شرفدين لنجدتنا .
عن كيفية الدقاع عن قرية زيروة ومناطق مفرق حردان وزورافا تحدث المقاتل (سالم أسماعيل عمر من آل داود الداود) قائلاً:
بلغنا أهلنا في 3/8 بالخروج وأن يخلصوا أنفسهم، أولا ذهبا الى قرية بيرى اورا وبعدها ذهبنا الى زيروة عن طريق قرية عربية (رجم العبد)، وقد قلنا لأهلنا بأن من يريد أن يخلص نفسه مع أهله، يمكنه الذهاب عن طريق هذه القرية، حيث كان الوضع سيئا للغاية، لم يكن الماء متوفرا ولا الطعام ولا اللباس، وهكذا قمنا بأجلاء العوائل حتى أوصلناهم الى (كلى زاخو)، ومن هناك جئنا بهم الى دهوك، وأجرنا لهم بيوتا وأمنا عليهم.
وقد عدت في الرابع من شهر آب عن طريق سوريا بين قريتي (دهولا ودووكرى)، كان داعش يتمركز في (دووكرى)، كنا خمسة عشر رجلاً، وهم (علي مخي، خوديدا علي مخي، خوديدا علي جيلكي، نوري خلف مراد، نزار الياس صبري، خيروسرحان)، وكلهم من أقاربي ومعارفي في القرية، ولا أتذكر أسماء الآخرين، وقد ذهبنا الى وسط (دووكرى) وعن طريقها دخلنا الأراضي العراقية، وصلنا بين (دهولا ودووكرى) على الشارع العام، تم أطلاق النار علينا من (دووكري) من قبل قناصة داعش. والحقيقة لم نكن نحمل سلاحاً ، ولم يكن معنا طلقة واحدة، أسلحتنا كانت في قبة مزار (بيرى اورا) حين خرجنا كنا سلمناها الى أحدهم وطلبنا منه الأحتفاظ بها حتى عودتنا، ورجعنا الى شرفدين وذهبت الى قاسم ششو وطلبت منه السلاح، لكنه في ذلك الوقت لم يعطنا سوى قطعة سلاح واحدة كلاشينكوف مع أربعة مخازن، وقد أخبرته بأنه معي رجال كثيرون ولا يوجد لديهم أسلحة للقتال، قال بأنه هناك الكثير من رجاله لا يحملون السلاح لنقص السلاح لديهم أيضا، وقد وعدنا باعطاء الاسلحة في حالة توفرها.
خرجت من مزار شرفدين الى (زيروة) على الطريق العام، كان المنظر مرعبا، سيارات تالفة على طرفي الطريق، جثث قتلى مرمية على الطريق، كنا في سيارة بيكاب موديل 2009 بيضاء، وصلنا الى (زيروة) وذهبت الى شيخ خدر في (القبة) وطلبت منه الاسلحة المتروك لديه، وقال بأنها موجودة كلها، قطعتين من سلاح BKC وقطعتي سلاح برنو، وقطعتي جيسي، وستة كلاشينكوفات، مع العتاد، وقد وزعتها على مقاتلي، وقد سألنا أين نتمركز ؟، فقالوا لنا تمركزوا في قمة رأس زيروة، حينها أخبرت المقاتلين بأن القرية تبدو لي هادئة، لماذا لا نذهب الى القرية لنرى ماذا فيها، كنا نقصد قرية (زورافا)، بعض الرجال المسنين قالوا أنتظر حتى نرى ما يحدث، علي حاجم، علي مخي، حسبما أظن بأننا بقينا لأربعة أيام في قمة زيروة، وقد طلبت من الجماعة ان نذهب الى القرية، فوافقوا، وذهبنا ودخلنا القرية، نظرنا الى البيوت، ذهبنا الى جباتي، وأخذنا بعض الصور هناك، كانت بعض البيوت مفتوحة الأبواب، فقد كانوا دخلوها، كان عددنا حينها تسعة رجال، كان هدفنا أن نحدد نقطة ضعف لدى داعش لنضربهم، فكنا في حالة أختباء عن أنظارهم، لأن المنطقة كلها كانت تحت سيطرتهم، ولم يكن في القرية شيء، أي لم يكن فيها عناصر داعش، كان ذلك في الثاني من أيلول، حينها رأينا بأن الكثير من البيوت تعرضت للنهب، كذلك المحلات والدكاكين، وكنت قد خبأت عتاد سلاح الـ BKC في مكان ما هناك، ورأيت بأنهم وجدوه وأخذو الطلقات وأبقوا السلاسل الفارغة، رائحة الأجساد المقتولة للحيوانات والبشر كانت تملئ القرية، لم نرَ أجساد أحد منهم، في جمسية البير رأينا ثلاثة أجساد، عرفناهم وهم (خدر خلف كان قهو جي لدينا، ميرزا كوجك، قاسم جردو).
