يوليو 22, 2025

Lalish Media Network

صحيفة إلكترونية يومية تصدر باشراف الهيئة العليا لمركز لالش الثقافي والاجتماعي في دهوك - كوردستان العراق

فوزي الاتروشي: مهرجان ” كلاويز ” الثقافي.. حاضنة ابداع ودعوة تلاقح

مهرجان ” كلاويز ” الثقافي.. حاضنة ابداع ودعوة تلاقح

فوزي الاتروشي

حين لا يكتفي المهرجان الثقافي بعرض النصوص وانما يستمر بطرح الاسئلة حولها ويستفز في المتابع رغبة المضي في البحث والتنقيب في النص, وحين يتحول المهرجان الى منبر للحرية الفكرية تتلاقى فوقه مختلف الافكار لتصل الى محصلات حضارية, فأن المهرجان لا يوصف بالحدث العابر وانما بالظاهرة التي تترك خلفها اثاراً وتداعيات ايجابية تتراكم في ذاكرة الانسان .
وهذا هو التوصيف الحقيقي لمهرجان ” كلاويز ” الثقافي في السليمانية في دورته الـ (17) التي حملت اسم الشاعر الكوردي الراحل ( شيركو بيكه س) احد رواد الشعرية الكوردية الحديثة والذي انعقد في الفترة (20- 25/11/2013) .
ان المهرجان شكل بحق نافذة كوردية على الثقافة في العالم, ونافذة عالمية على اتجاهات ومسارات الثقافة الكوردية, وبذلك حقق التلاقح الذي يمثل احد اسس التنمية الثقافية. كما ان كثرة الافكار الادبية والشعرية والفلسفية والسياسية التي طرحت ونوقشت فيه والقادمة من اصقاع شتى منح المهرجان صفة التنوع الثقافي القائم على روافد عديدة متأتية من بيئات مختلفة جغرافيا ً وفكريا ً, وهذا ما جسد الاساس الثاني لثقافة حضارية متفاعلة مع العالم ونفى به التنوع ضد ثقافة النوع الواحد. كان للثقافة الايرانية والعربية والفرنسية والكوردية حضورها المكثف والبارز على مدى الجلسات الصباحية والمسائية التي تألقت بحضور مكثف من الجمهور وبتفاعل مع المحاضرات, لاسيما وان الترجمة الفورية من اللغات الاخرى الى اللغة الكوردية كانت متقنة ومتواصلة مما ابعد الملل عن الجلسات وجعلها بمثابة برلمان ثقافي موسع على مدى خمسة ايام .
وكان الطرف الكوردي جادا في طرح آرائه وفي عرض نصوص من التراث الشعري والقصصي والفكري الكوردي, مما شكل نقلة نوعية في التعريف بثقافة شعب مازال يواصل التمدد والانتشار في العالم ثقافيا بعد ان تعرضت ثقافته وخصوصيته الى القمع والمنع والتشويه والتنكر على مدى عقود كثيرة لغاية تسعينات القرن الماضي, وهذا شكل جسرا من التواصل والدبلوماسية الثقافية الكوردية مع المحيط الاقليمي ومع العالم. والواقع ان هذا التواصل دشن منذ انشاء المنطقه الامنة الكوردية عام 1991 فكان مهرجان الجواهري الذي عملنا عليه في اللجنة التحضيرية مع المفكر والكاتب الكبير الراحل (فلك الدين كاكائي) ومجموعة من المثقفين الكورد وكان في حينها حدثا ً ثقافيا ً كبيرا ً في المنطقة التي كانت تعاني الحصار من قبل النظام السابق، واستمر بعدها سيل توافد المثقفين العراقيين والعرب على المنطقة التي اصبحت منبرا ً للحرية ولعمل كل المعارضين للدكتاتورية لحين سقوطها عام 2003 .
اللجنة التحضيرية لمهرجان ” كلاويز ” نجحت في توسيع رقعة المواضيع المطروحة, وفي توسيع اطار المدعوين اليه, مثلما انها لجأت الى طبع البحوث في كتب مطبوعة وتوزيعها فكانت الفائدة اعم واشمل, وصدور صحيفة يومية بعنوان (كلاويز نامه – نشرة كلاويز) ساهم بالتعريف يوميا ً بالحدث وبالاراء وفي استطلاع اراء الحاضرين.
وكان بحث الاستاذ (سعيد يقطين) حول ملحمة (مه م وزين) الشعرية الكوردية التي الفها الشاعر الكبير (احمدي خاني) موفقا ً في تسليط المزيد من الاضواء على هذا العمل الخالد الذي سبق للاديب (عز الدين مصطفى رسول) ان الف عنه كتابا ً كبيرا ً وشاملا ً بعنوان (احمدي خان الانسان والشاعر) شكل نافذة واسعة على حياة وسيرة واعمال هذا الشاعر وبذلك هيأ للقارئ العربي والمكتبة العربية فرصة التعرف على هذا الشاعر الواسع الانتشار في كوردستان وملحمة (مه م وزين) التي يتغنى بها كل كوردي اينما كان.
انتهى مهرجان ” كلاويز ” بأيـــــامه, ولكنه مستمر بتأثيره وتفاعلاته, وكان الكــــاتب والباحث (سيد علي صالحي) محقــــا ً حين قال (( الان بدأنا نتعرف على شعر شيركو بيكه س)). فاذا كان المهرجان قد حقق الاطلالة الجميلة على الثقافات العربية والفارسية والفرنسية, واذا كان قد حقق التعريف الواسع بشاعر كبير حصد جوائز عالمية مثل (شيركو بيكه س) شاعر الحرية الراقد في (بارك الحرية) واذا كان قد فتح اكثر من نافذة على التنوع والتعدد والاغناء فأنه اذاً اكثر من مجرد مهرجان, انه ظاهرة ثقافية متواصلة عاماً بعد عام كحاضنة ابداع وجسر تلاقح وتفاعل ثقافي مع العالم .

تُتاح هذه الصورة أيضا في: العربية

مقالات ذات صله

الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Copyright © 2021 by Lalish Media Network .   Developed by Ayman qaidi