لا يمكن إغفال الإنجاز التاريخي الذي حققه حزب الشعوب الديمقراطي المؤيد للأكراد، في الانتخابات التشريعية التركية، والذي يسمح له بتمثيل سياسي في البرلمان وممارسة التشريع، ما قد يداعب حلم الأكراد في بلاد الأناضول بتحقيق حكم ذاتي مستقل.
وتبرز أهمية المقاعد الـ79 التي حصدها حزب الشعوب في البرلمان، بتمكين أعضاء الحزب الأكراد والمؤيدين لقضيتهم من المشاركة في امتلاك ثقل يفاوض بقوة من أجل استكمال عملية السلام لحل قضيتهم.
وتلك الخطوة تفتح المجال لاحقا أمام الأكراد في إيران وسوريا، للتحرك في سبيل البحث عن تجربة مماثلة تقترب بهم نحو تمثيل دولي للقضية، ما قد يفضي إلى اعتراف صريح بوجودهم ككيان مستقل بمساعدة القرب الجغرافي، خاصة مع تمتع أكراد العراق بمنطقة حكم ذاتي.
ففي سوريا يملك “حزب الاتحاد الديمقراطي” المقرب من حزب العمال الكردستاني، جناحا مسلحا باسم وحدات الحماية الشعبية، طالما نفى ارتباطه بهم، ويواجه انتقادات شديدة من قبل المجلس الوطني الكردي الذي يضم أحزاب عريقة كردية سورية، حيث يتهمونه بالتفرد و تشكيل إدارة ذاتية مع أحزاب أخرى شكلية تابعة له.
ووصل الحزب مع الحكومة السورية لعدة تفاهمات قضت إحداها بتشكيل جناح عسكري، بالإضافة إلى أعضاء مستقلين في البرلمان السوري، ولكن في ظل الأزمة السورية تعقدت الصورة أكثر بخصوص صناعة القرار وتركت الكلمة الأخيرة للميدان.
وضع معقد في إيران
أما في إيران فإن الأكراد يتواجدون في مناطق متفرقة وهي مدينة مهاباد وكرمانشاه، بالإضافة إلى محافظة باسم كردستان، وتعرضوا عبر السنين للاضطهاد لاسيما من قبل المرشد الراحل روح الله الخميني في خواتيم السبعينات من القرن الماضي.
وقام الخميني بمنعهم من المشاركة في كتابة الدستور، باعتبار أن غالبية أكراد إيران من السنة، ورغم ظهور صراع مسلح بين الأكراد والحكومة الإيرانية في تلك الفترة، إلا أنها تمخضت عن اعتقال وإعدام كثير من الأكراد، ما دفع أحزابهم السياسية للانضمام للصفوف العراقية أثناء حرب الخليج الأولى، بعد تمركزهم في العراق.
وقال الصحفي دلشاد ملا لسكاي نيوز عربية إن “الدكتاتورية والقمع في إيران، بالإضافة إلى التعتيم الإعلامي سيجعل من الصعب أن يقدم الأكراد أي نشاط مدني”.
وأضاف ملا أن “أي عصيان مدني للأكراد في إيران سيدفعون ضريبته حتما، وأي تحرك ضد النظام الإيراني، من أي مكون كان سيكون بمثابة كبش الفداء”.
وعن الطريقة الوحيدة التي قد تفتح المجال للأكراد بالمشاركة السياسية في إيران، أكد ملا أنها تتمثل في “انهيار النظام الإيراني”.
من جهة أخرى ربما يترك حصول الأكراد على تمثيل سياسي في أي دولة، أثرا سلبيا على طموح الدولة الكردية المستقلة، عبر الاكتفاء بذلك التمثيل.
ويرى الملا أن “وصول حزب الشعوب الديمقراطي إلى البرلمان التركي، قد يبعد أحلام الدولة الكردية، لأن الحزب لا يملك أي مشروع كردي”.
موضحا أن “الوصول لصناعة القرار يؤمن الهدوء والاستقرار السياسي والاجتماعي، بالتالي قد يطمح الأكراد بتشكيل ائتلاف مع أحزاب أخرى والترشح لانتخابات له فيها حصة كبيرة قد تنافس الأحزاب الحاكمة، وترك تكوين الدولة إلى وقت آخر، بعد الوصول إلى مرحلة النضج السياسي المطلوب”.
تُتاح هذه الصورة أيضا في: العربية