بعدها جاءتنا توجيهات من حيدر ششو، طلب منا أن نسيطر على مفرق (زورافا)، وتلة بلى موسى، وقد قلت لهم بأننا جاهزون في أي موقع يطلب منا أن نحارب، وقد أتخذت سرية (نقيب مروان) مفرق (زورافا) وسيطروا عليه، مجموعة (بركات هادي) أخذت موقعها في (تلة بلى موسى)، كانت لديه سلاح دوشكا واحد، وقد بقى لدي (19) رجلا حينها، عند قطع الطريق كنا (98) رجلا، حينما ذهبنا كنا (15) شخصاً، وعن طريق الاتصالات ومجيء الجدد ازداد عددنا الى (98) رجلاً، أسماءنا موجودة في سجل لدى قاسم سمو، ومجموعة (بركات خديدة سبيل) كانت تسعة أشخاص، وقد أخذوا موقعهم بالقرب من محطة الكهرباء، وكنا نجتمع كل يوم في (زورافا) تقريبا (15) شخصا وكان بيننا كبار السن، كانت المسافة بيننا وبين قواعد داعش حوالي ثلاثة كيلومترات، كانوا يحتمون في بيت بقرية (خراني)، حينها كانوا يتابعون تحركاتنا كثيرا في (زورافا)، لم نكن منتظمين كما الضبط العسكري، فكل شخص يدير مجموعته بنفسه، ولأن قوات داعش كانت تتابع تحركاتنا عن كثب، كنا نغير مواقعنا باستمرار، لأن أسلحتهم كانت تقطع المسافة التي بيننا، بينما أسلحتنا لم تكن لتصلهم، كانوا يمتلكون رباعية ( 23) وكانوا قادرين على اصابتنا من مقرهم في قرية (خرني)، كنا بالعادة نذهب الى قرية (زيروة) للغداء، وحتى يوم 28 أيلول كانت شبكة كورك متوفرة دائما، وأثناء ذهابنا الى الغداء أخبرونا بأن داعش يهاجم مجمع (زورافا) بالهاوانات، فذهبنا بسرعة ولم نصل الى داخل القرية كان هناك تل يدعى (كرى بَرانا) على الطرف الشرقي للطريق الذي يؤدي الى قرية (زورافا)، وتلة أخرى تدعى (كرى خطيب) على الطرف الغربي، وقد تقدمت الجماعات المتواجدة في مزار شرفدين لنجدتنا، وكذلك الذين في مجمعي (بورك ودوهلا) وكافة قوات الشمال، لأن سقوط مجمع (زورافا) حسب رأينا هو سقوط المنطقة الشمالية.
المقاتلين المتواجدين عند (مزار شرفدين) كانوا قد جاءوا برباعية (دوشكا) وضعناها على تلة (كرى خطيب) حدث اشتباك بيننا لمدة، فانسحبوا. وقد أعلنا بأن قوات داعش هاجمت (زورافا) ولكننا هزمناهم ولم يتمكنوا من السيطرة على (زورافا).
ينتهز داعش الفرصة للهجوم علينا حينما تأتي العواصف الترابية، بعد الهجوم الذي ذكرناه بيومين هاجموا مرة أخرى قرية (زورافا)، الهجوم هذه المرة كان بواسطة سيارات الهمر ودخلوا القرية من الجهة الشرقية، حينها تحولت المعركة الى حرب الشوارع، وقد استهدفهم المقاتل (قاسم كيجو) بقذائف المحملة على الكتف تقريبا ستة قذائف، وحينها كنا مجتمعين في بيت قريب من مرور سيارات الهمر، وسمعنا أحدهم يتحدث مع السائق الذي يقود بسرعة في المنعطف يقول له (يول يأو اش يأو اش) فحسبما أعتقدنا بأنه من أهالي تلعفر.
