يوليو 23, 2025

Lalish Media Network

صحيفة إلكترونية يومية تصدر باشراف الهيئة العليا لمركز لالش الثقافي والاجتماعي في دهوك - كوردستان العراق

زهير كاظم عبود: جريمة مقتل الدكتور محمد بديوي

جريمة مقتل الدكتور محمد بديوي

زهير كاظم عبود

ليس فقط جريمة قتل الدكتور محمد بديوي ما تدفع الأنسان لأستنكار وقوع مثل هذه الجرائم التي يذهب ضحيتها مواطن ، لأنها تقع بين عراقيين اولا ، وثانيا ان اسبابها دائما انفعالات وتصرفات لاتنم عن حكمة وتروي وتعقل ، وثالثا هي خروج عن جميع الأعراف والقيم التي يستوجب ان يتحلى بها عناصر المفارز ونقاط التفتيش .

وفي الوقت الذي نستنكر الجريمة ونطالب بشدة اتخاذ الأجراءات القانونية بحق القاتل ، والوقوف على تفاصيل وحقيقة الأحداث مهما كانت صفة  الفاعل ، وفي أي مكان يعمل ، فالقانون ينبغي تطبيقه على الجميع ، ونحن متساوون امام القانون ، وليتحمل كل انسان وزر اعماله .

غير أن يتم استغلال وقوع مثل هذه الجريمة لإطلاق التهم والنعوت الرخيصة بزعم الدفاع عن المجني عليه ، وأن يتم استغلال الواقعة لإطلاق شحنات جديدة من الكراهية والبغضاء بين الشعبين الكوردي والعربي ، وأن يتم الصاق تهمة جريمة القتل بقوات البيش مركة العاملة في فيافي كوردستان العراق ، تلك امور بحاجة للتدقيق وإعادة القراءة .

اذ يجد البعض فرصتهم للتعبير عن مكنوناتهم وأمراضهم في كراهية شعب كوردستان بخلط الأوراق بدراية وتصميم وأحيانا دون ادراك وتعمد ، غير أن الأمر في كل الحالات يدفعنا للتأمل ، فهل حقا أن من اتهم البيش مركة لم يكن يعرف ان قوات الحرس الرئاسي في بغداد يرتبطون بالقائد العام للقوات المسلحة  ( رئيس الوزراء ) ، والذي دفعه الموقف الانفعالي ليصرح للأعلام بأنه ولي الدم باعتباره مسؤولا عن دماء العراقيين وتلك التفاتة جميلة لو كانت هذه المسؤولية تسري على جميع العراقيين ، وحسنا فعل حين اكد على أن القاتل يجب تسليمه للقضاء ، غير أن عبارة الدم بالدم اوحت للعديد من القراء والسامعين بأنها دعوة للثأر ، ولكن ممن هذا الثار واين محله ازاء تطبيق القانون واتخاذ الإجراءات القانونية ؟ ثم لماذا تغيب المسؤولية في حالات قتل ارتكبتها عناصر في  القوات المسلحة قبل هذه الجريمة ؟ .

وكان اللواء الأول قد قام باعتقال الضابط الذي ارتكب الجريمة حال ارتكاب الفعل ، وبادر لتسليمه الى الجهات القضائية والتحقيقية ، ولم تبدر اية ممانعة أو رفض للتسليم ، ولم يكن صحيحا اي محاولة لتهريب المتهم ، وكل ماتم تصويره لايعدو الا حلقة ضمن حلقات التجييش والكراهية ضد شعبنا الكوردي في العراق والأسباب غير مجهولة للمتفحص اللبيب .

لم تكن جريمة قتل الدكتور محمد بديوي الشمري لأسباب طائفية ، ولاعنصرية ، ولادخل لقوات البيش مركة بها ، ولاعلاقة لها بأقليم كوردستان العراق ، فقد وقعت من مواطن عراقي يعمل في الفوج الرئاسي في بغداد  بصفة ضابط ، وهو عنصر من عناصر القوات المسلحة العراقية ، ولكونه عسكريا وارتكب جريمة من الجرائم التي يحكمها قانون العقوبات العراقي فانه يخضع للتحقيق أمام قاضي التحقيق ، ومهما كانت تبريرات الفعل فأنه ارتكب فعل القتل ، وأن القضاء في بغداد هو المختص مكانيا بالتحقيق  والمحاكمة في هذه الجريمة .

وكان نائب رئيس الجمهورية خضير الخزاعي  قد وجه بتسليم الجاني والتحقيق معه وتقديمه للقضاء . كما أن رئاسة الجمهورية أصدرت فورا بيانا للرأي العام بينت فيها بأنها تستنكر فعل القتل وتطالب بتسليم المتهم الى المحاكم المختصة ، ثم أن هذا الفوج الرئاسي  التابع الى اللواء الأول  لايحمي مقر أقامة رئيس الجمهورية فقط ، انما يعمل على تأمين الحماية لمكاتب نائب رئيس الجمهورية و مكاتب ديوان رئاسة  الجمهورية  .

وفي الوقت الذي انطلقت فيه بعض الأصوات التي تريد النيل من البيش مركة والكورد بشكل عام حيث وجدت في هذه الجريمة فرصتها ، فأن تحرك بعض المسؤولين ازاء ماحصل واطلاق التصريحات الأعلامية لاينم عن الحكمة والتعقل والتروي ، ويعبر في ذات الوقت عن الأفلاس السياسي والحنكة والقدرة على مواجهة الأمور .

أن ولي الدم هو من يملك دماء الناس ، وهو من يقم بتنفيذ القتل في حال ادانة الجاني وفي حال تطبيق الحدود ، وتلك امور عفى عليها الزمن والتاريخ ، أما ان يكون هناك دستور وقوانين للعقوبات وقضاء مختص بتطبيق النصوص القانونية ويتمتع باستقلالية عن بقية السلطات ،  فهي وحدها الفاصل في العقوبة وليس رئيس الجمهورية أو رئيس الوزراء ولارئيس الاقليم  ولاأي من المسؤولين ، ونظرية الدم بالدم تعني بأن يكون الدم مسفوحا في حال ارتكاب جريمة الدم ، وهي عقوبة لاتفيد مسارات الحياة اليوم في العراق وتساند العقوبات القانونية الواردة في متن القوانين العقابية ، وهو القانون وحده الذي رسم انواع العقوبات حصرا .

ومرة اخرى نكون بحاجة ماسة الى اعمال العقل والتروي في التصريحات ، ونشعر جميعا اننا بحاجة الى استعادة تلك الأواصر والعلاقات المتينة بين جميع القوميات التي يتشكل منها شعبنا ، فالشراكة تعني الكثير  ، والاتحاد يعني العديد من الروابط والأصر ، ولن يتمكن اي متصيد في الماء العكر ان يخلط علاقاتنا ويفكك وحدتنا وشراكتنا التي قدمنا من اجلها الكثير من التضحيات .

 

تُتاح هذه الصورة أيضا في: العربية

مقالات ذات صله

الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Copyright © 2021 by Lalish Media Network .   Developed by Ayman qaidi