أغسطس 17, 2025

Lalish Media Network

صحيفة إلكترونية يومية تصدر باشراف الهيئة العليا لمركز لالش الثقافي والاجتماعي في دهوك - كوردستان العراق

خيري إبراهيم كورو: من ينقذ الإيزيديين من الإيزيديين؟

من ينقذ الإيزيديين من الإيزيديين؟
خيري إبراهيم كورو

لم تكن الإبادة التي تعرض لها الايزيديون 2014 مجرد حملة قتل وخطف واغتصاب، بل كانت زلزالا ضرب كل شيء المجتمع ،الدين، القيم، وحتى سايكولوجية الإنسان الايزيدي. وكانت لها افرازات وتبعات خطيرة وهي مستمرة حتى هذه اللحظة. واحدى اخطر نتائج هذه الابادة هي انقسامنا، تمزقنا، تحولنا الى جماعات وفرق وتشكيلات، وكل مجموعة ترى في الآخر عدوا مؤجلا. فكل فريق يدعي امتلاك الحق المطلق، وأي تنازل يعد خيانة، وأي صوت مخالف هو مضلل او تابع.

صحيح ان في بداية الاحداث كان هناك تكاتف وتلاحم وتعاون ليس فقط على مستوى المعركة مع داعش بل حتى بين الايزيديين انفسهم في الداخل والخارج بمختلف توجهاتهم السياسية وفي مختلف مناطق تواجد الايزيديين، ولكن مع مرور الوقت تحولت المعركة من الدفاع عن الوجود الايزيدي إلى الدفاع عن المصلحة الشخصية او العائلية او العشائرية او المناطقية او الحزبية …وغيرها، ولكن بأسلحة وادوات مختلفة وهي الفيسبوك، اليوتيوب، التيكتوك، البيانات التحريضية، المؤتمرات والاجتماعات المريبة، وكلها تصب في خانة واحدة، رفع مستوى الصراع وتوسيع رقعة التشرذم الايزيدي.

ولنكن صريحين، هناك جهات خارج النسيج الايزيدي تغذى هذه الفوضى، وتصفق وتمول وتبارك هذا التشرذم، لأنها ببساطة لا تحتاج لبذل جهد في ضربنا، فقط علينا أن نستمر في ضرب بعضنا البعض. هم فقط يراقبون ويشعلون قليلاً من الحطب عندما نكاد نهدأ.

ولو تأملنا في تجارب شعوب وأقليات مرت بما مررنا به، فإن معظمها انتهت إلى سيناريوين، إما أن تتوحد في لحظة وعي تاريخية، أو تذهب إلى مصير محتوم وتحرق نفسها بنفسها، وبكل أسف، يبدو اننا نسير الى الطريق الثاني، ولا أحد يجرؤ أن يصرخ.. قفوا.

الصراع بين الرموز على الزعامة والنفوذ والمناصب يزداد حدة، وبين المثقفين يزداد خبثا، وبين الناشطين االتيكتوكيين والفيسبوكيين يتحول إلى هستيريا. كلهم يتحدثون باسم الشعب الايزيدي، ولكن لا أحد منهم مستعد أن يتنازل خطوة واحدة لأجل هذا الشعب.

والمؤسف أن هذا الصراع بدأ ينتقل تدريجيا من مربع التنافس إلى مربع الكراهية، ثم الى مربع التخوين، وقد اقترب جداً من مربع المواجهة، المواجهة التي لن يكون احد بمنأى عن عواقبها..هذه ليست نبوءة، ولا واحدة من توقعاتي، بل منطق التاريخ.

فهل نحن مستعدون لليوم الذي تصبح فيه خارطة وجودنا سواء في الداخل او الخارج الى خطوط تماس؟
هل ننتظر لحظة يعتدى فيها ايزيدي على إيزيدي آخر فقط لأنه “من الطرف الآخر”؟
اشك كثيراً أن هناك من يملك الشجاعة ليدق ناقوس الخطر، او يملك الجراة ليقول، كفى..
فمن ينقذ الإيزيديين من الإيزيديين؟
ربما… لا أحد.
لكن ربما، فقط ربما، إذا أدرك كل طرف أن خسارة الطرف الآخر ليست نصراً، بل هزيمة للجميع، عندها فقط يمكن أن نعيد كتابة هذه المقالة بأسلوب اخر اكثر تفائلا..

تُتاح هذه الصورة أيضا في: العربية

مقالات ذات صله

الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Copyright © 2021 by Lalish Media Network .   Developed by Ayman qaidi