كنا نعاني من نقص في العتاد ورغم ذلك لم يتمكنوا من اخذ (زورافا) من أيدينا وحاربناهم بالأسلحة الخفيفة المتوفرة لدينا، والنتيجة كانت اصابة أحد رفاقنا في طرف أذنه اصابة خفيفة.
كنت أنتقل بين (زيروة) وجفاتى، وأخر هجوم لهم كان في حوالي الساعة العاشرة صباحا من يوم 28 أيلول 2014، حيث قامت عاصفة ترابية والرياح كانت شرقية، في ذلك الهجوم أستخدموا ستة سيارات همر وأربع مدرعات، جاءوا الى أسفل القرية وحين كنا نستهدفهم بطلقة، كانوا يستهدفونا برشقات طويلة، فاستخدموا الأسلحة بكثافة، حيث لا تقاس مع ما هو موجود بين أيدينا، فقط في ذلك الهجوم ضربوا القرية بأكثر من خسمين قذيفة هاون، أستمرت المعركة حتى الرابعة عصرا، جاءت للقتال كل قواتنا المتواجدة في منطقة الشمال الى (زورافا)، وقد صعد قناصين من داعش فوق المنازل في القرية، ودخلت سياراتهم الى القرية.
حينها وعن طريق الموبايل كنت اخابر أبي، وطلبت منه بأن يرى طريقة كي تساعدنا طائرات التحالف في قصف القرية، لكن دون جدوى، ولو قصفت طائرة واحدة لاحدى سياراتهم لما كانوا يستطيعون باحتلال القرية ، حينها تركز تفكيرنا في الأنسحاب، قبل ذلك في الصباح جاءت سيارة (فأوكا) أثناء قصف القرية بالهأونات وقد سقطت قذيفة هأون على مقربة منها، إلا أنها لم تتسبب في خسائر، لذلك كان لدينا سيارة للأنسحاب، مجموعتنا كانت أخر مجموعة خرجت من قرية (زورافا)، وبخروجنا سقطت القرية بيد داعش.
ربما يتساءل عن كيفية الأنسحاب؟
قامت عاصفة ترابية في الساعات الأخيرة قبل الأنسحاب وأظلمت الأجواء تماما، فخرجنا حينها، مجموعتنا كانت أخر مجموعة تنسحب لأننا لم نكن نرغب بالانسحاب من قريتنا قبل الجماعات التي قدمت لنجدتنا، وصلنا بالقرب من (كرى برانا)، وناديت المقاتل (شمو شمالى)، فوق تلك التلة، فنزل وقال لنا بأن وضعية قواتنا والعتاد لا تجدى، لذلك الانسحاب أفضل، فانسحبنا، وصلنا الى المفرق، وقد أنسحبت معنا القوات المرابطة في المفرق، وحين وصلنا الى الطريق المؤدي الى قرية (زيروة) هطل المطر، فصارت الرؤية واضحة، حينها كان الناس ينسحبون من قرية (زيروة) أيضا، اتصلت بأبي وقال بأنه يجب أن لا ننسحب من (زيروة)، وقد أنسحبت قوات (pkk) أيضا حين وصلنا الى (زيروة)، ولم يبق لديهم قوات هناك، كانوا يتمركزن في قصرين عندنا في (زورافا) وفي نفس اليوم انسحبوا في الهجوم، أثناء الهجوم على قواتهم في (دووكرى) أيضا أنسحبوا ولم يبقوا حتى في (زيروة).
