التُقْيـــة الدينية و اللعبة السياسية في العراق
منذ سقوط النظام وتأسيس دولة العراق الفدرالي الى يومنا هذاعـقـد عشرات الأتفاقيات السياسية الرسمية ما بين حكومة أقليم كوردستان والحكومة المركزية وفي جميع تلك الاتفاقيات كان سمة التنصل وعدم تطبيق بنود الاتفاق من جانب الحكومة المركزية هي الصفة الاساسية لكل تلك الاتفاقيات…
وهذا ما خلق جوا من عدم الثقة سواء ما بين السياسين أنفسهم أو ما بين السياسيين والمواطنين أذ انها تسببت في اتهام الشارع الكوردي لساستها بقلة الخبرة السياسية واتهامهم بسهولة الأنجرار الى الوعود السياسية (الكاذبة) التي تطلقها الطرف الآخر،
كثيرة هي الاتفاقيات التي تنصل من تطبيقها الحكومة المركزية أذ تأتي في مقدمتها عدم تطبيق مادة (140) الدستورية وخمس اتفاقيات في مجال تصدير النفط التي لم تنفذ منذ عهد المالكي الى يومنا هذا أضف الى ذلك الأتفاقيات النفطية الاخيرة ما بين الاقليم والمركزوالمرتبطة بموازنة العامة للأقليم
ونرى ذلك جليا مع كل دورة انتخابية أذ يأتي الساسة العراقيون من المركز الى الاقليم للتفاوض بشأن تشكيل الحكومة العراقية ويعطون من الوعود والعهود ما لا يحصى ومن الكلام الجميل والمعسول يعجز الشعراء عن الأتيان بها والجميع يتذكر اتفاقية اربيل ذات التسع عشر نقطة والتي أبصم عليها المالكي بأصابعه العشرة لتشكيل حكومته في وقتها وبمجرد ان حصل على مبتغاه تنصل منها و لم تنفذ اية نقطة منها !!!
ربما يتساءل البعض كيف يحدث ذلك أذ ليس من المعقول أن يلدغ مؤمن من ذات الجحر مرتين
بأعتقادي ان السبب في ذلك هو اعتماد السياسيين (العرب) في كل ذلك على لعبتهم المعهودة منذ قديم الزمان وهي تسخير الدين لأهدافهم القومية ، والأعتماد على مبدأ ( التقيه ) الذي كان يتبع في العهد الاسلامي نموذجا لذلك ،
والتقية هي اتخاذ المسلم الحيطة والحذر من الخطر كما جاء في الآية الكريمة (ألا أن تتقوا منهم بالتقية ) ، وهذا المبدأ كما هو معلوم يسمح أو يعطي الرخصة للشخص المسلم !! ان يجتنب قول الحقيقة امام غير المؤمن وخير مثال على ذلك موقف الصحابي ( عمار بن ياسر ) مع كفار قريش وكلنا نعرف تفاصيلها….
والتقيه موجودة في المذهبين السني والشيعي ولكن توسع الشيعة في أستخدامها وأعتبروها من أساسيات الدين على أن تستخدم في حالات معينة لا كما نراها اليوم وقد حرفوا المقصود منها اذ أن التيقة جاءت في الاسلام للنهي عن كل فعل أو قول يؤدي إلى إراقة الدماء أو تشويه المعتقد وهدمه أو إيجاد الفرقة والخلاف بينك وبين أخيك الإنسان بأن تتقي كل ما يؤدي إلى الاختلاف والتنازع بينك وبين من يختلف معك في المعتقد أو الجنس والعيش معه بسلام ما دام هو لم يعتد عليك. لكن الفكر الشوفيني عند الجاهل شوه هذه العقيدة الإسلامية بما يحمله من جهل وعصبية وحقد لخدمة اهدافه السياسية والحاق الضرر بأخيه المسلم…
وهنا علينا أن ننتبه لأمرين أولهما هل السياسيون (العراقيون) يعتبروننا كفارا كي يعتمدوا على هذا المبدأ في اتفاقياتهم السياسية معنا وفي اكثر من مرة؟؟؟ والكل يعلم ان في أقليم كوردستان وبمساحتها الصغيرة اكثر من خمسة آلآف جامع وفيها مئات المراقد الدينية للأئمة المقدسين لدى كافة المسلمين ؟؟؟
الأمر الثاني هو اذا كان هؤلاء يعتمدون على هذا المبدأ وفي اكثر من مرة كما اسلفت ، أذا هناك شيء يعتمدون عليه كأن تكون هناك فتوى دينية (سرية ) خاصة بتكفير من يخالقهم في الرأي ، وألا كيف يطبقون المبدأ دون خوف أو نهي العمل من قبل المرجعيات الدينية السنية والشيعية ؟؟؟
لذا علينا وأقصد سياسيينا ان ينتبهوا الى ذلك ومن باب أولى أن يتبع سياسيونا ذات المنهج وان يعطوهم الوعود كما يشاؤون لأن الدين اذا كان يسمح لهم بذلك فبالتأكيد سيسمح لنا أيضا وذلك حفاظا على المصلحة العامة ودرء شر الكفار وهو السبب الذي جاء من اجله هذا المبدأ أو هذه الرخصة الدينية .
تُتاح هذه الصورة أيضا في: العربية