كردستان تتجه نحو الاستفتاء
ان حرمان الشعب الكردي من حقوقه القومية والإنسانية في إقامة دولته, بعد الاتفاقات والسياسات الدولية التي قسمت المنطقة وكردستان عقب الحرب العالمية الأولى, والدولة التركية وعقد اتفاقية لوزان مع الغرب التي بموجبها تم التخلي عن الحقوق القومية الكردية التي أقرتها اتفاقية سيفر عام (1920)إنها الضربة المؤلمة والموجه الى صميم القضية القومية الكردية, وضياع حقوق الشعب الكردي في أكثر من مرة بين الدول المتواجدة فيها الشعب الكردي, بسبب مصالح وسياسات أوربا(بريطانيا وروسيا والويلات المتحدة الأمريكية(وحلفائهما(تركيا وإيران) وعلى مر التاريخ كانت هناك سياسيات ومخططات متوجهة من الإمبراطوريات والأنظمة والحكومات في الشرقين الأدنى والأوسط , والتي ترى حسب مضامين استراتيجياتها التسلطية ومصالحها الأنانية والدكتاتورية , يجب ان يبقى الشعب الكردي في أجزاء منقسمة ومتفرقة في دول المنطقة, وهؤلاء يسعون بكل الإمكانات والسبل من اجل عدم وصول الأكراد الى الاستقلال وإقامة دولتهم. ولهذا نجدهم يتحركون دوما في المنطقة ضد أهداف وتطلعات الشعب الكردي وقيادته والتي طالما وقفوا ومنذ ألاف السنين ضد إرادة الشعب الكردي في نيل حقوقه القومية المشروعة في الوحدة والحرية والاستقلال. ولكن يبدو أن التاريخ والأحداث والفرص تتكرر في أكثر من مرة في التاريخ. وان الدول التي منعت بالأمس في إعطاء الكرد حقوقهم , نجد ان تلك الدول اليوم هي التي تدعم الشعب الكردي وقيادته في استرداد حقوقه المشروعة التي سلبت في السابق. وهكذا نجد ان التاريخ يعيد نفسه, إضافة الى الظروف والتطورات السياسية والاقتصادية التي تشهدها العلاقة بين كردستان وبغداد بعد تحرير العراق عام (2003) وصولا إلى التطورات والمتغيرات السياسية في العراق والمنطقة بعد عشر سنوات من هذه الإحداث , إضافة الى التطورات الإقليمية والإستراتيجية الدولية الجارية في المنطقة ، فضلا عن ما حققته كردستان العراق من تجربة مميزة وفريدة في البناء والتنمية وتطور الإقليم في كل المجالات السياسية وإلادارية والعسكرية, إلى درجة أنه تجاوز المركز وأصبح نموذجا متقدما في الأمن والنمو والتطور والتعايش الاجتماعي في المنطقة. رغم المعوقات والضغوطات السياسية التي تمارس ضد قيادة وتطلعات الشعب الكردي من قبل الدولة الفدرالية ومن قبل دول الجوار.
وان فكرة الحرية والاستقلال بدأ يدركه ويتفهمه الشعب الكردي ، وأن المرحلة القادمة ستكون مرحلة الحوار والاحترام المتبادل لآراء الشعب الكردي في قيام دولته. لان الاستفتاء هو حق شرعي يقرّها ميثاق الأمم المتحدة، وينص القرار ألأممي رقم (1514)الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة في(14ديسمبر 1960)وهو تصريح حول منح الاستقلال للأقطار والشعوب ، انه حق الشعوب في تقرير مصيرها بين البقاء تحت السلطة الأجنبية أو اختيار التحرر وبناء دولها بمقدراتها الخاصة. والقرار في بنوده واضح في عدم إخضاع الشعوب للهيمنة الخارجية والاستغلال الأجنبي يشكل انتهاكًا لحقوق الإنسان الأساسية. والمادة الثانية من هذا القرار يعطي الحق لجميع الشعوب في تقرير مصيرها بكل حرية , لإقامة نظامها السياسي الذي ترتضيه لنفسها. ومن هذا المنطلق تتجه آمال الشعب الكردي وقيادته الحكيمة نحو قضيته المصيرية في استفتاء للشعب الكردي وغيرهم في المناطق المتنازع عليها, أولا يختارون في هذه العملية الديمقراطية عائدية هذه المناطق سواء كانت الى المركز, أو العودة الى أحضان كردستان بحسب رغبتهم , كما أكدها للجميع وفي أكثر من مناسبة الرئيس مسعود البارزاني.