حينها قررنا الذهاب الى (زيروة)، بناء على طلب أبي، ورفاقي تحمسوا أكثر مني في الذهاب الى هناك، فحملنا أسلحتنا واتجهنا الى (زيروة) وبقينا هناك عشرة أيام، جاءت جماعات داعش وأتخذت مواقع لها في تلتي (خطيب و كرى برانا) بمدرعتين، من هناك كانوا يقصفون موقعنا في (زيروة) بواسطة سلاح الرباعية، وقد بقوا في موقعهم مقابل موقعنا لأيام، كانت عملية وصولهم وسيطرتهم على (زيروة) صعبة، لأن لديها طريقين للعبور إليها، أحد الطرق يأتي من مجمع (كوهبل) والأخر من مفرق زورافا، والطريق على حد سواء صعبة اذا كان هناك رجال لديهم قاذفة على الكتف، وخلال عشرة أيام بقينا نقف أمام بعضنا على هذه الحالة، أسلحتنا لم تكن تصل إليهم، بينما هم كانوا يملكون الدوشكا وهي تقطع المسافة بيننا وتصل الى مواقعنا، والآن اذا ذهبت لزيارة (زيروة) فستجد بأنه لا يوجد بيت لم تصبه طلقة من الدوشكا، بعد أربعة أيام دخلوا الى زورافا و تركوا الشارع العام، فتحوا طريقا ترابيا في حردان و جاءوا الى قرية (خرانى) و من خرانى الى زورافا، خلال وجودنا في (زيروة) تمكنت قوات داعش من السيطرة على كوهبل أيضا، كان ذلك أيضا في يوم عاصفة ترابية، أهالي كوهبل فروا من خلال قرية بورك، لم يحصل حرب جدية في كوهبل، فهم تأثروا بسقوط زورافا و أهبطت معنوياتهم ، وقد سيطروا على دوهولا كذلك، حيث هاجموها في الساعة الرابعة والنصف فجرا، الجو كان ضبابيا، وحتى الساعة السابعة صباحا تمكنوا من أخذ (دوهولا و بورك) معا.
بعد أيام طلب منا أن نذهب الى مزار شرفدين، ولم أكن أريد أن أخرج من (زيروة)، لكننا قبلنا الطلب، حينها ذهب وأجتمع قادة المجموعات هناك، جاء رشو قاسم ألياس من حردان ، خوركى بركات خوديدا من خليفى، فارس ممثلاً عن مجموعة (زيروة)، مع مجموعة المزار وأشخاص آخرون من مختلف القرى المجاورة، أجتمعنا في منزل بالقرب من المزار، وتقرر في الأجتماع أن تذهب مجموعتي الى القبة، كان ذلك في الشهر العاشر، حين وصلنا الى بربير.
لم يدعمنا أحد من الناحية اللوجستية حتى الشهر العاشر من 2014، أخذنا أرزاقنا من قريتنا (زورافا)، لم ندخل البيوت إلا اذا كان من بيننا شخص من أهل البيت، كانت لدينا حقل للدواجن بالقرب من القرية.
كنا نتناوب على الخروج في دوريات حول المزار، خرجت مجموعة ورأت بأن داعش تدخل الى الجبل، وقد حدث بينهم اشتباك، قتل في الاشتباك ثمانية من داعش، فتشنا جيوبهم واخرجنا هوياتهم، بعضهم كانوا من عشيرة متيوته وأخر من ناحية بليج، كان ذلك بالضبط في منطقة (خرابي تيرا)، كان معهم عرب المنطقة ، لم نستبعد أن يكون بينهم أكراد مسلمين من شنكال، وداعش لم يكن يأخذ أجساد قتلاهم، بل يتركون الجثث في موقع المعركة.
