تفاصيل مثيرة عن معركة طاحنة خاضها داعش شمال غربي الموصل
رووداو – الموصل: يروي مقدم برنامج “ريد لاين” الذي يُعرض على شاشة رووداو، هونر أحمد، قصةَ يومين أمضاهما في الجبهات الأمامية لمعركة تحرير الموصل، ويسرد هونر أحمد تلك القصة كما يلي:
اضطرت مجموعة من أهالي الموصل للسير مدةَ 5 ساعات من أجل الوصول إلى القوات العراقية شمال غربي الموصل، حيث كانت تسعى للوصول إلى اللواء 36 من الجيش العراقي في منطقة “الهليل”، وقبل مغيب الشمس وصلوا إلى هناك، حيث كان القادة العسكريون منهمكين بوضع خطط اليوم التالي، وجميع القوات كانت في حالة استعداد وتراقب المنطقة.
وصلت معلومات في تمام الساعة 9:00 مساءً بوجود تحركات لمسلحي داعش، فأصدر قادة اللواء الأوامر لدبابات “أمبرامز” باستهداف تحركات مسلحي التنظيم، وما هي إلا لحظات حتى قُضي على تلك التحركات.
وفي تمام الساعة 5:00 من فجر اليوم ذاته، بدأ الجنود بالاستعداد للقتال الذي لا يُعرفُ كم سيستغرق، وقد تناول الجنود وجبة الإفطار على عجل، وصدرت الأوامر بالاستعداد للهجوم على منطقة “المشيرفة”.
قبل أسبوع استلم هذا اللواء خطة السيطرة على المناطق المحيطة بتلعفر، ولكن الخطة تغيرت، وتم إرسال الجنود إلى داخل الموصل، لأن تنظيم داعش كان يسعى لفتح ممر له في ذلك الجانب بهدف تسهيل دخول مسلحيه إلى سوريا.
بدأ الهجوم على منطقة “المشيرفة” في البداية من خلال القوات البرية، وبعد ذلك دخلت المدرعات والدبابات إلى ساحة القتال بسبب وجود قناصين لتنظيم داعش.
الجنرال مصطفى، هو أحد قادة هذا اللواء، ويتحدث عبر اللاسلكي بشكل دائم مع قواته، ويعطيهم التعليمات، وقد كنا برفقة الجنود العراقيين في أحد المواقع، وكانت جميع تحركاتنا مُستهدفة من قبل قناصي داعش وقذائف الهاون، لقد كُشفَ موقعنا، وسقطت عدة قذائف هاون بالقرب منا.
في هذه الأثناء طلب الجنرال مصطفى من الجنود تحديد مواقع قناصي داعش، وكذلك المواقع التي جاءت منها قذائف الهاون، مشيراً إلى أن مسلحي تنظيم داعش لن يسمحوا لهم بحرية التحرك من أماكنهم.
مرت 4 ساعات منذ انطلاق الهجوم على هذه المنطقة، وتنظيم داعش لم يكن يسمح للمدنيين بالخروج منها، وقد فجر التنظيم سيارةً مفخخة بإحدى دبابات الجيش العراقي.
أجرى أحد قادة اللواء اتصالاً بقائد آخر في اللواء ذاته، وقال: “جواد أركان، كن حذراً، يُقال إن هناك سيارةً مفخخة”.
وبعد هذا الإنذار حاول الجنرال مصطفى الاتصال بـ”حيدر” عدة مرات عن طريق اللاسلكي، ولكنه لم يُجب، ولم يمضِ وقت طويل حتى شوهد دخان السيارة المفخخة التي انفجرت وهو يتصاعد عالياً، فاتصل الجنرال مصطفى بقائد آخر وقال: هذا التفجير حصل في موقع للأمريكيين.
وبعد 6 ساعات فتح الجيش العراقي طريقاً لهروب المدنيين منه، ولكن ذلك الطريق لم يكن مؤمناً ولا محمياً، وقد تمكننا من الوصول إلى أولئك الفارين من داعش، لقد كانوا 6 أطفال مع جدتهم وجدهم، حيث قُتل والداهما خلال المعارك ضد تنظيم داعش.
بعد مرور بعض الوقت، تمكن الجنود العراقيون من تحرير فتاة من قبضة داعش، وكانت قد أصيبت برصاص قناصة التنظيم، وقالت الفتاة: “لقد قتلوا كافة أفراد عائلتي، ونجونا أنا وشقيقتي التي لا أعلم شيئاً عنها الآن، وهي صغيرة جداً”.
كان القتال يزداد حدةً مع مرور الوقت، كما كان فرار المدنيين مستمراً أيضاً، وكانت القوات العراقية مستمرة في التقدم، فيما كان تنظيم داعش يستعد للتراجع، وغالبية منازل مسلحي داعش كانت تحتوي على فتحة خلفية بهدف الهروب من خلالها، وقد وصل الجنود العراقيون إلى منزل كان تحت قبضة تنظيم داعش، وأخذوا قسطاً من الراحة هناك.
بدأ تنظيم داعش بالتراجع، ولكن القناصين ظلوا في أماكنهم، وكذلك مدافع الهاون، وكانت الساعة تشير إلى 3:00 من بعد الظهر، فيما كانت المعارك مستمرة، كما كان الكثير من المدنيين يحاولون الفرار من تنظيم داعش الذي كان يمنعهم من ذلك.
كانت إحدى الفتيات تصرخ وتبكي بحرقة، وتقول: “نسأل الله أن ينتقم لنا منكم”، وكانت تلك الفتاة تبكي على والديها اللذين قُتلا على يد تنظيم داعش أثناء محاولتهما الفرار، وأضافت تلك الفتاة: “لقد كانت أختي الصغيرة تلعب معي، وكنا سعداء، فلماذا فعلتم بنا هذا؟”.
ويحاول المدنيون الفرار وسط ظروف صعبة للغاية، لدرجة أن الأمهات كُنَّ يتركن أطفالهن خلفهن.
كانت الشمس توشك على المغيب، فيما كانت المعارك والأعمال القتالية مستمرة، وقد وصل الجيش إلى داخل منطقة “المشيرفة” واستقرت فيها، إلا أن الخطة لم تُنجز بنسبةِ 100%، لأن تنظيم داعش كان يتخذ المدنيين دروعاً بشرية.
في اليوم التالي قرر قادة الجيش وضع خطة جديدة لسير العملية، والتي تلخصت في قصف مواقع تنظيم داعش بالطيران الحربي أولاً، ومن ثم قصفها بالمدافع، وبعد ذلك يبدأ الجنود بالتقدم براً.
كانت المعارك والعمليات القتالية عنيفة في اليوم الثاني أيضاً، وخلال اليومين شنَّ تنظيم داعش هجمات على الجنود العراقيين بـ8 سيارات مفخخة.
كانت معركةً عنيفة للغاية، ولكن في اليوم الثاني تمكن الجنود العراقيون من تحرير منطقة “المشيرفة” بالكامل من سيطرة تنظيم داعش.
ترجمة وتحرير: أوميد عبدالكريم إبراهيم
تُتاح هذه الصورة أيضا في: العربية