إذن الدعوة الى استفتاء عام يجري لهذه المناطق وغيرها وبمراقبة الأمم المتحدة , والتي يسعى إليها الرئيس مسعود البارزاني ومناقشتها في البرلمان الكردستاني , وإيجاد الحلول اللازمة لهذه العملية وفي إطار دولي . رغم محولات دول الجوار في ممارسة الضغوط السياسية والاقتصادية والاجتماعية والإقليمية على الشعب الكردي وقيادته للتخلي عن فكرة الاستفتاء والاستقلال , ورغم كل هذا وذاك فالرئيس البارزاني صرح للقيادات العراقية والإقليمية والدولية, إننا سنحمي وندافع عن حدود وشعب كردستان والنازحين إليها, ولن نتراجع عن حق تقرير مصير الشعب الكردي ابدا. لقد ان الأوان ان يتحرك قيادات الشعب الكردي بكل قوة وذكاء واستخدام وتجميع كل هذه القوى في تراص الصفوف نحو تحقيق الأهداف وتفعيلها نحو قيام الدولة الكردية, لان الفرصة آتيه والدولة الكردية قائمة لا ينقصها سوى الإعلان عنها. لأنه حق طبيعي ولابد ان يشعر ويتمتع به الشعب الكردي أن يكون له دولته المستقلة, أسوة ببقية الشعوب (العرب والأتراك والفرس)وبكل الأمم والشعوب والدول المستقلة في هذا العالم. وأن فكرة قيام الدولة الكردية بات أمرا واقعا وملموسا بصورة أكبر بعد أن سيطرت القوات الكردية(البيشمركة)على كركوك والمناطق الكردية الأخرى(المتنازع عليها) إضافة الى المستجدات والتغيرات التي حدثت والتي ستحدث في العراق , وانهيار الجيش العراقي بين ليلة وضحاها أمام مجموعات مسلحة اجتاحت المناطق والمحافظات السنية الشمالية الغربية من العراق, ولم يستطيع ان يصمد الجيش العراقي أمام هذه المجاميع المسلحة ساعة قتالية ميدانية واحدة.
وان تعاظم ثقافة وروح القومية الكردية في ظل التطورات التي تشهدها المنطقة نحو الاستقلال وإقامة الدولة الكردية، ومواقف الشعوب والدول الصديقة والمؤيد للقضية الكردية ودعمهم نحو قضيتهم في إقامة دولتهم. وكذلك الموقف التركي التي كانت من اشد المعارضين للحقوق الكردية وأنها كانت تنكر حتى وجود الكرد وتنفي هويتهم. ولكن حاليا ينحسر التيار الفكري الأناني الضيق فيها, ربما بسبب مصالح الدولة والشعب التركي في المتغيرات العالمية والاقتصادية في كردستان وربما ليس حبا بالشعب والقضية الكردية ، وأيضا هناك تحول ملحوظ في المواقف المختلفة لدول الجوار لان هذه الدول كلها منقسمة على نفسها في حروب طائفية ربما سيستمر لفترة طويلة . إذن ان هذه الدول منشغلة بمواضيعها وشأنها الداخلي, وان الأحداث تتغير في هذا العالم بشكل مستمر في تغيرات متسارعة في القوى الاقتصادية وظهور النفط في كردستان, والمصالح المختلفة للدول في المنطقة والعالم برمته , وثمة تأييد كبير في غاية الأهمية حدث في المواقف الشعبية والرسمية لجميع شعوب ودول العالم تجاه الشعب الكردي وحقوقه. إذن ان كل الأحداث تتجه وتشير الى تحقيق أماني وطموحات وأمال الشعب الكردي نحو تقرير المصير في استفتاء كبير يجري للشعب الكردي في احترام وتقدير واختيار حريته في تقرير مصيره في أقامة دولته المستقلة. وكل هذه العوامل والتطورات تعتبر عوامل مشجعة ودافعة وداعمة تسير جنبا الى جنب مع القضية الداخلية المهمة جدا في وحدة صف الشعب الكردي لكل أطيافه وأفكاره, ووحدة جميع القوى السياسية في الإقليم وتوسيع القاعدة الديمقراطية في واقع الحياة العامة في كردستان لتأسيس للدولة الكردية. عندها يتمتع كوردستان بجميع خصائص الدولة الاقتصادية القوية على كل أراضيها في مسالة استخراج النفط والثروات الطبيعية الأخرى وبيعها , ومن ثم تأتي بعدها الخطوة التحررية للشعب الكردي والتوجه والانطلاق نحو قيام دولته المستقلة على أراضي كردستان وبمباركة وتوجيه ودعم جميع دول وشعوب العالم .
قاسم ميرزا الجندي
2/7/2014 الأربعاء
تُتاح هذه الصورة أيضا في: العربية