كنا في الوادي، ولم يكن لدينا تغطية لشبكة الموبايل، كان هناك شخص يسمى (سمير شيخ كجو – من شيخ شمسا-) وكان حينها في (زيروة)، من خلاله كنا نتواصل مع الخارج بالموبايل، وأبي كان يخابره وهو كان يأتي إلينا ليخبرنا بما سمع، وبعدها يعود لينقل كلامنا إليهم، وقد أخبرنا بأن أبي أتصل به و أخبره بأن لم تلحقوا الجبل فداعش سوف يسيطر عليها، ويقطع المسافة بين جل ميرا و شرفدين، وقد ذهبنا بسرعة الى بربيرا وأخذنا معنا السلاح و العتاد، وقد نظمنا مناوبة في الجهة الجنوبية، ثلاثة أشخاص من مجموعتي، ثلاثة من مجموعة بركات هادي، وأثنين من مجموعة فارس، أثنين من مجموعة خوركي، وواحد من مجموعة القبة، و بابير كرمز أيضا ذهب معهم، ذهبوا ورجعوا في اليوم التالي قررت أن أذهب أنا معهم، كان عددنا تقريبا 12 مقاتلا، كنا في خربة سوهركي ومن تحت اطلق علينا النار من قبل أحدهم في كلوكى قاري، فقمنا بالرد على النيران، كلفت أحدهم بأن يذهب الى مسافة (200) متر و يطلق النار على داعش ويأتي إلينا لكي يتوهموا بمكان تواجدنا، في الليل أخذنا مناوبة كل ساعة شخصين، ولأن الساعة الرابعة فجرا تعد من الساعات الحساسة، طلبت أن يضعوا مناوبتي في تلك الساعة، بعد ساعات طلب من سلام أن أصحو حيث قال لي بأن هناك رجال يتجهون نحونا، أثنين منهم يصعدون نحونا، قمت بسرعة بأخذ مكاني وجهزت سلاح الـ BKC ووجهته اليهم، وقد رأيت حينها بأنهم 12 شخصا، وأعتقد بأنهم كانوا أكثر من خمسين شخصا، فطلب من سلام أن يقوم بأيقاظ رفاقنا كي نبدأ المعركة، بعدها بدأت بأطلاق أولى الطلقات عليهم، قتلت حينها ثلاثة بالتأكيد منهم، وفجأة جاءتنا الطلقات من الجهة الجنوبية وكذلك من ناحية الذين كنا نطلق عليهم النار، ومن الجهة الغربية أيضا، ومن الشمال كذلك أطلقوا على موقعنا النار، كانوا قد وضعوا دوشكا (12،5 ) ملم فوق الجبل وبالقرب منها رفعوا علمهم، وقد خابرني أبي ليسأل عن الوضع، قلت له بأن الوضع سيء فنحن نتعرض لأطلاق النار من كافة الجهات، ما عدى جهة الشرق، من كل الجهات نستقبل الطلقات، قال ضعوا بعض رجالكم حراسا من الجهة الشرقية، لكي لا يتمكنوا من أخذ الشرق أيضا، وقال أيضا بأنه سوف يحاول أن يجد من يأتون لمساعدتنا والى حينها لا تتركوا موقعكم. أول الواصلين كانوا جماعتنا في (زيروة) جاءوا مع صناديق العتاد والأسلحة، كنا في خربة سهوركي و داعش في خربة تيرا، وهم يتقابلون مع بعض.
قبل الاشتباك معهم، في الصباح جاء شخص أسمه (مام قولو) أعطاني بعض التبغ واوراق السجائر، سألته من هناك في خرابى تيرا، قال بأن فيها جماعة (قوالي جلاكر)، وأنتم في خربة سهوركي، في المساء كنا لاحظنا تحركات في خربة تيرا، لكننا كنا نظن بأنهم جماعتنا، لكن جماعة (قوالي جلا كر)كانوا تركوا الخربة بدون علمنا، وداعش كان يسير الضجة ويرفعون أصواتهم حين يهجمون، يصرخون الله أكبر عدة مرات، بعدها يهاجمون، فعندما يطلقون النار ومعها رأسا يصرخون، حتى حينما كانوا ينتقلون من نقطة الى أخرى كان يطلقون الأذان، وبأتصالات أبي في نفس اليوم جاءت الطائرات، أستمرت المعركة لمدة يومين وثلاثة ليالي، خلالها لم نتمكن حتى من وضع أحذيتنا، وقد أطلقت عليهم خلالها 1200 طلقة BKC ولم تكن طلقات عشوائية، فلا نطلق النار إلا أن نراهم، ووقت الصلاة كانوا يشغلون جهاز مكبر للصوت MP3 فيظن المرء بأنهم بنوا جامعا هناك، بعدها في النهاية جاءت قوات من سري جوي، كذلك قوات (أشتي كوجر، عميد سمي بوصلي، قاسم دربو، بدل خلف، والبعض من هبابا، وقوالى جلا كر من بكرا، خابروني بالتلفون وقالوا بأننا قادمون، عبر خطوط شبكة زين، قالوا أضربوهم من جهة الغرب و نحن سنضربهم من جانبنا، وعندما أقتربوا منا، ضربنا داعش بالأسلحة الرشاشة والدوشكا، كنا حينها قرابة ثلاثين شخصا، فجماعتنا أيضا في الاستراحة كانوا صعدوا يشاركوا معنا، وأقسم لك بأننا قتلنا أكثر من أربعين عنصرا منهم، كان ذلك في نهاية الشهر العاشر، وقبل مجيء القوات لمساعدتنا، شاركت الهيليكوبترات في الحرب ضد داعش، وجماعة من المطار أخبرونا بأن (12) طلقة دوشكا قد اصابت احدى الطائرات للتحالف، وقد تمكنا خلال هذه المعركة من فتح الطريق بيننا وقوات الكوردية على الطرف الأخر من الغرب، وأستولينا على الكثير من الأسلحة من قتلى داعش، كمية جيدة، وعظامهم مازالت موجودة في خرابى تيرا، حيث قامت قوات حزب العمال الكوردستاني بدفن الجنازات.
