يوليو 20, 2025

Lalish Media Network

صحيفة إلكترونية يومية تصدر باشراف الهيئة العليا لمركز لالش الثقافي والاجتماعي في دهوك - كوردستان العراق

قاسم مرزا الجندي: قصة سجود الملائكة أسطورة دخيلة على الديانة الإيزيدية وتشويه لفلسفتها

قصة سجود الملائكة أسطورة دخيلة على الديانة الإيزيدية وتشويه لفلسفتها

قاسم مرزا الجندي

فلسفة الديانة الإيزيدية تؤمن بتناسخ الارواح (كراس كهورين)، وهي نظرية دينية في الكثير من الأديان وخاصة في الديانة الايزيدية، وفي فلسفة الديانات الهندوسية والبوذية وغيرها، وهي عملية انتقال الروح بعد موت الإنسان الى عالم الارواح وتتجسد في روح شخص آخر، بطريقة ما بإرادة الخالق. بعد ذلك تنتقل الروح إلى جسد آخر في ولادة جديدة سواء كان إنسانًا أو حيوانًا أو كائنًا آخر.
فلسفة نصوص الديانة الايزيدية تشير الى تناسخ الارواح المرتبطة بالجسد والروح، وهي عملية روحانية لترقية الانسان عبر مراحل التناسخ لمرات عديدة يأتي الى الدنيا والى عوالم اخرى. لقد تشوهت فلسفة الديانة الإيزيدية بأساطير دخيلة.
هناك دراسة لعلماء العالم الغربي على بعض الظواهر التي تؤيد فكرة تناسخ الأرواح، يتركز على حالات الذكريات السابقة التي يدعيها بعض الأشخاص، حيث يتذكرون أحداثًا أو تفاصيل من حياة سابقة.
اما في الديانات الإبراهيمية (الإسلام، المسيحية، واليهودية) تؤمن بوجود الجنة والنار كأماكن للحياة الآخرة، حيث يتم مكافأة المؤمنين في الجنة وعقاب الكافرين في النار، يؤمن المسلمون بأن الحياة الآخرة المتمثلة في الجنة أو النار، وليست هناك حياة أخرى بعدهما. بمعنى آخر عندما يموت الإنسان ينتقل إلى عالم البرزخ، ثم يحاسب في يوم القيامة، ويُخلد في الجنة أو النار. لا يوجد مفهوم للعودة إلى الحياة الدنيا أو الانتقال إلى حياة أخرى بعد الجنة أو النار.
عندما خلق آدم، أمر الله الملائكة السجود له، حيث قام جميع الملائكة بتنفيذ الأمر باستثناء عزازيل كما يذكره بعض المصادر ، ووفقاً لبعض الروايات، يُنظر إلى رفض عزازيل لهذا السجود على أنه نجاح له في الاختبار الذي وضعه الله،. وفي اليهودية يشير سفر التكوين إلى أن إبليس وحده رفض السجود، مع مرور الزمن، تعرضت هذه القصة لتحريفات مختلفة.
وتقول بعض المصادر إن السجود هو لله فقط، ونجح الملاك في الاختبار… وايضاً هو الذي اخرج آدم من الجنة لكي يتكاثر البشر. الى اخر القصة، التي رواها وذكرها بعض من رواد المثقفين الايزيديين، ونسبت الى الايزيدية عبادة ذلك الملاك، وادت هذه الاستنتاجات الخاطئة الى تشويه فلسفة الديانة الايزيدية.
الفلسفة الايزيدية تؤكد ان الخير والشر يتواجد في نفس الانسان، وهي التي تحدد السيطرة على الاهواء وغرائز الانسان في اتجاه الخير، اما اذا لم يستطيع السيطرة على تلك النزوات والاغراءات فيصبح الانسان اسير تصرفاته البوهيمية ويكون في اتجاه الشر، فيأتيه عقاب من روحه الذي وهبها له الخالق، ولهذا السبب يقال إن الخير والشر منبعهما واحد، يأتي من عند الخالق للإنسان.
ان هذه القصة هي دخيلة على مبادئ وفلسفة الديانة الايزيدية، ولا يوجد نص ديني ايزيدي يذكر قصة السجود في الايزيدية، باستثناء القصص والروايات التي تتحدث في هذا الاتجاه، فهي قصص واهية ودخيلة على فلسفة الايزيدية، وإن روج لها بعض من رواد الثقافة الايزيدية. وقد ادخل الايزيدية في متاهة ايديولوجية
إن مسؤولية الانسان في الحياة كبيرة، لان الروح البشرية تنبع من بذرة إلهية، لكنها تدخل جسداً بشرياً، ويجب على الإنسان أن يكون صبوراً كي يصل إلى شعاع الحقيقية، وكل انسان مخير في اعماله الخيرة أو الشريرة. ويعتقد الايزيديين بأن الخالق في كثير من الحالات يعاقب الإنسان على أفعاله الشريرة في حياته وترتبط حالة الأمراض عند الإيزيدية بفلسفة ديانتهم على اعتبار المرض نتيجة عقاب الإنسان بسبب سوء أعماله .
عندما يموت الأنسان يتحلل جسمه المتكون من المادة في الطبيعة وحسب الظروف الطبيعية، هنا تحقق شروط قانون حفظ المادة، والانسان ليس متكون من المادة فقط، فهو متكون من الطاقة ايضاً، وهنا نسأل أين يذهب روح الأنسان النور(الطاقة) عند الموت.؟ حيث أن الطاقة لا تفنى ولا تستحدث بل تتحول من شكل الى آخر حسب قانون حفظ الطاقة.
إن المادة (التراب، الهواء ، الماء) الذي خلق منها الانسان يعود ثانية الى الارض بعد موت الانسان وتعيد الى دورتها الطبيعية، وبقاء الحالة الرابعة النور (الروح)، تلك الطاقة التي لا تنضب تغادر جسم الانسان وتذهب الى عالم آخر, ولا يمكن أن تجتاز عوالم كوكب الأرض إلا بفقدان المادة, وكما هو معلوم في الاتجاه الفلسفي للديانة الإيزيدية, وهو البعد الإيديولوجي والفلسفي بين الحياة والموت في الفلسفة الايزيدية، ويتهيأ تلك الروح بإرادة الخالق تتقمص في حسد اخر في ولادة جديدة، وهذا ما تحدده عمل الانسان في الحياة السابقة، وتأتي ذكر تناسخ الارواح في الكثير من النصوص الدينية الإيزيدية.
الحقيقة لا وجود لهذه القصة في النصوص الإيزيدية المقدسة، ان فكرة رفض “عزازيل” السجود لآدم هي أسطورة إبراهيمية دخيلة تتناقض مع جوهر العقيدة الإيزيدية. ان “طاووس ملك” هو الخالق، وليس ملاك حسب نصوص الديانة الايزيدية، إن إدخال هذه القصة الى التراث الايزيدي يعكس محاولات تاريخية لتشويه صورة الإيزيديين وربطهم بالملاك المتمرد.

تُتاح هذه الصورة أيضا في: العربية

مقالات ذات صله

الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Copyright © 2021 by Lalish Media Network .   Developed by Ayman qaidi