أغسطس 17, 2025

Lalish Media Network

صحيفة إلكترونية يومية تصدر باشراف الهيئة العليا لمركز لالش الثقافي والاجتماعي في دهوك - كوردستان العراق

زيدو باعدري: الديمقراطي الكوردستاني في ذكرى تأسيسه الـ 79

الديمقراطي الكوردستاني في ذكرى تأسيسه الـ 79

زيدو باعدري

عندما نتأمل في التاريخ القريب للشرق الأوسط، نجد أنه كان مسرحًا لسلسلة من الأحداث الكبرى التي غيّرت مصائر الشعوب ، منها الحربين العالميين الأولى والثانية، الحرب العراقية – الإيرانية، حرب الكويت، اجتياح داعش، وأحداث أخرى كثيرة.

كل هذه العواصف تركت آثارًا عميقة على شعوب المنطقة وبضمنها شعب كوردستان، سواء في الجزء الملحق قسرًا بالعراق أو في سوريا او تركيا وإيران.

ولكل فعل رد فعل، ولكل حدث أسبابه المباشرة وغير المباشرة. وفي العراق، كان تهميش الشعب الكوردستاني وتجاهل حقوقه القومية أبرز هذه الأسباب ، منذ تأسيس الدولة العراقية ، وفرض سلطة مركزية غريبة عن المكوّن الكوردي. هذا التهميش المستمر ولّد ردود فعل قوية، فانتفض كثير من أبناء كوردستان ضد الظلم المتواصل.

لكن عند البارزانيين كان الموقف أكثر رسوخًا وتميزًا؛ فقد ورثوا عن جدهم قيم العدالة والإنسانية وحقوق المرأة والطفل والمكونات ، بل حتى حقوق الطبيعة وحماية البيئة من نباتات وحيوانات. وما زال أهالي بارزان حتى اليوم متمسكين بهذه المبادئ ويفتخرون بها.

من هذه القيم انطلقت ثورة بارزان الأولى والثانية، وكانتا اللبنة الأولى لتأسيس حزب عريق يلبي متطلبات العصر ويناضل لرفع الظلم عن شعب كوردستان بمختلف مكوناته. ومن هنا جاء ميلاد الحزب الديمقراطي الكوردستاني في 16 آب 1946، ليكون صوت المظلومين ودرع المستضعفين.

ويمثل تأسيس الحزب الديمقراطي الكوردستاني خطوة حاسمة في تاريخ الشعب الكوردي، حيث ساهم في تحقيق العديد من المكاسب السياسية والوطنية، ولا يزال يلعب دوراً محورياً في بناء مستقبل أفضل لإقليم كوردستان والعراق والمنطقة.

مسيرة نضال وتضحيات

ومنذ ذلك اليوم التاريخي وحتى اليوم، ارتوى تراب كوردستان بدماء الآلاف من الشهداء الأبرار الذين بذلوا أرواحهم في سبيل الحرية، ووقف إلى جانبهم المناضلون القدامى الذين حملوا راية الكفاح في أصعب الظروف، والسجناء السياسيون الذين قضوا سنوات عمرهم خلف القضبان، والمفصولون السياسيون الذين دفعوا ثمن مواقفهم المشرفة. هذه التضحيات هي التي أرست أسس الصمود والاستمرار.

مقاومة سياسات التهميش وطمس الهوية

خاض الحزب معارك شرسة ضد سياسات التعريب والتهجير القسري التي استهدفت هوية الأرض والإنسان في كوردستان، وتمكن بفضل وعي جماهيري وتنظيم متماسك من الحفاظ على خصوصية كوردستان، والدفاع عن حقوق أهلها في وجه محاولات الطمس والإلغاء.

وكونه حزب قومي ، لم يقتصر دوره على إقليم كوردستان، بل امتد ليشمل الدفاع عن حقوق الكورد في المنطقة، والعمل على تعزيز حقوقهم القومية والوطنية ، عبر الأساليب الديمقراطية.

كما ساهم الحزب في بناء أسس الديمقراطية في العراق ككل ، وتعزيز قيم التسامح والتعايش السلمي بين مختلف المكونات.

علاقات دولية لخدمة القضية

على الصعيد الخارجي، تمكنت قيادة الحزب الديمقراطي الكوردستاني من بناء شبكة علاقات دولية متوازنة، هدفها خدمة الإنسانية وعدم الإضرار بأي طرف، وفي الوقت نفسه إيصال صوت الشعب الكوردي وقضيته العادلة إلى العالم وتعريفه بها.