حينها لم تكن لنا أية منسقية أو تنظيم يقوم بمساعدتنا من خلال الدعم المادي والسلاح، فقررنا حينها الأرتباط مع قوات (أشتي كوجر) ومنذ ذلك الوقت أصبحنا نأخذ أوامرنا منه ومن قبل الحزب الديمقراطي الكوردستاني، وقد وزع علينا بعض الأسلحة.
نحن بعد هذه المعركة أخذنا مواقعنا في (خراب سوهركا و زهمانى موسى)، هاجموا علينا في زهمان بسيارات عديدة، وقبل أن يصلوا بين الأشجار قمنا بأطلاق النار عليهم، وبدءوا الصراخ (الله اكبر ـ الله اكبر) ولم يكن يعلمون من أين تأتيهم الطلقات، فسارعوا في الرجوع، بعدها وضعنا في كل نقطة حرسين و أستمر الوضع هكذا، قاسم ششو كان قد أعطانا بعض الاسلحة والطلقات، فكنا أحيانا نذهب الى مفرق حردان و نطلق النار على داعش و كانوا يردون علينا بالدوشكات، كنا نرجع أدراجنا. من جهة اخرى كانت لدينا مشكلة الأرزاق، وكنا حالة رزالة، داعش كان يسيطر على زورئافا و حردان و كوهبل و بورك و دوهولا، مجموعتنا وضعت سيطرة في مفرق زورئافا، كان المفرق ملغوما، كنا نرى العبوات الناسفة، فأخبرتهم بأن يتركوها في حالها، وأن يحرصوا على عدم لمسها، كانت معنا سيارة، في الحقيقة كنا جائعين و مجبورين على التحرك، وأخرون ذهبوا لوضع السيطرة على مفرق كوهبل، حين وصلت الى (بربير) سمعت أنفجارا قويا هز المنطقة، فقلت بأن العبوات قد أنفجرت على جماعتي، بعدها صعدنا السيارة و توجهنا الى موقع الأنفجار، وسألنا قواتنا القريبة عن مكان وقوع الانفجار فقالوا بأنهم جماعة سردرى في كوهبل، شيخ خدر و شهباز الأثنين كانوا ضحية انفجار العبوة، كانوا قد حملوا السيارة بالطحين و مرت على اللغم الأرضي، أنفجرت السيارة و تطاير الطحين كله و قتل الأثنين.
