( أنا صاحب هذي البلاد كلها ، حتى الشمس ملكي )
من مجموعتي القصصية (شنكال .. بازار الموت )
سردار حجي مغسو
القصة رقم … ( 5 )
كان يمشي حافياً .. بالكاد رجلاهُ ترفعانهُ من على الأرض الجرداء
يواجه المسير بطريق الموت ،و شمس يتساوى فيها اﻻبيض و اﻻسمر …
شمسٌ يتمت في كنفها اﻻلوان ، كل شي داكن تحت أجنحة اللهب و عواصف اﻻتربة الساخنة
كهل ,
كان يحمل جبل الوجعِ على كتفيه ِ
استوقفتهُ بجانب الطريق
لما أنت حافي القدمين يا عم؟
رفع حاجبهُ ببطء
و قال الأرض جاعت يا بُني فالتهمت حذائي ,
ثم أصابتهُ قشعريرة فانتفض جل جسده المنهك
لدرجة تقاطر على قميصي بضع من عرقهِ المتصبب من خصلات شعره و جبهته المليئة بأودية الزمن السحيق التي شقت وجهه …
وشرعتُ بالسؤال
من أنت ؟
قال مستغربا _
ألا تعرفني ؟
– : كلا
ثم تنهد قليلاً و اخذ أنفاساً عميقة جداً
قلتُ في قرارة نفسي :
ااااه .. كم من الوجع تخفي يا رجل !!
و استجمع كامل قواه , و أزال عن حبال صوتهِ قمصان البكاء
قال و هو يلوح بيده
أنا .. أنا صاحب هذي البلاد كلها ، كلها
ملك الملوك !
سيد هذه القصور !
السماء لي !
و الأرض لي
! حتى الشمس ملكي
و تمتم بعبارات غير مفهومة بينه و بين نفسه
” المسكين شُــلّ دمـاغُـــهُ بعد هذه الأحداث… “
سأجلب لك حذاء يا عم ،
كي لا تتسخ قدميك ، انتظرني
قاطع حديثي ..
كلا ما عدت بحاجة إليه
احتفظ بهِ لنفسك كي لا يتسخ بقذارة هذه الأرض..
مشى الشيخ خطوات …
و سار من أمامي الشيب بكبرياء و شموخ على خطى رزينة
ومضى إلى حيث لا يدري و حيث القدر وحده عليم بما ستؤول إليه
و حكمة الحياة ترفهت عن المدنس من الناس .
و ﻻذت إلى الطبيعة المتصرفة بمقياس
.
تُتاح هذه الصورة أيضا في: العربية