مقاتلو جبل شنكال في أيام المحن….(14)
الباحث/ داود مراد ختاري
كيف فتح الطريق ؟
ذهبت مع بعض الأصدقاء الى النقطة المشتركة غرب خانصور وبقينا في تلك النقطة مساء يوم ٢ / ٨ / ٢٠١٤الى الساعة الرابعة فجراً من يوم ٣ / ٨ / ٢٠١٤ وبقت فيها قوات البيشمركة والشرطة وبيشمركة اللجنة المحلية في خانصور، كانت الاخبار تأكد بسحق الدواعش في (سيباشيخدر و كرزرك) وقالوا ستقف المعارك هناك مع الفجر كما حدثت مرات سابقة بعد المناوشات وتوقفت بعد ساعات …
أيقظوني اهلي في الساعة العاشرة قائلين لي : انهض …انهض!!!! لقد غزت داعش شنكال هذا ما تحدث لنا المقاتل (جلال مطو) الذي جاء من المانيا قبل الكارثة بأيام.
قلت لهم : اذهبوا وسابقى هنا الى ان اموت ولن اترك شنكال
توسلوا بي ولكنني رفضت وبقينا هكذا الى الساعة الحادية عشر وترجل الجميع من السيارات وقالوا سنبقى جميعاً ان لم تأت.
خرجت معهم بقلبٍ حزين لان الرعب قد سيطر على الشوارع
توجهنا نحو أقليم كوردستان وفي الطريق حاولت لمرات عديدة الترجل من السيارة لكنهم منعوني .
وصلنا الى مجمع (شاريا) بعد مغيب الشمس وبقيت ساهراً الى الصباح أحاول إقناع نفسي بأن ما يحدث حلم سيزول بحلول الصباح وأبكِي احيانا، والناس على الارصفة والشوارع والجميع دون مأوى وما أصعب ان يعيش الإنسان هكذا، فخرجت صباحاً ولا أدري الى أين ؟!
اتصلت بصديقي (سعدون) من أهل مجمع (تل قصب) الذي يرافق أحد أقرباءه في مستشفى دهوك منذ أيام، وأبلغته بأني ذاهب الى جبل شنكال لمقاتلة العدو، فرد قائلاً: انتظرني سآتي معك.
لم أكن أمتلك مبلغاً من المال حينها، فأخذت مائة الف دينار من أحد الأقرباء، وتوجهنا (انا،سعدون –ابن أخي-،رياض وخاله – ابو عزت -) الى جبل شنكال.
لم يسمح لنا بعبور نقطة البيشمركة في قرية المحمودية القريبة من ناحية (ربيعة) مما اضطرنا للرجوع والذهاب من سوريا، ومنعنا في نقطة اليبكة من العبور أيضاً ولكنهم سمحوا لنا بعد ذلك عندما قلنا لهم بأننا سنذهب لجلب عوائلنا.
في المساء وصلنا الى اخر نقطة لليبكة والقريبة من الحدود العراقية ( النقطة التي كانت يتجمع فيها القادمون من الجبل بعد فك الحصار ) ومنعونا من عبور الحدود، فبقينا هناك في تلك الليلة وانضم إلينا بعد ذلك أربع أشخاص من مجمع (كوهبل) وبسيارتين ( بي ام و جيب (
في الصباح توجهنا جميعاً الى مخفر (سيدو كلي) ومن هناك وجدت بأن اليتان نوع ( شفل – حفارة) ستذهبان لعمل تحصينات ترابية لنقاط اليبكة على التلال بين مجمع دوكري (حطين) والشارع الحدودي، ركبت سيارة (الشفل) وعملنا تلك النقاط الا ان اقتربنا من مجمع (دوكري) وكلما كنا نعمل نقطة تأتي مجموعة من اليبكة الى تلك النقطة ونتوجه نحن الى مكان اخر لعمل نقطة مماثلة وعندما حل الليل بقينا في اخر نقطة الى الصباح …
في صباح اليوم التالي ( ٦ / ٨ / ٢٠١٤) أخبرت أصدقائي يجب ان نذهب الى الجبل، قالوا لنا اليبكة يجب ان تصبروا أكثر لنجد طريقاً آمناً ونذهب بقوة كبيرة ونقطع الطريق في مكان ما، لكننا أصرينا على موقفنا وذهبنا بسياراتنا الثلاثة ودخلنا المجمع قاطعين الساتر الترابي من خلال فتحة وسرنا من الطريق الرئيسي داخل المجمع الا ان وصلنا (مفرق دوكري الشرقي)
وقطعنا الطريق حين وصولنا الى المفرق واتصلنا بقائد اليبكة الذي كنا عنده طوال اليومين الماضيين فوصل الينا مع مجموعته بعد ( ١٥ دقيقة ) وانضموا الينا فتوزعنا على شكل نقاط داخل الهياكل وحينها جاءنا شخصان من أهل دوكري كانا محاصرين في المجمع وبقيا معنا .