أخ شهباز وأنا ذهبنا بالقرب منهم، ولو تقدمنا بالسيارة أكثر لأنفجرت عبوة أخرى بسيارتنا، لذلك جلبنا الجثث بوضعهم بين البطانيات، كان ذلك يوم 28 تشرين الثاني، إلا أن قصة تأمين الأرزاق الأساسية وخاصة مادة الطحين أستمرت وكانت صعبة للغاية، حتى تمكنا من جلب ماكنة للطحن، كان لدينا القمح، لكن الماكينة كانت لم تكن طاحونة طحين، في الحقيقة كانت ماكينة لتحضير غذاء الدجاج، فكنا نستخدمها عدت مرات ليصبح لدينا شي يشبه الطحين، وقد تدبرنا أمرنا بهذه الطريقة وبقينا لفترة مرتاحين، حينها حلت أيام الصيام، ذهبت الى قوات الأسايش و جلبت بعض الطحينية ومثلثات الجبن، كانت الكمية قليلة لم تكفي الجميع. كذلك أستلمنا أجهزة لاسليكة من نوع موتورولا، وكانت لدينا شفرة وهي (أستعدو) وهي تعني أن نهاجم، كانت لدينا مولدات صغيرة تعمل على البنزين فكنا نقوم بشحن الأجهزة اللاسكلية، ومن خلال هذه الأجهزة كنا نسمع تقدم البيشمركة في بعض القرى من الجهة الأخرى ناحية السد، ليلتنا الأخيرة كانت ليلة العيد، أشتي كوجر طلب من قواتنا أن تنزل المحور لكي يتقدموا في المناطق الخاضعة لسيطرة داعش، وقد تقدمنا الى مفرق حردان، بالقرب من باخليفة كان في انتظارنا قاسم ششو في مدخل كلى بير، ومن هناك صعدنا بالسيارات بعضها سيارات عسكرية والبعض الأخر سيارات مدنية، بواستطها وصلنا الى شرق باخليفة، من حقل مراد قاسم تم ضربنا من قبل داعش فجأة بالدوشكا، الجماعة أخذت مواقعها بسرعة، أشتي كوجر طلب منا ان نتقدم عبر قايش حتى وصلنا الى ما يشبه تلة فوق مفرق حردان، في الساعة الثالثة و النصف من أخر أيام صيام اليزيدية، حينها جاء الأمر بالهجوم عبر الكلمة المشفرة (أستعدو) أعطتنا الجماعة ما يشبه حقيبة ظهر، على اشارة ضرب، وضعناها على ظهرنا وهي كانت حقيبة تعقب الطائرات، وحين وضعناها أرتفعت فوق رأسنا طائرتين، اذا هاجم رجل واحد من داعش كانوا يضربونه بالنترة الكهربائية، واذا تقدموا بالسيارات كانت تقصفهم بالصواريخ، لم تدع شيئا يقترب منا، في الساعة السادسة شربنا القهوة وكنا حوالي 25 شخصا، جاءتنا قوات كثيرة. وطلبت الجماعة أن نذهب معا الى شرفدين وكان عندنا فازل ميراني والعديد من قادة الحزب الديمقراطي الكوردستاني، الطريق كانت ملغمة بعبوات، فتقدم فرق ازالة الألغام وفتحت الطريق، فاضل ميراني بقى في شرفدين، القادة العسكريين تقدموا و ذهبوا أبعد، بعدها بأيام وصل رئيس اقليم كوردستان مسعود بارزاني، وسيطرنا على تلك المنطقة الى الآن، اليوم أعطوني سرية مؤلفة من 65 شخصا وأنا أمر سرية، نمتلك العديد من الأسلحة الخفيفة والثقيلة.
حربنا في باخليفة، كانت قوات حزب العمال تتحرك ولم تكن تثق بأحد منا، ولم يكونوا يعطوننا العلم بتحركاتها، كانوا يأخذونا شخصا من القرية أسمه (جلال قوتو)، ليدلهم على الطريق، أرادوا التسلل وضرب داعش في حردان، قوات داعش كانت محاطة بالألغام، وأثناء التسلل أنفجرت عبوة الى جانب قاذفة RBG وقتل أثنين منهم، بواسطة الهمرات تقدمت قوات داعش و الجثتين بقيت في أيديهم، بعدها جاءوا إلينا و طلبوا أن نساعدهم في أخراج الجثتين، وذهبنا معا كانت الساعة تقريبا التاسعة صباحا، بقينا هناك حتى الثالثة ظهرا ولم يكن هناك أي مجال لتخلية الجثث، أحد رفاقنا كان يرتدي قميصا أبيضا، فقام مرة وكشف نقطة تواجدنا، فبدأ الضرب بالقناصات علينا، ولم يعطوا المجال ليرفع أحد رأسه، القناصات و الدوشكا كانت تمطرنا بالطلقات.
تُتاح هذه الصورة أيضا في: العربية