وكان لهذا الدور أثر بالغ في حشد الدعم الدولي لمواجهة أخطر تنظيم إرهابي عرفه العصر الحديث ، وهو داعش، حيث تصدّت قوات البيشمركة بقيادة الزعيم الكوردي رئيس الحزب الديمقراطي الكوردستاني ، مسعود بارزاني ، لهذه المعركة المصيرية، وقدمت للعالم نموذجًا في الشجاعة والإخلاص.

صمام الأمان

إن وجود الرئيس بارزاني على رأس الديمقراطي الكوردستاني وإخلاصه وتفانيه في سبيل قضية شعبه، جعل منه صمام الأمان لقضية الشعب الكوردي العادلة ، ورمز للثبات في زمن التحديات.

ان الرئيس بارزاني البيشمركة والمرجع ، وبرؤيته الثاقبة وحكمته القيادية، وضع الحزب الديمقراطي الكوردستاني في مصافي القوى السياسية المؤثرة على الصعيدين الإقليمي والدولي. وشهدت كوردستان تحت قيادته تطوراً كبيراً في كافة المجالات، مع التركيز على تعزيز الديمقراطية وروح الوئام والتضامن بين كل مكونات الشعب.
إن رؤية الرئيس بارزاني لم تقتصر على الحفاظ على مكتسبات الشعب في إقليم كوردستان فحسب، بل طمحت إلى بناء مستقبل مزدهر ومستقر لكل كوردستان.

إنجازات وإعمار

ورغم كل الصعاب، لا يمكن لأحد إنكار ما تحقق على أرض كوردستان ، من إعمار شامل وربط الإقليم بقافلة التقدم العالمي ، وإنشاء البنية التحتية في مختلف القطاعات والمجالات ، الصحية والتعليمية والزراعية والصناعية ، والاهم جعل كوردستان بيتًا آمنًا لكل من لا بيت له ، كما سعى ويسعى الحزب لبناء مؤسسات ديمقراطية في إقليم كوردستان، وإرساء قواعد الحكم الرشيد والشفافية.

تأريخ حافل

إن الحزب الديمقراطي الكوردستاني وعبر نهج البارزاني الخالد المؤسس والقائد ذو النظر الثاقبة للمستقبل البعيد وثورته، استطاع تبديد مشاعر عقدة النقص واليأس في وجدان الفرد الكوردستاني، ووحّد قوى وإمكانيات ومقدرات شعب كوردستان لمواجهة مؤامرات الشوفينيين الذين كانوا يتولون السلطة في العراق آنذاك، وأثبت في الوقت ذاته أن قرار تأسيس البارتي بالتعاون مع عدد من مثقفي وسياسيي شعبنا، كان ضرورة تاريخية ورداً على الظلم الذي مورس ضد الكورد بحرمانهم من حق تقرير المصير ومنعهم من الوصول لأهدافهم المشروعة.

ان الحزب الديمقراطي الكوردستاني باعتباره منظمة سياسية موسعة وحركة جماهيرية والنواة الجامعة لمقدرات شعب كوردستان، تمكن عبر تاريخه الطويل من أن يصبح المظلة الكبرى والجامعة لآمال وكفاح جميع الكوردستانيين على اختلاف فئات وشرائح المجتمع والانتماءات العشائرية والمناطقية وهوياتهم القومية والدينية والمذهبية، وفوق كل ذلك استطاع حشد الجميع حول هدف واحد وهو تحرير الوطن والحصول على حق تقرير المصير، ذلك الحق القانوني والدستوري المشروع لكل الشعوب والأمم.

وفي ذكرى تأسيسه التاسعة والسبعين ، سيبقى هذا الحزب وكما كان دائماً رائداً للكوردايتي، وفي طليعة الميادين، ثابت المواقف، ومدافعاً عن أرض وحقوق شعب كوردستان. فألف تحية إلى روح مؤسس الحزب ، الخالد مصطفى البارزاني ، وإلى إدريس بارزاني الحاضر دائماً في الذاكرة، وإلى جميع شهداء طريق الكرامة والحرية والتحرر لكوردستان. ونُجدّد العهد لأرواح الشهداء الطاهرة بأن نظلّ أوفياء لطريقهم، طريق الكوردايتي والوطنية، لصون المكاسب والإنجازات التي رُويت بدمائهم الزكية.

تُتاح هذه الصورة أيضا في: العربية

مقالات ذات صله

الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Copyright © 2021 by Lalish Media Network .   Developed by Ayman qaidi