هاجم الدواعش على نقاطنا بكثافة من سنوني في عصر ذلك اليوم لكننا كنا محصنين وتمكنا من قتل بعض منهم، من تبقى منهم لاذ بالفرار باتجاه سنوني بعد ساعات من المعارك… اتفقنا (أنا وأبو عزت) ان نذهب من الطريق المبلط في مفرق بورك الى مزار شرفدين، لكن بعد الاتصالات أخبرونا بأن مفرق ( بورك – مزار شرفدين ) مفخخ منذ اليوم الاول، ولكننا أصرينا على الذهاب.
لم نرَ ولم نسمع اي شي طوال الطريق بين دوكري والمزار وقبل ان نصل الى المزار أبلغناهم بأننا قادمون كي لا يطلقون النار علينا.
في تلك الليلة بقيت في الجبل وكنت اشعر بالخوف فعلاً لأنني وجدت في وجوه بعض القادة عدم الترحيب وكأنهم كانوا ينتظرون جهة معينة او يقومون هم بفتح ذلك الطريق، وقال أحدهم نحن سنفتح الطريق ولا نريد ان يتدخل أحد.
كان (سربست بابيري) متواجداً في المزار في تلك الليلة، وقد اتى الى الجبل من بعدنا مع بعض البيشمركة في نفس اليوم من الطريق الترابي بين دوكري ودهلى ثم اديكا .
في الصباح قلنا للمحاصرين سننزل ومن يرغب بالنزول فلنذهب سوية، لكنهم قالوا بأن قادة الجبل منعونا من النزول خشية على سلامتنا، وانهم في الوقت المناسب سيفتحون الطريق، ولكن عند نزولنا انضم الينا الكثيرين وعندما وصلنا الى مفرق دوكري كانت السيارات لا تزال تأتي من الجبل ودون أية حماية على الطريق، توجهنا الى الحدود السورية وهناك تم إعطاء الماء والطعام للجميع من قبل اليبكة وكذلك قرية عربية ضمن حدود سوريا ساعدت الناس كثيرا عند مرورهم منها ….
في المساء لم يبق احد سواي مع اليبكة، وفي الصباح ذهبت معهم الى مفرق دوكري الشرقي وبقيت معهم في تلك الليلة…
و ذهبت من هناك مشياً الى الجبل في ٩ / ٨ / ٢٠١٤ واتصلت بالكثير ممن كنت أعرفهم بأن الطريق آمن للنزول.
بدأ الناس بالنزول من خلف قاعة بارزان والى الطريق بين دوكري ودهلى وكان يرافقهم مقاتلي ومقاتلات اليبكة طوال الطريق بين الجبل والى داخل سوريا وكانت هناك نقطة للبيشمركة على الشارع العام شرق دوكري وبجانب الطريق الترابي الذي ينزل منه المحاصرين فتساعدهم …
قوات الدواعش كانت قريبة واليبكة تحمي النازحين من الجبل بأسلحتهم البسيطة والقليلة.
بعد انتهاء إجلاء المحاصرين، صعدت الى الجبل وبعد أيام انضم الينا المقاتل ” ايزدو ابراهيم ” والذي استشهد فيما بعد، وهاجمنا الدواعش مرات عديدة ….
في احدى الهجمات على الدواعش، لم يتمكن المقاتلون الصمود نتيجة العطش، ومات أحدهم ضمآناً ولكن الدواعش لم يستطيعوا التقدم نحونا فانسحبوا.
كانت هناك مجموعة من طاعني السن والمعاقين قرب صولاغ عند (مضخة البير) ويرويهم (ايزدو ابراهيم) بواسطة هذه المضخة.
صعدنا الى الجبل وشكلنا ثلاث نقاط على شكل مثلت حول ( گلي ) وكانت هناك العديد من السيارات مركونة فيه .
ذات يوم تقدمت قوة للدواعش بعشرة عجلات وبمجموعتين، انتظرناهم لحين توقفت المجموعة الاولى تماماً، بينما كانت المجموعة الاخرى لا تزال بعيدة، فأطلقنا النارعليهم وقتلنا منهم، ولشدة حماس الشهيد (ايزدو ابراهيم) كان يصوب ببندقيته نحوهم وهو واقف وقتل لوحده اكثر من ( ٨ ) دواعش ولكن قبل انسحاب الدواعش بوقت قصير أصيب بطلقتين في رأسه وسقى الجبل بدمه…
وحينما قتلت اول داعشي في احدى المعارك جنوب الجبل شعرت بالسعادة الحقيقية وأحسست باني قدمت خدمة الى دم الشهداء والثأر من اجلهم .
اني كشخص ترعرعت في احضان الديانة الايزيدية التي تدعوا الى التسامح وفعل الخير وتقديم المساعدة الى البشرية دون تميز، وكذلك تواجدي في المانيا وقوانينها لا تسمح لأحد بالتجاوز على الاخرين ولو بكلمة، لكن نتيجة أفعال هؤلاء الوحوش البرابرة أدركت أن مقاتلتهم واجب مقدس .
ملاحظة: لقد سجل السيد (حسن سعيد) مقابلة معه سابقاً، واني اجريت مقابلة أخرى معه.
تُتاح هذه الصورة أيضا في: العربية