كركوك تردُّ على بغداد: لا نريد الحشد الشعبي
باسنيوز | مصطفى محمد: أعرب سياسيون وإعلاميون بمختلف قومياتهم في محافظة كركوك،260 كم شمال بغداد، عن رفضهم تشكيل قوات “الحشد الشعبي” في محافظتهم، ووصفوه بـ “كلمة حق يراد بها باطل”، فيما فضّل آخرون إستبدال قوات الحشد بتطويع مقاتلين من أبناء العشائر العربية بالمدينة يتم تدريبهم وزجهم لمساندة البيشمركة.
وكان مستشار الأمن الوطني العراقي فالح الفياض أعلن خلال زيارة الاسبوع الماضي لمحافظة كركوك عن الإتفاق مع إدارة المحافظة على تشكيل قوات من الحشد الشعبي لمساندة قوات البيشمركة للدفاع عن مناطق جنوب غربي كركوك التي ما يزال يسيطر عليها تنظيم “داعش”، جاء ذلك في مؤتمر صحفي عقده الفياض رفقة محافظ كركوك نجم الدين كريم.
عن ذلك، يقول المحلل السياسي علي غدير في تصريح لوكالة (باسنيوز) إن “كركوك لا تحتاج إلى تشكيل أية قوة أمنية أو عسكرية إضافية لأنها تتمتع بواقع أمني مستقر نسبياً بفضل القوات الكوردية التي مسكت زمام المدينة منذ يوم 9 نيسان 2003 حتى يومنا هذا، بغض النظر عن الخروقات الأمنية التي حدثت بين حين وآخر”.
وأضاف أن “ما تسمى قوات الحشد الشعبي ليست سوى كلمة حق يراد بها باطل، فقد انضوت تحت مظلتها الكثير من الميليشيات التي كانت في الأمس القريب تعيث في البلد فساداً وبالعباد قتالاً وتهجيراً”، لافتاً الى انه “إذا ما سمحنا بتشكيل هذه القوات في مدينة كركوك فإن ذلك سيؤثر سلباً على الوضع الأمني للمحافظة”.
من جهته، يقول الإعلامي محمد خضر شنگالي لوكالة (باسنيوز) إن “تشكيل قوات الحشد الشعبي في كركوك سيخلق مشاكل وأزمات نحن في غنى عنها”، مؤكداً أنه “منذ سقوط مدينة الموصل مطلع شهر حزيران من العام 2014 وقوات البيشمركة وحدها تحمي كركوك ولم تحدث أية مشكلة قومية بين أهالي المدينة يمكن الوقوف عليها”.
ويقترح شنگالي بأن تشكل بعض العشائر العربية مثل العبيد والجبور قوات من أبنائها لتحرير مناطقهم كالحويجة مثلاً، مبيناً “وهذا أفضل بكثير من مشروع الحشد الشعبي”، مبينا بالقول “أهل مكة أدرى بشعابها”.
بدوره، يشترط عضو مجلس محافظة كركوك عن الحزب الديمقراطي الكوردستاني محمد كمال أن “لا يرتبط الحشد الشعبي بجهاز ميليشياوي تابع لجهة واحدة لأن ذلك سيخلق مشاكل كثيرة، وإنما يكون إرتباطه بجهاز أمني منظم أو تحت لواء عسكري معين”.
وشدد كمال في تصريحه لوكالة (باسنيوز) على “ضرورة دعم الحكومة العراقية لقوات البيشمركة لأنها أبقت كركوك بعيدة تماماً عمّا حدث في الأنبار وديالى وصلاح الدين”.
وبشأن إمكانية تقدم قوات البيشمركة صوب قضاء الحويجة وتطهيره من “داعش” قال كمال “لا أظنها ستتقدم في الوقت الحالي لحين تحرير مدينتي الموصل وتكريت بالكامل، بعد ذلك سيكون بإمكان البيشمركة تحرير الحويجة والنواحي التابعة لها”.
وفي السياق ذاته، وصف عضو مجلس محافظة كركوك عن المكون التركماني تحسين كهية زيارة مستشار الأمن الوطني إلى كركوك بـ “الموفقة”، بغض النظر عن موضوع الحشد الشعبي.
وقال كهية في تصريح لوكالة (باسنيوز) إن “التنسيق بين الحكومة المركزية وإدارة كركوك في ظل الأزمة الأمنية القائمة أمر ضروري جداً”، مستدركاً بالقول “بعيداً عن القراءات الإيجابية والسلبية التي يمكن أن تحدث إذا ما تشكل الحشد الشعبي فإن أغلب الشباب بمناطق جنوبي كركوك في قضاء داقوق مثلاً، مستعدون للإنخراط في صفوف الحشد ومحاربة مسلحي داعش”.
في حين، أثنى (اللقاء العربي المشترك) الذي يضم عدداً من ممثلي المكون العربي في كركوك على صمود قوات البيشمركة ودفاعهم عن المدينة، مؤكدين أن “لكركوك وضعاً خاصاً لتنوعها العرقي وأسلوباً مميزاً بالعمل فيها بسبب تلك الخصوصية”.
وأشار اللقاء العربي المشترك في بيان صدر عنه بعد زيارة مستشار الأمن الوطني فالح الفياض لمدينة كركوك، وتلقت وكالة (باسنيوز) نسخة منه، إلى أن “المكون العربي بحاجة إلى تسجيل موقف وطني من خلال سعيه للمشاركة مع قوات البيشمركة في عملية الدفاع عن محافظة كركوك وتحرير أراضيها من قبضة الإرهاب”.
وشدد عرب المدينة في بيانهم بالقول “يجب أن نقف مع إخواننا الكورد والتركمان متكاتفين، وأن يكون لنا وجود على الساتر الدفاعي لكركوك مكوَناً من مقاتلي العشائر المتطوعين وكذلك عناصر الشرطة”.
وإختتم البيان بالدعوة إلى أن “يُرسَل جميع المتطوعين من أبناء العشائر العربية للمعايشة مع القوات التي تحمي كركوك في الساتر الأمامي لأجل تسجيل الموقف التاريخي وضمان حقوق العرب في كركوك بعد هذه المرحلة”.
وتقع مناطق جنوب غربي محافظة كركوك تحت سيطرة تنظيم “داعش” منذ شهر حزيران الماضي، وتضم هذه المناطق قضاء الحويجة والنواحي التابعة له وهي (الزاب – العباسي – الرياض – الرشاد)، كما يسيطر المسلحون على بعض القرى التابعة لقضاء داقوق جنوبي المحافظة، فيما تفرض قوات البيشمركة الكوردية سيطرتها بشكل كامل على المناطق الأخرى من مدينة كركوك.
يشار إلى أن محافظ كركوك نجم الدين كريم كشف في وقت سابق أن 80% من مساحة المحافظة هي تحت سيطرة الحكومة المحلية والقوات الأمنية، مطالباً في الوقت ذاته وزارة الدفاع بدعم وإسناد قوات البيشمركة وزيادة تحصيناتها وتقوية خطوطها الدفاعية.
ويقطن في محافظة كركوك خليط من الكرد والعرب والتركمان والكلدواشوريين وأقليات اخرى، وتعتبر من المناطق المتنازع عليها بين حكومتي بغداد وأربيل.
وتنص المادة 140 من الدستور العراقي على حل مشكلة كركوك على ثلاث مراحل تبدأ بالتطبيع والاحصاء وتنتهي بحق تقرير المصير، لكن المسؤولين الكرد يقولون ان المرحلة الاولى لم تكتمل بعد بسبب تعمد بغداد بذلك.
تُتاح هذه الصورة أيضا في: العربية